عندما كان طفلًا كان ضعيفًا مريضًا ومصابًا بداء الربو الموهن، وبصره كان ضعيفًا للغاية، وجسمه نحيلًا بشكل مزعج ولم يكن والداه واثقين أنه سيعيش طويلًا. وعندما بلغ سن الثانية عشر قال له والده: "إنك تمتلك عقلًا ذكيًا، ولكنك لا تملك جسدًا قويًا وبدون مساعدة الجسم، لا يستطيع العقل الوصول لما يمكنه الوصول إليه، ولذلك فعليك أن تبني جسدك". وهذا ما بدأ بفعله الصغير حيث خصص وقتًا كل يوم في بناء جسده وعقله معًا، وظل يفعل هذا الأمر باستمرار طوال حياته، فكان يمارس التدريب بالأثقال والمشي لمسافات طويلة والتزلج على الجليد والصيد والتجديف وركوب الخيل والملاكمة. لقد كان أكثرالرؤساء الأمريكيين قوة جسديًا وذهنيًا إنه الرئيس"روزفلت". وبعدما كبر ونضج قال واصفًا نفسه: "عندما كنت طفلًا كنت عصبيًا وجبانًا ولكن من خلال من القراءة عن الأشخاص الذين أشعر اتجاههم بالإعجاب ومن معرفتي لوالدي، كنت أُكن إعجابًا هائلًا للأشخاص الشجعان الذين يستطيعون أن يؤكدوا ذاتهم في هذا العالم، وكانت لدي رغبة هائلة في أن أكون مثلهم". وعندما تخرج من جامعة هارفارد، وأصبح مستعدًا لدخول عالم السياسة كان قد وضع قدمه على الطريق الصحيح ليصبح واحدًا من هؤلاء الأشخاص الذين كان معجبًا بهم. والحقيقة أنه لم يصبح قائدًا عظيمًا بين عشية وضحاها بل كان طريقه يسير ببطء ولكن بنمو مستمر، وأثناء تقلبه في العديد من المواقع المختلفة بدءًا بمنصب رئيس لشرطة نيويورك سيتي وحتى رئاسته الولاياتالمتحدة ظل يتعلم وينمو ويحسن من قدراته بشكل مستمر ومع مرور الوقت أصبح قائدًا بارعًا. وعندما شكك بعض الناس في قدرة "روزفلت" على القيادة- منذ أصبح رئيسًا لأول مرة بعد اغتيال "ماكينلي"- خاض حملة الرئاسة بعد ذلك وتمت إعادة انتخابه بأكبر نسبة أغلبية حصل عليها رئيس حتى عهده. إن قائمة إنجازات "روزفلت" مثيرة للإعجاب بحق؛ ففي ظل قيادته أصبحت الولاياتالمتحدة قوة عالمية. لقد ساعد أمريكا على بناء أسطول بحري من الدرجة الأولى، وأشرف على بناء قناة بنما، وشارك في مفاوضات السلام بين روسيا واليابان، وفاز بجائز نوبل للسلام بسبب ذلك. وحيث إن "روزفلت" كان دائمًا رجل أفعال فعندما أنهى فترة رئاسته الثانية عام 1909 سافر على الفور إلى إفريقيا حيث كان قائدًا لبعثة علمية يرعاها "معهد سميث سونيام" وفي عام1913، كما اشترك في قيادة مجموعة لاستكشاف نهر الشك في البرازيل، والذي لم يكن أحد قد استكشفه من قبل، وقد قال عن تلك الرحلة إنه لا يستطيع تفويتها: "لقد كانت تلك هي فرصتي الأخيرة لكي أعود صبيًا" كان حينها في الخامسة والخمسين من العمر. وفي 6 يناير 1919، وفي منزله في نيويورك مات "ثيودور روزفلت" أثناء نومه وحينها قال نائب الرئيس "مارشال": "كان من المحتم أن يأتيه الموت وهو نائم؛ لأنه لو كان مستيقظًا لصارع الموت طويلًا". وعندما حملوه على سريره وجدوا كتابا تحت وسادته لقد كان "روزفلت" مستمرًا في تعليم وتحسين نفسه حتى الرمق الأخير. إن بداية الرئيس "روزفلت" مع الضعف والمرض تشبه حياة الكثير منا، ولكن النهاية التي سعى لها لتكون خاتمة حياته تختلف كثيرًا من حيث حجم ونوع الإنجازات التي حققها؛ والسر في ذلك أنه امتلك طموحًا عاليًا وسعى لتطوير نفسه وتحسينها باستمرار لتحقيق طموحه ولم يقف مكتوف اليدين يشتكي القدر ويندب سوء الحظ. فالتوكل على الله وامتلاك الروح الطموحة والإصرار على تطوير الإنسان ذاته وتحمل صعوبات ذلك وبذل الجهد والطاقة لا شك أنه من أسباب التغلب على المعوقات والنجاح في تحقيق الأهداف. فإحسان الإنسان ظنه بربه وجمعه بين التفاؤل والتطوير المستمر لذاته والإيمان بنفسه جدير بجعله يحقق طموحاته ويترك لنفسه بصمه مميزة في هذا العالم. فالنجاح حقيقة هو قرار، فإذا اتخذ الشخص قراره بتحقيق طموحاته واستعد لدفع الثمن وتحمل المصاعب في هذا السبيل فإنه بإذن الله سيرى طموحاته وأحلامه الجميلة تتحول إلى واقع ملموس ماثل أمام عينه. يقول الشاعر: إذَا مَا طَمَحْتُ إلِى غَايَةٍ ***** رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ***** وَمَنْ يَسْتَلِذّ ُرُكُوبَ الخَطَر وَمَنْ تهيبَ صُعُودَ الجِبَالِ*****يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَر