امتنع الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" والدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامي باسم الجماعة عن الرد على أسئلة نيابة أمن الدولة العليا لدى مثولهما أمامها أمس مع قيادات وأعضاء الجماعة الذين اعتقلوا فجر يوم الاثنين. وقررا مقاطعة التحقيقات، وأرجعا ذلك إلى أن الاتهامات التي وجهتها النيابة لهما مكررة وحوكما بها عدة مرات، وقال العريان أمام النيابة إن هذه الاتهامات سبق وأن حوكمنا بها ومثلت للتحقيق لمدة 200 ساعة خلال السنوات الماضية، وقد تعرض لعقوبة السجن أمام المحكمة العسكرية في عام 1995 بالسجن سبع سنوات، وبالتالي يرى أنه لا يوجد أي مبرر لكي يدلي بأقواله بشأنها مرة أخرى. وكانت مشادات عنيفة وقعت بين هيئة الدفاع عن قيادات "الإخوان" الذين اعتقلتهم مباحث أمن الدولة فجر الاثنين وبين النيابة بعد أن منعت المحامين من الدخول مع موكليهم إلى غرفة التحقيق، وتدخل المستشار هشام بدوي المحامي العام لنيابة أمن الدولة لإنهاء الأزمة، وطالب من النيابة السماح لهيئة المحامين بحضور التحقيقات مع موكليهم. وكانت أجهزة الأمن وجهت ضربة عنيفة للجماعة عندما اعتقلت فجر الاثنين 16 من رموز الجماعة منهم ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد، و12 من أعضاء مجلس الشورى ومسئولي المكاتب بالمحافظات، من بينهم الدكتور محمود عزت نائب المرشد والدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد والدكتور عبد الرحمن البر مفتي الجماعة. إلى ذلك، حث الدكتور عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة "كفاية"، جماعة "الإخوان المسلمين" على تبني استراتيجية جديدة في ظل الضربات الأمنية المتتالية التي توجه إليها من وقت لآخر، وآخرها حملة الاعتقالات فجر الاثنين التي شملت ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد من بينهم الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام. وقال قنديل ل "المصريون"، إن الاعتقالات الأخيرة أكدت أن سياسة النظام لن تتغير تجاه الجماعة سواء أخذت جانب التشدد أو الاعتدال، مؤكدا أن رأيه هذا كان مثار نقاش مع بعض قيادات الإخوان، حيث دعاهم إلى تبني سياسة مغايرة تجاه النظام لكنهم لم يستجيبوا لرأيه، معلقا بقوله: "هم أحرار". ورأى أن التناقض بين النظام والإخوان وصل إلي حدود فيزيائية وليست سياسية بمعنى أن الحكومة تتعامل مع الجماعة كما لو كانت مزاحمة في الأتوبيس- على حد تعبيره- معربا عن اعتقاده باستمرار ما وصفها بالمحاولات الحكومية اليائسة لتصفية قيادات الجماعة، لكنها لن تنجح في مسعاها، لأن "الإخوان المسلمين" حقيقة اجتماعية سياسية تنظيمية واسعة النطاق واسعة التغيير. وقال إن حملة الاعتقالات الأخيرة سوف تزيد من موجات التعاطف الشعبي مع "الإخوان"، رابطا بينها والانتخابات البرلمانية القادمة، حيث قال إن النظام يريد أن يصفي الجهاز التنظيمي للجماعة حتى ينهكها في إطار التوجه لتصفية التواجد البرلماني للجماعة، متوقعه في حال رشح أحد الإخوان نفسه أن ييتم إسقاطه بالتزوير. ولا يتوقع قنديل أن يكون للجماعة أي رد فعل عملي سوى الاستمرار في سياستها الحالية والاكتفاء بالتنديد وعدم إبداء نوايا تجاه التصعيد، وان كان يلمس تحسن في موقف الجماعة بعد إصدارها بيان بشان تلك الاعتقالات أكدت فيه على استمرارها في العمل بكل السبل السلمية لإطلاق الحريات العامة. وأكد أن تحقيق هذا رهن ب "إطلاق سراحنا" من النظام القائم والتسليم بان تغيير الدستور مرتبط بتغير النظام، داعيا "الإخوان" إلى الالتفات لهذا الأمر، وتساءل عما إذا كان لديهم استعداد لإدراك حقيقة أنه لم تعد خوض الانتخابات مجدية أو مفيدة في إصلاح هذا النظام وإدراك فكرة أن تغيير أي شي في هذا البلد يعني بالأولوية تغيير النظام؟ من جانبه، اعتبر الدكتور عمرو الشوبكي الخبير في شئون الحركات الإسلامية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام" أن حملة الاعتقالات تأتي في إطار المسلسل المتكرر من جانب الحكومة تجاه "الإخوان" قبل أي انتخابات أو استحقاقات سياسية كبري، مشيرا إلى توقيتها المفاجئ، لأنه كان هناك توقع بأن الدولة بعد انتصار وسيطرة التيار الدعوى المحافظ على الجماعة أن يكون هناك هدوء نسبي مع النظام، بخاصة بعد التصريحات التصالحية من جانب المرشد الجديد الدكتور محمد بديع. وربط بين الاعتقالات الأخيرة وتصريحات الدكتور عصام العريان المتحدث باسم الجماعة وأحد المعتقلين، التي أعلن فيها عن رغبة الجماعة في التحالف والتنسيق مع قوى المعارضة ضد الحزب "الوطني" في الانتخابات البرلمانية القادمة، وهو ما كان له اكبر الأثر في أن يتنبه النظام إلي أن الجماعة لن تلتزم بالمجال الدعوى والذي تتسامح معها فيه. واستدرك قائلا: بالرغم من هذا كله إلا أن النظام لن يصل في مواجهته للجماعة إلي حد القضاء عليها أو تفكيكها، وأنه لن يكون هناك أيضا أي ردود فعل من جانب الجماعة تجاه تلك الحملات لأنها في وضع ضعيف لا يسمح لها بالتصعيد تجاه الحكومة، وأن فكرة المواجهة تعتبر خارجة عن أدبيات الجماعة. ولا يتوقع الشوبكي تحرك "الإخوان" على الأرض في مواجهة الاعتقالات الأخيرة، متوقعا أن يكون رد فعل الجماعة هو الدعاء من أجل انقشاع الأزمة، لافتا إلى حرصها على عدم الدخول في مواجهات سياسية عنيفة مع النظام، وأن الأولوية لديهم تتمثل في بقاء الهيكل التنظيم للجماعة أو ما اسماه ب "التنظيم القطبي".