انتقد الباحث القبطي هاني نبيل أسلوب المعالجة الأمني لحادثة اغتصاب طفلة مسلمة على يد شاب قبطي في أبو تشت في نوفمبر الماضي، الذي كان دافعا لارتكاب هجوم نجع حمادي الذي أسفر عن مقتل 6 أقباط وشرطي مسلم عشية عيد الميلاد، قائلا إن أجهزة الأمن لم تعامل إزاءها باعتبارها قضية جنائية وإنما تم التعامل معها من منظور طائفي، وهو ما دفع الإعلام لوصف حادث نجع حمادي إنه حادث ثأري في حين أن الثأر في الصعيد يكون شخصيًا وليس بالوكالة أو بالاستئجار، واتهم في الوقت ذاته الكنيسة قائلا إنها أسهمت في قوقعة المسيحيين واختزال أمورهم في يد البابا شنودة. ووصف نبيل في تصريحات لبرنامج "مانشيت" على فضائية "أون تي في" التغطية الإعلامية لحادثة نجع حمادي بالمنقوصة، مشيرًا إلى أنه إذا كانت هناك معلومات صحيحة تم نقلها، إلا أنها ضاعت وسط كم هائل من المغالطات، كما أن الصحف انقسمت حول دور البرلماني عبد الرحيم الغول، نائب نجع حمادي، فضلاً عن أن كافة وسائل الإعلام تعاملت مع الحادث على إنه رد فعل على حادثة اغتصاب فتاة مسلمة، دون النظر إلى أي أسباب أخرى. وعن دور لجنة الحريات الدينية التابعة للكونجرس الأمريكي التي زارت مصر في التحقيق في الحادث، قال إن اللجنة تقوم بزيارة دورية ثابتة، وتصادف موعد زيارتها عقب أحداث نجع حمادي بأيام، موضحًا أنها ركزت على الخلاف الدائر بين النائبة جورجيت قلينى والنائب عبد الرحيم الغول، وتضارب تصريحات أسقف نجع حمادي، موضحا أن مصادر تلك اللجنة هو ما ينشر في الصحف ووسائل الإعلام. لكنه اعتبر أن ما حصل يحدث داخل أي مجتمع وليست مصر استثناء، وأضاف: "مش عايز نخاف من حد وإحنا مش على رأسنا بطحة، وكافة المجتمعات تعانى من مشكلات، وكل خلافي مع النظام المصري هو عدم اتخاذ إجراءات. لكن أعتقد ان إحالة قضية نجع حمادي إلى محكمة أمن الدولة العليا عليا كان إجراء سليمً"، مؤكدًا ثقته في القضاء المصري رغم تخوف عدد من الأقباط من أن ينتهي الأمر على اعتبار الجناة مختلين عقليً، لكنه أبدى تخوفا من بطء إجراءات التقاضي، مطالبا بسرعة محاكمة أي مواطن مسيحي أو مسلم يثبت تقصيره في أي شيء، وذلك حفاظاً على قيمة المواطن المصري. ورداً على سؤال حول مقارنة وضع الأقباط في عهد الرئيس حسني مبارك بوضعهم في عهد الرئيسين الراحلين أنور السادات وجمال عبد الناصر، قال إنه كان يظن إن عصر الرئيس عبد الناصر كان عصر التكامل، إلا أنه في الواقع أنه كان هناك تكميم للأفواه سواء كانت قبطية أم مسلمة، وإنه من الخطأ قياس وضع الأقباط آنذاك بأنه كان جيدًا لمجرد أن علاقة البابا كيرولس وعبد الناصر كانت متينة، معربا عن اعتقاده بأنه لو كان البابا شنودة في منصب البطريرك وقتاه الناصر لوقعت أزمة ربما كانت ستفوق أزمة عام 1981 مع الرئيس السادات. وأضاف أن الفارق بين عهد الرئيس مبارك وعهد الرئيسين السادات وناصر هو أنه قديماً كانت أوضاع الأقباط تتأثر بالعلاقة الشخصية بين رأس الكنيسة ورئيس الدولة، فكانت الأوضاع جيدة في عهد عبد الناصر لأن علاقته "الشخصية" بالبابا كيرولس كانت جيدة، بينما كانت أوضاع الأقباط مضطربة في عهد السادات لأن علاقته بالبابا شنودة كانت غير جيدة، أما عهد مبارك فاتسم بالعلاقة المؤسسية أي علاقة النظام بالأقباط، مؤكداً أن وضع الأقباط حالياًَ بكل مشكلاته هو الأفضل على الإطلاق، وأشار إلى أن العلاقات المؤسسية تظل أفضل كثيراً فهي بعيدة عن الأهواء الشخصية. واعترف بأن القبلات في المناسبات بين الشيوخ والقساوسة والمشاعر الإيجابية التي تجمعهم بل يتم نقلها للجانبين في خطب الجمعة وقداس الأحد، مشيراً إلى أنه غالباً لا يحدث ذلك، وأنه "حينما تحدث أي حادثة طائفية آخر ناس بتتكلم هم رجال الدين في الجانبين، وفى نفس الوقت أيضًا يقومون بتسريب معلومات في الخفاء، وحينما يخرجون للحديث في العلن يبادرون باجتهادات رأي وليس معلومات"، مدللاً على ذلك بتصريحات البابا كيرولوس في حادثة نجع حمادي التي انقلبت تماماً، وأضاف أن هناك افتقادا لرجل الدين القادر على التحدث مع الإعلام، ولا يوجد سوى اثنان أو ثلاث أفراد في الجانبين المسلم والمسيحي دون ذكر أسمائهم، وكثرة حديثهم للإعلام خلق هجوم داخلي ضدهم. وحول المطالب بتجديد الخطاب الديني للجانبين المسلم والقبطي، قال إن المقصود بتجديد الخطاب الديني ليس مقصودا به إحداث ثورة، وإنما المطلوب هو العودة لأصول الدين والعقيدة في الجانبين، والرجوع للدور المجتمعي، والبعد عن السياسة، متهما المؤسسة المسيحية بأنها أسهمت في قوقعه المسيحيين واختزال أمورهم في الكنيسة وشخص البابا شنودة، وجعلت أي مشكلة تواجههم لا حل لها إلا بالرجوع للكنيسة، كما أن وسائل الإعلام كان لها دور، حيث صورت للأقباط أن اللجوء لمجلس الشعب أو أي جهة حقوقية سيضرهم أكثر مما يفيدهم. وفيما يخص جانب الإسلامي، فإن المشكلات التي تعانيها المؤسسة الدينية خلقت ما يعرف بشيوخ الفضائيات وفوضى الفتاوى, وأصبح هناك تصدير للشعارات الدينية حتى في كره القدم. وعن المواطنة، قال الباحث القبطي إن هناك خلطا شديدا حيث أن المواطنة تعنى التساوي بين المصريين جميعاً، واختزالها في أنها مساواة بين مسلمين وأقباط خطأ جسيم، مشيراً إلى أن من ينشر خبر عن إنقاذ قبطي لمسلم أو العكس، وهو يظن انه بذلك يدافع عن المواطنة خاطئ، لأن من يعتزم إنقاذ شخص من خطر لا يعرف في البداية هل هذا الشخص مسلم أم مسيحي. وأضاف أن حل أوضاع الأقباط من خلال قرارات لن يجدي، ولكن لابد من بدء حل الأزمة بالفكر والقانون، فمن السهل أن يتخذ الرئيس قرارا بعدم التميز ضد الأقباط، ومن السهل أيضاً أن يأتي من يوقف هذا القرار مستقبلاً.