كل ما تريد معرفته حول أسعار الدولار اليوم في البنوك    وزير الصناعة أمام النواب: مفيش حد هياخد أرض ويسقعها.. ولن أترك مصنع مغلق    نعيم قاسم: حزب الله صامد وتجاوزنا الضربات المؤلمة    ضبط 23 طن دقيق مدعم بحملة تموينية    تفاصيل لقاء رئيس جامعة القاهرة ومحافظ الجيزة لبحث التعاون المشترك    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات الثلاثاء    محافظ القليوبية يتفقد مشروعات الرصف ومنظومة النظافة بشبرا الخيمة    إجراء حكومي جديد بشأن التصالح علي أراضي جهات الولاية المختلفة ومال الوقف    طرح شقق دار مصر في 3 مدن جديدة    بدء تجربة طوارئ كبرى في مطار القاهرة (صور)    رئيس الكنيسة الأسقفية يشارك في ندوة "الفتوى وبناء الإنسان" بدار الإفتاء    رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن عن تشكيل الفريق الوطني لإعادة إعمار غزة    يورتشيتش: بيراميدز يحترم كل منافسيه في دوري الأبطال.. ولا أعرف الكثير عن دجوليبا وساجرادا    سكاي: فرانكفورت يريد تمديد عقد مرموش.. وموقفه من العرض    فيفا يعلن عقوبة كبيرة على كنو لاعب المنتخب السعودي    مستاء من المتاجرة بمرضه.. محامي مؤمن زكريا يكشف آخر التطورات "واقعة السحر" | فيديو    السيسي: القوات المسلحة قوة رشيدة وهى جزء من الشعب    جثتان و12 مصابا في تصادم مروع بين أتوبيس وسيارتين بالشرقية    المتهم بهتك عرض فتاة في السلام: فكرت وضع والدها أمام الأمر الواقع    محافظ القاهرة يشهد ندوة «الفتوى وبناء الإنسان» ضمن فعاليات مبادرة بداية    وزير الثقافة يتفقد مركز تنمية المواهب بالأوبرا ويشيد بأداء فصل التدريب على آلة القانون    عالمان أمريكيان يحصدان جائزة نوبل للطب لعام 2024- ماذا فعلا؟    سلمى أبو ضيف تنشر صورًا جديدة.. والجمهور يعلق: "أجمل مامي"    "زيادة وزن وتنمر".. كندة علوش تتصدر تريند جوجل لهذا السبب    الصحة تطلق ورشة تدريبية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لتعزيز سلامة المرضى    وكيل صحة الدقهلية يشهد انطلاق فعاليات الدورات التدريبية لمقدمي المشورة الأسرية    جامعة القناة تطلق قافلة شاملة إلى جنوب سيناء ضمن احتفالات نصر أكتوبر (صور)    توتر متصاعد بين الأهلي واتحاد الكرة بسبب حكام مباريات السوبر المصري في الإمارات    الخميس المقبل.. "من انتصارات حرب أكتوبر إلى إنجازات الجمهورية الجديدة" بعين شمس    تباين أسعار الحديد والأسمنت في مصر: تراجع الأسمنت وزيادة أسعار الحديد    عاجل - الرئيس السيسي: موقف مصر ثابت ولا يتغير تجاه القضية الفلسطينية    مكتبة الإسكندرية تنظم احتفالية "أرشيف القاهرة" ببيت السناري    الأرصاد: طقس بارد ليلًا ولا عودة للأجواء الحارة مرة أخرى    المتهم بقتل الطفلة السودانية «جانيت» يصل مقر محاكمته    أطباء بريطانيون متطوعون في غزة يحذرون من انهيار "كارثي" للنظام الصحي    قائد الجيش الثاني الميداني ل الرئيس السيسي: جاهزون لتنفيذ أي مهام نُكلف بها    وزير الدفاع الكوري الجنوبي: من المرجح أن ترسل كوريا الشمالية جنودها إلى أوكرانيا لدعم روسيا    7 معلومات عن ابنة إيمان العاصي بعد ظهورهما في «صاحبة السعادة».. لاعبة كرة    الأمم المتحدة: أوامر الإخلاء الإسرائيلية لا تحمى سكان غزة لعدم وجود أماكن آمنة    "وضعتها بمكان سرى".. اعترافات المتهمة بتهريب عملات أجنبية بمطار القاهرة    مسئول أمريكي: الصين لا تسعى للتأثير على الانتخابات الرئاسية في بلادنا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المكسيكي تطورات مقتل 3 مصريين في حادث إطلاق نار    حسام حسن يستدعي محمود صابر لتعويض غياب دونجا في معسكر منتخب مصر    فريد زهران: دعم التحالف التقدمي العالمي للقضية الفلسطينية وإسقاط عضوية إسرائيل انتصار للضمير الانساني    لماذا توصي الولايات المتحدة مواطنيها بعدم السفر إلى رواندا؟    تعرف على الأوراق المطلوبة لتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي    «متاح التسجيل الآن» رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2024    رئيس "دينية الشيوخ": مبادرة "بداية" محطة مضيئة على طريق وطننا العزيز    على طريقة غراب هابيل قابيل، تفاصيل قتل فلاح لشقيقه الأكبر بطوبة ودفنه في فسحة منزله بأسيوط    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    مفتي الجمهورية الأسبق يكشف عن فضل الصلاة على النبي    هل يوجد إثم فى تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    "كنا نقدر ولكن".. أمير توفيق يوضح حقيقة اقتراب بنشرقي من الأهلي    منير مكرم يكشف آخر التطورات الصحية لنشوى مصطفى: عملت دعامات وخرجت من المستشفى    رياضة ½ الليل| 76 ركلة جزاء بين سموحة والزمالك.. الأبرز    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    «أحمد» يحول بدلة تحفيز العضلات إلى علاج لزيادة قدرة التحمل: تغني عن المنشطات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوة الداخلية
نشر في المصريون يوم 01 - 05 - 2013

لو رأيتها ربما لم يكن انطباعك الأول عنها هو الاحترام؛ لأنها لم تكن امرأة ذات مظهر جذاب؛ فطولها لا يتجاوز الخمس أقدام إلا قليلًا، وهي في نهاية الثلاثين من العمر، وذات بشرة بنية داكنة ولم تكن تقرأ أو تكتب، وكانت الملابس التي ترتديها خشنة وبالية، وعندما تبتسم كان يظهر بوضوح أن ثنيَّتيْها ساقطتان.
كانت تعمل في معظم الوقت في وظائف الخدمة في فنادق صغيرة: تمسح الأرضيات، وترتب الغرف، وتطهو. ولكن في ربيع وخريف كل عام تقريبًا كانت تختفي من مكان وظيفتها وتعود مفلسة وتبدأ العمل مرة أخرى لتجمع أي قدر صغير تستطيع جمعه من المال.
قد لا يحترم كثير من الناس امرأة مثل هذه ولكن هناك أكثر من ثلاثمئة إنسان كانوا يرزحون في قيود العبودية تبعوها بالهروب من جنوب الولايات المتحدة إلى شمالها في سبيل الحرية. لقد أدرك هؤلاء قيمتها واحترموا قدرتها وكذلك فعل كل مناهض للعبودية في نيو إنجلاند ويرجع ذلك لما تمتلكه من رباطة جأش تُمِدها بالشجاعة والثبات في المواقف الصعبة ولما تمتلكه من الصلابة النفسية التي تعطيها القوة لتحمل الضغوط الكبيرة وتدفعها لاقتحام المغامرات الخطيرة.
كان هذا العام هو 1857 وكان اسم المرأة «هاريت توبمان» غير أنها عندما كانت في الثلاثينيات أصبحت تسمى المحررة بسبب قدرتها على دخول أرض العبودية وإخراج العديد من أفراد قومها من قيود الرق. وفي سن الرابعة والعشرين تحدثت مع زوجها عن الفرار إلى الحرية في الشمال، ولكنه لم يكن ينصت إليها وهددها إن هي حاولت الرحيل فسيعرف كيف يعيدها. ولكنها كانت تقول: «هناك واحد من شيئين لي الحق فيهما: الحرية أو الموت. فإذا لم أحصل على الأول فسأحصل على الأخير، فلن يتمكن إنسان من الإمساك بي حية وسأُقاتل من أجل حريتي طالما كنت أتمتع بالقوة».
ورغم أنها أصبحت هي نفسها حرة فقد تعهدت بالعمل على تحرير من يريد ذلك من قومها مع أن مجرد اتخاذ قرار فرار الشخص بمفرده يعتبر شيئًا خطيرًا يعرض صاحبه لصنوف التعذيب التي قد تنتهي بالموت فكيف بقرار الفرار بالآخرين وتحريرهم؛ فهو قرار يحتاج لقوة قلب ورباطة جأش ومع ذلك اتخذته «توبمان» وفي عام 1850 قامت بأول رحلة باعتبارها عضوًا ناشطًا في شبكة تقوم بمساعدة الراغبين في الحرية.
كانت في كل صيف وشتاء تعمل كخادمة لجمع المال الذي يخدم هدفها وفي كل ربيع وخريف تخاطر بحياتها بالذهاب جنوبًا والعودة بمزيد من العبيد إلى الحرية. كان عملها شديد الخطورة بحق وكانت تعلم أن العبيد الفارين الذين يعودون ويتم الإمساك بهم سيتعرضون للضرب والتعذيب حتى يبوحوا بمعلومات عن أولئك الذين ساعدوهم؛ لذا فإنها لم تسمح أبدًا لأي شخص تقوده بالاستسلام فإذا رأت عبدًا مرتعد الفؤاد يريد الاستسلام تقف قوية كالفولاذ وتصوب مسدسًا نحو رأسه وتقول: «الموتى لا يروون القصص: إما أن تكمل الطريق وإما أن تموت».
وبين عامي 1850 و1860، أرشدت «توبمان» أكثر من ثلاثمئة شخص وأخرجتهم من العبودية، ومنهم العديد من أفراد أسرتها. وفي ذلك الوقت وضع الجنوبيون البيض مكافأة بقيمة 12000 دولار مقابل الإمساك بها وهي ثروة ضخمة في ذلك الوقت. ومع بداية الحرب الأهلية كانت قد أخرجت من العبودية عددًا أكبر من الذي أخرجه أي أميركي آخر على مر التاريخ، سواء كان أسود أم أبيض ذكرًا أم أنثى.
وبسبب قوة شخصيتها وصلابتها ورباطة جأشها في اللحظات الخطرة أصبحت «توبمان» ذات سمعة كبيرة وتأثير واسع يفرضان الاحترام ليس فقط بين العبيد الذين حلموا بكسب حريتهم بل عند الجميع.
إن الشخصيات التي حققت إنجازات عظيمة ونجحت في الوصول لأهدافها في الحياة كانت تتميز بصفة مهمة تساعدها على مواجهة الأخطار وتحمل ضغوط الحياة الهائلة وتلك الصفة هي رباطة الجأش والصلابة النفسية ومن دونها ينهار عند أول اختبار صعب يواجهه فطبيعة الحياة أنها تواجهنا بالكثير من المواقف الصعبة والمشكلات العظيمة وتتقلب بين الشدة واليسر والغنى والفقر والمرض والصحة والضعف والقوة، وتلك الصفة تساعدنا لمقاومة تلك التقلبات، فإننا لن نستطيع تحمل صعوبات الحياة ومواجهة مكائد الخصوم والأعداء والصبر على مرارات الظروف الصعبة في سبيل تحقيق أهدافنا دون تحلينا برباطة الجأش والقوة النفسية من الداخل.
يقول الشاعر:
فإن تسأليني كيف أنتَ فإنّني صَبورٌ على ريْب الزمان صليبُ
يعزّ عليَّ أن تُرى بي كآبةٌ فيَشمتُ باغ أو يساءُ حبيبُ
وهذا رسول الله -عليه السلام- أثناء هجرته حينما كان مطاردًا من الكفار ليقتلوه وقد جعلوا مئة ناقة لمن يدل عليه وكان مختبئًا في الغار ومعه صاحبه أبو بكر الذي استشعر هول تلك اللحظة وخطرها فقال والله يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى نعله لرآنا، فقال النبي عليه السلام بكل رباطة جأشٍ وهدوء وثقة بربه: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؛ لا تحزن إن الله معنا.
أكاديمى وكاتب قطرى
[email protected]
http://twitter.com/AlThani_Faisal


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.