في مثل هذا اليوم سنة 1968، أودت رصاصة بحياة مارتن لوثر كنج، مهندس حركة الحقوق المدنية السلمية الرئيسي، وزعيمها في الولاياتالمتحدة، وكان له من العمر يومها 39 عامًا، وأدى اغتيال كنج إلى أعمال شغب في واشنطن العاصمة، وفي أكثر من مائة مدينة أمريكية أخرى، مهدداً بتحويل نضال الأمريكيين الأفارقة السلمي إلى مجابهة عرقية عنيفة. ولد مارتن يوم الثلاثاء 15 يناير 1929م بمدينة أتلانتا الأمريكية، كانت جذوره تمتد بعيدًا في التربة الإفريقية التي اقتلع منها أجداده ليباعوا ويشتروا في الأراضي الأمريكية، ولكي تستغل أجسادهم وأرواحهم لخدمة السيد الأبيض. وفي سنة 1947 تم تعيينه كمساعد في كنيسة أبيه، ثم حصل على درجة البكالوريوس في الآداب في سنة 1948، ولم يكن عمره يزيد على 19 عامًا، ثم حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة بوسطن. في سنة 1959 سافر مارتن إلى الهند، حيث درس فلسفة ومبادئ اللاعنف التي نادى بها المهاتما غاندي (1869- 1948)، إلى الهند حيث واصل دراسة التعاليم التي خلفها الرجل. كان السود في أمريكا يعانون العديد من مظاهر الاضطهاد والاحتقار، خاصة فيما يلقونه من شركة خطوط أتوبيسات المدينة التي اشتهرت بإهانة عملائها من الزنوج، حيث كانت تخصص لهم المقاعد الخلفية في حين لا تسمح لغير البيض بالمقاعد الأمامية، وعليه كان من حق السائق أن يأمر الركاب الزنوج بترك مقاعدهم لنظرائهم البيض، وكان الأمر لا يخلو من السخرية من هؤلاء "النسانيس السوداء"، وكان على الركاب الزنوج دفع أجرة الركوب عند الباب الأمامي، ثم يهبطون من السيارة، ويعاودون الركوب من الباب الخلفي، وكان بعض السائقين يستغلون الفرصة، ويقودون سياراتهم ليتركوا الركاب الزنوج في منتصف الطريق. ومرت الأيام ومارتن يحاول ترسيخ فلسفته في النضال من أجل حقوق الزنوج، ولكن دون عنف، حصل في عام 1964 على جائزة نوبل للسلام لدعوته إلى اللاعنف، فكان بذلك أصغر رجل في التاريخ يفوز بهذه الجائزة (35 عامًا). ونجحت دعوة مارتن لوثر كينج، وألغيت التفرقة العنصرية في الولاياتالمتحدة، وأصبح للزنوج كامل حقوق المواطنة، وخرج منهم من تولى مناصب كبيرة في الحكومة الفيدرالية، وأشهرهم كولن باول الذي كان رئيسًا لهيئة أركان الجيش الأمريكي ثم وزيرًا للخارجية، وكونداليزا رايس وزيرة الخارجية، ثم تبوأ الزنوج أعلى منصب في أمريكا، لأن الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما من هؤلاء، ولولا نضال مارتن لوثر كينج ما يمكنه أن يصل حتى لمنصب رئيس ولاية.