تضمن مقال الزميل وائل قنديل فى "الشروق" يوم أمس، مفاجأة تحتاج إلى قراءة متأنية لدلالتها.. وهى قوله: "يلفت للنظر فى بعض من الأوراق المقدمة للجنة الحوار الوطنى التى تجرى فى رئاسة الجمهورية من أحزاب وشخصيات ثورية أنها تطالب بإلغاء المادة بتطبيق العزل السياسى على قيادات الحزب الوطنى المنحل ورموز النظام السابق"! والحال أن نتائج الانتخابات الرئاسية، وأحداث الاتحادية، لم تقرأ بشكل كافٍ حتى الآن.. خاصة فيما يتعلق بعلاقة "النظام القديم" ب"قوى الثورة". النتائج التى حققها الجنرال الهارب من العدالة أحمد شفيق، كانت مفاجأة غير متوقعة، لأن البعض اعتقد أن النظام القديم، آوى إلى الظل بعد الثورة.. ولم يبق منه إلا "جيوب" مبعثرة، فضل الخطاب السياسى بعد الثورة تسميتها ب"فلول". التسمية الأخيرة "فلول" كانت تعكس عجز "وعي" ما بعد الثورة، عن تقدير حجم ووزن "خصمه" على وجه التقريب.. لا الدقة.. فالتسمية "فلول" تعنى أن النظام القديم، بات على "هامش" متن الدولة، مخلفًا بؤرًا إما فى السجون وإما هاربة، وإما فضلت الهجرة إلى الداخل المصرى المنسى والمسكوت عنه. لم يلتفت أحد إلى دلالة الحشود المليونية التى استطاع شفيق حشدها أمام المنصة، عشية الإعلان عن النتائج الرسمية للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وعلى نحو ترك انطباعًا بأن النتيجة حسمت لصالحه.. فيما كان الحشد حاملاً لرسالة مبكرة بأن "النظام القديم" ليس كما يعتقد المراقبون، سقط بسقوط الفرعون، وإنما لا يزال حاضرًا وعفيًا وقادرًا على الحشد وصوغ مشهد يضاهى ال 18 يومًا التى سبقت الإطاحة بالرئيس السابق. نتائج الجولة الثانية.. كانت ثرية بالدلالات التى تقتضى الوقوف عندها، ولعل البعض من القوى الواقعة فى المنطقة الرمادية والمتماسة مع الثورة من جهة والنظام القديم من جهة أخرى.. هى الوحيدة التى فهمت الرسالة الأهم، الصادرة من قراءة النتائج وتحليلها. النتائج لم تكن تعكس الوزن النسبى للنظام القديم مستقلاً، وإنما كانت محصلة "تحالف" غير مكتوب بين مصلحتين: النظام القديم وبعض من خرجوا من السياق الرئاسى وفضلوا جنرالاً من داخل حضانات مبارك، على رئيس ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين حتى لو كان معبرًا عن قوى الثورة. إقصاء مرسى عن الرئاسة عبر الصندوق.. لم يكن بوسع من خرجوا من السباق عبر الصندوق أيضًا.. ولم يكن أمامهم إلا الاتكاء على "النظام القديم" فى نسخته المعبرة عنه "أحمد شفيق".. ولعل ذلك ما يفسر فوز الرئيس مرسى بفارق هامشي، رغم أنه كان مسنودًا من أكبر الفصائل السياسية المنظمة فى البلاد: الإخوان، والسلفيون والجماعة الإسلامية. التجربة الأخيرة من المؤكد أن تجد صداها فى التحضير للانتخابات البرلمانية القادمة، إذ لن يكون بوسع التيار المدنى مجابهة التيار الإسلامي، إلا عبر إعادة رسم الخرائط على الأرض بدون "كسوف" وذلك بالتحالف مع التيار الأكثر خبرة وهو نظام مبارك.. ولعل ذلك ما يفسر تلك المفاجأة التى أشرت إليها فى مستهل هذه المقالة.. ومن المؤسف أنه من المتوقع أن يصل الفلول إلى البرلمان على أكتاف بعض المحسوبين على قوى الثورة. [email protected]