علمت "المصريون" أن هناك مخططا يتم إعداده حاليًا في دوائر رسمية عليا لوضع سيناريو لكيفية التعامل مع القضاة في المرحلة القادمة ، ويتضمن إجراء تعديل للدستور ولقانون مباشرة الحقوق السياسية على نحو يمنع القضاة من الإشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية في السنوات القادمة. وتسعى الحكومة من وراء التعديل المرتقب إلى عدم تكرار الأزمة التي اندلعت إثر رفض القضاة تزوير الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكشفهم عن تجاوزات وعمليات تزوير شابت الإعلان عن نتائجها ، على أن يكون البديل تشكيل لجنة انتخابات مستقلة تضم في عضويتها رجال القانون والقضاء الإداري الموالين للحكومة ، وتتولى إدارة العملية الانتخابية على غرار ما يحدث في بريطانيا والهند . وكشفت مصادر عن أن الحكومة لن تكتفي بذلك في المرحلة القادمة ، وإنما ستضع خطة طويلة الأمد توفر لها السيطرة الكاملة على القضاء ، وذلك عبر تعيين أكبر عدد من ضباط الشرطة في النيابة العامة، واستغلال تأييد مجلس القضاء الأعلى للحكومة لتمرير المشروع الذي يرغب فيه النظام. وأضافت أن الحكومة تسعى لإيجاد توازن في السلطة القضائية يخفف من سيطرة الفريق المطالب باستقلال القضاء ويحد من هيمنته التامة على نادي القضاة ، مشيرة إلى أنه لم يجد أفضل من رجال الشرطة لتحقيق هذا الغرض، وخصوصًا أن هذا الأمر يتم تطبيقه منذ عدة سنوات وحقق نتائج مرضية، حيث استخدمت الحكومة هؤلاء الضباط للعب دور بارز في تزوير انتخابات مجلس الشعب. وتسعى الحكومة حاليًا لإقناع وزارة الداخلية بتخفيف القيود المفروضة على عمليات انتقال ضباط الشرطة إلى القضاء، بعد أن أسهم تطبيق هذا النظام في السنوات الماضية في خلق أزمة شديدة لوزارة الداخلية، نتيجة وجود عجز كبير في الضباط بعد انتقالهم إلى سلك القضاء. كما تتضمن الاستراتيجية الحكومية تسريع تقديم مشروع قانون السلطة القضائية إلى البرلمان لاستغلال الأغلبية الموجودة للحزب الوطني داخله في إدخال التعديلات اللازمة على المشروع المقدم من نادي القضاة ، والتذرع بأن هذه رغبة ممثلي الشعب لوضع القضاة في موقف حرج. من جهته، توقع المستشار ناجي دربالة سكرتير نادي القضاة تجدد الأزمة بين القضاة والحكومة مرة أخرى إثر اعتزامها إدخال تعديلات دستورية على قانون مباشرة الحقوق السياسية تحرم القضاة من الإشراف على الانتخابات القادمة، واستغلال سيطرتها على البرلمان في تمرير مشروع السلطة القضائية بالشكل الذي يروقها . أما المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض، فقد رحب باعتزام الحكومة إلغاء إشراف القضاة على العملية الانتخابية، مؤكدا أن هذا الإشراف سبب لهم العديد من المشاكل بعد رفضهم أن يجري تزوير الانتخابات من تحت عباءة القضاة ، معتبرا أن إلغاء هذا الإشراف لن يكون عقابا للقضاة وإنما راحة لهم. من جانبه، لم يستبعد المستشار محمود رضا الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية إقبال الحكومة على هذه الخطوة من خلال تعديل مواد الدستور التي تنص صراحة على الإشراف القضائي على الانتخابات ؛ موضحا إمكانية قيامها بتمرير هذا التعديل عبر استفتاء شعبي مزور مثلما حدث في تجارب سابقة. وأضاف أن الحملة التي يقودها عدد من رؤساء الصحف المسماة بالقومية تهدف في الأساس إلى تشويه صورة القضاة، وخلق إيحاء لدى الرأي العام بأن القضاة يشتغلون بالسياسة ، وهو ما يخالف الواقع جملة وتفصيلاً. في سياق متصل، ينظم القضاة وقفة اليوم أمام مقر ناديهم ، تعبيرًا عن احتجاجهم على توجيه مجلس الصلاحية عقوبة اللوم إلى المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض، ورفض الحكومة تقديم مشروع قانون السلطة القضائية الذي أقره النادي إلى مجلسي الشعب والشورى. وجاء اختيار القضاة مقر ناديهم لتنظيم الوقفة الاحتجاجية بعد أن نما إلى علمهم قيام الجهات المسئولة بإغلاق ساحة دائرة القضاء العالي أمامهم ، كما تقرر أن تقتصر الوقفة الاحتجاجية على القضاة فقط ، على أن يعبر المحامون والصحفيون عن تضامنهم مع القضاة أمام مقار نقاباتهم.