علمت "المصريون" أن وزارة العدل دخلت في سباق مع الزمن من أجل سرعة إنجاز مشروع قانون للسلطة القضائية يدمج بين المشروع الذي أعده نادي القضاة منذ عشر سنوات وتعديلات مجلس القضاء الأعلى ، حتى يتم عرضه على مجلس الشعب بشكل جديد، وبدون استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية . وكشفت مصادر قضائية رفيعة المستوي أن مشروع الحكومة الجديد سيرفض أي بند لانتخاب مجلس القضاء الأعلى حسبما طالبت جموع القضاة، وسيتضمن بندًا يسمح للمجلس بالإشراف على نادي القضاة؛ وذلك لتكريس هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية. وأشارت إلى أن الحكومة ستضع بندًا يحقق الاستقلال المالي للقضاة، لافتة النظر إلى أن هذا الأمر لن تكون له فائدة تذكر في ظل هيمنة المجلس على شئون القضاة وناديهم، مضيفة أن الحكومة ستستغل الأغلبية التي يتمتع بها حزبها الحاكم داخل البرلمان لتمرير هذا المشروع، مثلما قامت بتمرير مشروع تأجيل انتخابات المجالس المحلية، وتمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين قادمين. وأوضحت المصادر أن الحكومة ستلجأ خلال الفترة القادمة إلى حرمان القضاة من الإشراف على العملية الانتخابية عبر تعديل المادة 88 من الدستور التي تؤكد هذا الإشراف، مستعيضة في ذلك بتشكيل لجنة عليا للإشراف على الانتخابات، بعد أن كشف القضاة عمليات التزوير في العديد من الدوائر خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة. من جانبه، أكد المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض أن من حق الحكومة أن تعد ما تشاء من مشروعات قوانين، ومن حق القضاة أنفسهم التمسك بمشروعهم الذي سيحقق استقلالاً قضائيًا كاملاً، رافضًا في ذات الوقت تنازل القضاة عن مبدأ اختيار أعضاء مجلس القضاة الأعلى من الجمعيتين العموميتين لمحكمتي النقض والاستئناف، ورفض أي تبعية أو إشراف من جانب الحكومة على نادي القضاة. وقال إن الحكومة عندما تعرض علينا مشروعها المقترح سنبلغها برفضنا كل البنود التي تنال من استقلال القضاء ، مؤكدًا أن القضاة أدرى من غيرهم بمناقشة مثل هذه المشروعات، وأنها إذا رفضت عرضه عليهم وقامت بتمريره من خلال الأغلبية البرلمانية للحزب الحاكم وكان لا يحقق طموحات جموع القضاة ، فسيعتبرونه قانونا سيء السمعة مثل الطوارئ ويقاومونه بشتى السبل. من جهته، ندد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض بموقف الحكومة فيما يتعلق بفرض السرية وغياب الشفافية في عرض مشروعات القوانين الخاصة بالسلطة القضائية، متهمًا إياها بإعداد مشروع قانون سلطة قضائية في الظلام ، وهو ما سيؤدي إلى تصاعد حدة الأزمة بين القضاة والحكومة. واعتبر أن رفض الحكومة لمبدأ انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى والسماح بتبعية نادي القضاة لهذا المجلس سيهدر أي نصوص تؤكد على استقلال القضاء ، لأن المجلس المعين من قبل الحكومة لن يعبر عن مطالب جموع القضاة وسيكون مجلسًا مواليًا للحكومة، مشددا على أن تبعية النادي للمجلس سوف تضرب استقلال القضاة في مقتل. في السياق ذاته، اتهم المستشار محمود رضا الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية مجلس القضاء الأعلى والحكومة بالتلاعب بالقضاة عبر سلق مشروع قانون لا يحقق استقلال السلطة القضائية ،مؤكدا تمسك القضاة بمشروع القانون الذي أعده النادي ورفض أي تعديلات أو مقترحات حكومية تنال من هذا الاستقلال. وهدد بأن القضاة سيتخذون كافة السبل والوسائل التصعيدية لإجبار الحكومة على تحقيق استقلال القضاء.