انتبهت مبكرًا إلى فزاعة "الإفلاس" الوشيك الذي رددته الفضائيات على أنغام القوى السياسية المشاغبة وقلت إنها متوقعة بعد فشلهم في إعاقة الاستفتاء. لكن هذه الفزاعة كانت تحتاج إلى حكومة قوية لديها الثقة بالنفس لتدحضها فورًا وهو ما افتقدته حكومة الدكتور هشام قنديل. كلمات قليلة من الرئيس محمد مرسي في خطابه بمجلس الشورى يوم السبت نزلت كماء الثلج على قلوب المصريين وصدقوها فورًا لأنهم في حاجة إلى الاطمئنان من المستويات العليا لصناعة القرار. للأسف قنديل نفسه عَامَ على تلك الفزاعة وحذر الناس من أن الخطر قادم، وهو ما لا يليق من قائد ميداني، فإما أن يتمتع بالثقة وحسن التخطيط أو يترك مكانه لمن يفعل ذلك. مرة أخرى وعاشرة أكرر أن "الإفلاس" فزاعة ماسخة والذين يتجرعونها أفلست جيوبهم من الفزاعات فلجأوا إليها كخط دفاع أخير في معاركهم المستمرة التي تستنزف الوطن. الحمد لله أن أعلى مستويات صناعة القرار متمثلة في الرئيس مرسي نفت ذلك جملةً وتفصيلًا وقللت من الهوجة التي صاحبت تخفيض التصنيف الائتماني لمصر، وهو تخفيض متوقع في ضوء المظاهرات والاحتجاجات التي صاحبتها أعمال عنف، لكنها تحدث مع أكبر الاقتصاديات الدولية، وحدث أكثر منه مع دول النمور الآسيوية عندما واجهت أزمتها الاقتصادية الشهيرة في نهاية التسعينيات. لكننا لا شك نواجه أزمة اقتصادية صعبة لن نتغلب عليها إلا بالاستقرار الذي يستعيد الاستثمارات المحلية والخارجية، ولا يأتي إلا بعناصر عديدة تبدأ بأمن قوي ووزراء حكومة مقاتلين ورئيس لهم لديه القدرة الإبداعية على اتخاذ القرارات السريعة والصحيحة. على أي حال الاستقرار قادم، سيما أن أزمة الدستور انتهت وتبين لمن أفزعوا الناس منه أن لا سبيل لهم إلا الحقائق فقط فالأكاذيب تموت سريعًا وتنخفض معها قامة أصحابها. الأرقام المتفاءلة التي تحدث عنها مرسي ينبغي أن تقترن بتكليف رئيس حكومة يدير المرحلة القصيرة القادمة بشخصية قوية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وكاريزمية، وهشام قنديل ليس هو ذلك الرجل. [email protected]