لم أسعد لتكليف الدكتور هشام قنديل بإجراء تغييرات في تشكيلته الحكومية لمواجهة متطلبات المرحلة الحالية، فمع تقديري له فإنه ليس رجل هذه المرحلة. قنديل افتقد الحس السياسي طوال الشهور الماضية ولم يكن معاونًا جيدًا لرئيسه الذي يحتاج إلى أن يكون الرجل الثاني بجانبه وربما الأول مكرر إلا قليلًا بحكم الدستور الجديد، متمرسًا على السياسة ودهاليزها وقادرًا على التعامل مع مناورات المعارضة ودهائها وحشودها. رئيس الوزراء بعد إقرار الدستور الجديد لم يعد في حكم السكرتير لرئيس الجمهورية، فموافقته ضرورية على أي قرار يتخذه الرئيس، ومن هنا لا يجوز له أن يستمع إلى التوجيهات وينفذها، كما كان رؤساء الحكومات ووزراؤها يخبروننا أيام المخلوع، بأنهم استيقظوا من نومهم مبكرًا بناءً على توجيهات الرئيس، ودلعوا أطفالهم واستقلوا سياراتهم الفارهة وبالمرة لعبوا عشرة كوتشينة في البلكونة بناءً على توجيهاته! وفي أحيان أخرى ينفذ رئيس الحكومة أو وزراؤها جدولَ أعمالهم ثم يخرجون للصحافة ليخبروها بأن ما قاموا به جاء بناءً على توجيهات السيد جمال مبارك أو السيدة سوزان مبارك! هشام قنديل لم يكن من تلك الطائفة من رؤساء حكومات مصر، لأن عهد مرسي الديمقراطي ليس كعهد المخلوع الاستبدادي، ومع هذا لم يستغل تلك الميزة وظل مقيدًا في مكانه لغياب الإبداع السياسي. أثناء الحشود التي كادت تدخل القصر لم يتصرف وبقي مثلنا متفرجًا، ولم يقل لنا إنه أمر وزير داخليته باتخاذ إجراءات ما للحيلولة دون الإيقاع بالبلد في دوامة الفوضى. المفترض أنه صاحب اختيار وزير الداخلية وأنه يرأسه ويستطيع أن يفنشه عندما لا يعمل جيدًا. لكن يبدو أنه نسي وظيفته المرموقة في سلم الدولة وتعامل مع وزير الداخلية كما يتعامل المواطن العادي مع الباشا الكبير، وهي من كبرى الأخطاء التي تحتسب على هشام قنديل، فربما يكون من التكنوقراط الجيدين لكنه ليس سياسيًا على الإطلاق. رئاسة الحكومة حاليًا تحتاج إلى الشخص السياسي المهني الذي يتكلم بشجاعة ويحاسب وزراءه بقوة وحسم، لا فرق في ذلك بين وزير الداخلية ووزير البيئة، كلاهما على قدم المساواة إزاء مسئولياتهما. تحتاج الحكومة أيضًا إلى شخصية قيادية تشارك الرئاسة قراراتها وتتحمل معها الأخطاء والنجاحات. دور التفزيع من الاقتصاد والإفلاس الذي يمارسه قنديل حاليًا تجعله يتساوى مع النائم الذي ينتظر أن يجد تحت مخدته ما يشتري به إفطاره! [email protected]