المعركة السياسية الحقيقية ستجرى من الآن وخلال الشهرين القادمين على مجلس النواب الذى ستشكل أغلبيته الحكومة الجديدة. جبهة الإنقاذ تفكر فى النزول بقائمة موحدة أو بإطلاق حزب كبير يمثلها لتحصد الأغلبية المؤثرة على السياسة العامة للدولة. وحزب الحرية والعدالة قرر هذه المرة المنافسة على 100% من المقاعد لأنه يدرى أن المهمة صعبة بعد سريان الدستور الجديد الذى جعل صناعة القرار مناصفة بين الرئيس ورئيس الحكومة وبموافقة البرلمان. يخطئ حزب الحرية والعدالة لو اتجه للتحالف مع قوى سياسية غير إسلامية، فقد ثبت فشل هذه التجربة خلال البرلمان السابق وأثناء الجمعية التأسيسية، بل وداخل مؤسسة الرئاسة نفسها من الهيئة الاستشارية التى اختارها الرئيس مرسى لمساعدته فتخلت عنه سريعًا فى ساعات الشدة كأنها تبيعه! فى مجلس الشعب المنحل تحالف أعضاؤه العلمانيون ضده رغم أنهم يحملون عضويته فى انتخابات حرة مباشرة، واستقبلوا حله بواسطة المحكمة الدستورية العليا بالفرحة والسعادة وتكسير القلل، ليس احترامًا للقانون ولا للقضاء كما أشاعوا بل نكاية فى أغلبيته الإسلامية. لذلك سيكون الخطأ ضخماً هذه المرة إذا تحالف الإسلاميون مع غيرهم فى ظل الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية التى تمنعه من اتخاذ أى قرار منفردًا، بل وتعطى للبرلمان صلاحية وقفه عن العمل تمهيدًا لعزله. لا تأمن للعلمانيين فهم كالماء فى الغربال، سيتسربون منك متى تحقق هدفهم لأنهم عاشقون للنكاية والانتقام من أى فصيل إسلامي، فالكراهية لا تلد حبًا والحداية لا تلد عصافير! فى أزمة الدستور الأخيرة اتحد الإسلاميون بمختلف أطيافهم وقدموا ملحمة رائعة أرهبت الآخرين، حتى أنهم عندما وجدوا أن الحشود تقابل بالحشود، والملايين عند الإسلاميين تقابلها مئات من الفوضويين يدفع بها خصومهم، أدركوا أنه من الصعب أن تغلب الأغلبية فى الصناديق أو فى الشوارع، وانهزموا هزيمة قاصمة فى الاستفتاء رغم الإعلام المجند لخدمتهم. أخشى أن تنفض هذه الوحدة إذا اندفع حزب الحرية والعدالة للطبطبة على خصومه وعقد تحالفات انتخابية معهم، فحينئذ سيخسر أنصاره الذين دافعوا عنه وحموه وأرهبوا الذين حاولوا خلع الرئيس من قصره، ولن يكسب من تحالفه مع العلمانيين الذين اعتادوا على الكذب والنفاق والرمى عندما يجدون أن الفرصة سانحة. ينسب الفضل لأصحابه فى نتيجة الاستفتاء والقضاء على أكبر أزمة سياسية تعرض لها رئيس دولة. وأصحاب هذا الفضل هم كل الإسلاميين وأولهم السلفيون وحازمون. [email protected]