في عهد صفوت الشريف تهاوى الإعلام المصري إلى الحضيض. وأصبح الناس يتهافتون على امتلاك الدش للهرب من برامج التلفزيون المصري التافه. في عهد صفوت كانت وظيفة الإعلام المصري هي تسطيح العقول وتسفيه الفكر وتضليل الشباب وإفساد أخلاقه بالفيديو كليب وتغييب وعيه بقضاياه . وعندما قرر نظام مبارك إجراء إعادة إنتشار على غرار إعادة إنتشار الجيش الإسرائيلي الذي يحفظ لنظام الاحتلال سيطرته على الفلسطينيين قام بنقل صفوت إلى "مجلس الشورى" ، وتوريث الإعلام إلى عقلية أخرى لا تختلف عن عقلية صفوت وأمثاله. فالمهم هو إستمرار التضليل والإفساد والرسالة الإعلامية المسمومة ، وأن يستمر نظام الاستبداد في فرض سيطرته على عقول المصريين. وكما خلف أنس الفقي صفوت الشريف ، خلف أسامة سرايا إبراهيم نافع ، وأزيح هاني شكر الله عن (الأهرام ويكلي) التي كانت تتمتع باحترام لا يرقى إليه أهرام إبراهيم نافع اليومي. والواضح أن السيد سرايا كان حريصا على أن يدشن عهد (الأهرام) الجديد بما يؤكد أن كل ما جرى هو مجرد إعادة إنتشار، وأن الأوضاع ستظل في الأهرام كما كانت عليه في ظل عميد المؤبدين إبراهيم نافع . فقد كان أحد أهم الظواهر المؤسفة التي خيمت على الأهرام طوال السنوات الماضية ، وإنتقصت كثيرا من حق قراء الأهرام على الجريدة ، هي ظاهرة حظر مقالات بعض كبار الكتاب بين الحين والآخر، وعلى رأسهم الأستاذ فهمي هويدي . وقد كان مقاله الأخير (19/7) هو أول المقالات المحظورة في عهد سرايا الذي يبدو مع مقالات النفاق التي تظهر في الصفحة الأولى أنه سيكون عهدا أكثر سوادا من عهد نافع . في مقاله الممنوع ، دعا فهمي هويدي إلى تنمية ثقافة النضال السلمي في مواجهة ثقافة العنف على ضوء ما صارت إليه مظاهرات القوى الوطنية المعارضة التي أصبحت واقعا راسخا في الشارع المصري . فلمصلحة من يمنع مقال يقوم على إرشاد المعارضين إلى أفضل أساليب التظاهر السلمي ؟ وما الخطأ في تعليم الناس كيفية إدارة الخلافات داخل الوطن الواحد بأسلوب سلمي ؟ صحيح أن مقالات الأستاذ هويدي الممنوعة تنشر في مواقع الإنترنت لعدد من الصحف العربية وفي بعض صحف المعارضة ، ولكن بأي منطق تُحرم الغالبية التي لا تقرأ سوى الأهرام من كتابات هويدي ؟ أليس في هذا تمييز ضدها لصالح قراء الصحف الأخرى ؟ أليس هو خطيئة في حق (الأهرام) ألا يتسع صدرها لأفكار أحد كبار كتابها بالقدر الذي يتسع به صدر الصحف الأخرى لهذه الأفكار. أليست الأهرام صحيفة قومية يُتوقع منها أن تحتضن جميع الآراء المستنيرة مهما كان موقف النظام الحاكم إزاءها ، أم أنها عزبة خاصة لنافع وسرايا وجماعتهم؟ إن نظاما فاسدا كنظام الحكم الحالي يستحيل أن يقدم إصلاحا من أي نوع. ومن أدمن الإفساد يستحيل إلا أن يفسد كل ما تقع يده عليه. وعندما يجد شيئا طيبا يبذل جهده لإفساده كما جرى مع الأهرام (ويكلي) . ولأن فاقد الشئ لا يعطيه ، فعلينا ألا ننتظر من سرايا والفقي وأمثالهما إلا كل ما يقوي شوكة المناهضين لنشر الديمقراطية السليمة في مصر. [email protected]