21 كما يعاني المسلمون في الخارج من عدم قبول الآخرين لهم وعدم التسامح مع هويتهم ، وتغطية هذه الكراهية باتهامات باطلة تبرر إستثناءهم من حقوق الإنسان ، يعاني أتباع التيار الإسلامي الوسطي في الداخل من عدم قبول الآخرين (المختلفين سياسيا) لهم ، وعدم التسامح مع فكرهم المستنير، وتغطية مشاعر الكراهية تلك باتهامات باطلة تبرر إستثناءهم من حقوق المواطنة التي يأتي على رأسها حرية التعبير في الصحافة القومية وحرية العمل السياسي في المجال العام. وكما أن "الإرهاب" هو الذريعة التي تبرر للغرب عقوباته الجماعية ضد المسلمين ، صار "الإنتماء للإخوان المسلمين" هو الذريعة التي تبرر لطواغيت العرب عقوباتهم الجماعية ضد الإسلاميين. 22 تحت غطاء السلام وأوهامه ، وغطاء التهدئة وحظر المقاومة عن النشاط العسكري والسياسي ، يجري أستكمال تهويد القدس ، حتى يرحل سكانها مع الوقت وبالضغوط الهادئة بجرعات بسيطة لا تثير صخبا . وتحت غطاء الإصلاح وأوهامه وحظر الإسلاميين عن النشاط التعبيري (تغيير المنكر باللسان) والسياسي ، يجري مخطط إستكمال تغريب مصر على قدم وساق حتى ترحل القلة البارزة من قادة الفكر والنشاط الإسلامي وتنشأ الأجيال الجديدة جاهلة بفلسطين شغوفة بعجرم وروبي ، وجاهزة لحب إسرائيل والقبول بالعيش تحت سلطانها. 23 قام نظام مبارك بعملية إعادة إنتشار على غرار إعادة إنتشار الجيش الإسرائيلي الذي يحفظ لنظام الاحتلال سيطرته على الفلسطينيين فقام بنقل صفوت إلى "مجلس الشورى" ، وتوريث الإعلام إلى عقلية أخرى لا تختلف عن عقلية صفوت . فالمهم هو إستمرار التضليل والإفساد والرسالة الإعلامية المسمومة ، وأن يستمر نظام الاستبداد في فرض سيطرته على عقول المصريين. ربما يكون الإختلاف الوحيد مع كل ملامح الشبه السالف ذكرها هوأن الطرف الذي يحترم شعبه ويعمل لقضيته ، يفرض إحترامه على العالم ، بينما يفرض الطرف الآخر عدم الاكتراث به . ليس غريبا أن يتماثل إستبداد الداخل مع إحتلال الخارج ، فهما في النهاية وجهان لعملة واحدة . وليس مصادفة أن تجري إنتخابات العرب "الحرة" إما في ظل إحتلال (كالعراق وفلسطين) أو في ظل إستبداد (كمصر وتونس) . غير أن أخطر ما يتمخض عن هذه المشابهة هو أن يصبح إرضاء شارون الهم الأول للقائمين عليه. فالهدايا المجانية التي قدمها نظام حكم مبارك لشارون فتحت شهيته إلى المزيد : وهاهو يطالب مصر بأن تسوق العرب إلى فراشه ، ويتحرش في القدس بخطوط كنا نظنها حمراء في الوقت الذي يلتزم فيه نظام مبارك صمت القبور وكأن القدس ليست مدينة مقدسة لشعب مصر بمسلميه ومسيحييه . لقد رفعت هدايا نظام مبارك المجانية معنويات الإسرائيليين وضاعفت شعبية شارون وعززت موقف إسرائيل دوليا مما وضع خصومها في الخارج في موقف الدفاع عن النفس . وهذه كلها أمور يدرك النظام السياسي المصري أنها ضرورية لإرضاء الأمريكيين . يتوقع نظام حكم الرئيس مبارك أيضا أن صمته إزاء ما يجري من تهويد متسارع للقدس وتهديدات للأقصى والحرم الإبراهيمي وتوسيع المستعمرات وبناء السور، يجب أن يقابله صمت أمريكي إزاء قمع المعارضة في مصر ومناورات الإلتفاف حول مطالب الإصلاح . وفي النهاية ، كل ذلك لا يفيد سوى إسرائيل وهدف التمكين لها. [email protected]