فى وداع الأعلام ولمسة وفاء لهم، لابد من وقفة فلقد فقدت الأمة الإسلامية يوم الجمعة [24 ذو الحجة 1433ه/ 9 نوفمبر 2012م]، علماً من أعلام الدعوة فى الكتابة والنقد والشعر والنثر والأدب، هو الدكتور جابر متولى قميحة. الدرعمى النشأة، حيث درس فى عام 1953م بكلية دار العلوم، وذلك بدافع حبّ اللغة والكتب والكتابة والقراءة حتى كان حينما يدعو الله يتمنى أن تكون له مكتبة فى الجنة، ويقول كلما أقتنى كتابًا جديدًا، كأننى تزوجت حورية، يرحم الله أستاذنا وكاتبنا وصاحب الغيرة الشديدة على الإسلام والمسلمين فلم ألتقِ به، ولكن تلقيت كلاماته وشعره وأدبه، وأنا أقرأ له فى جريدة "الشعب" و"الأمة" و"آفاق عربية"، وحديثا من موقع "المصريون" وأخيرا "الحرية والعدالة"، وغيرها فكان هو اللقاء الذى يجمعنا. فلكم وقف وصال وجال بكلماته وشعره ونثره ومقالاته وتأملاته ليصد عن هذه الدعوة المباركة من هنا وهناك من "الليبراليين والعلمانيين والقوميين واليساريين"، وكان يخاطب كل واحد بلونه الذى يُعرف به مستخدما الكناية والتورية دون قدح فى ذات الشخص لكن فى مذهبه وفكرته ودعوته ليعود به إلى جادة الصواب وكلمة الحق وأنا على يقين أن هذه الوقفات ستصد عنه وتكون له حصنا يتحصن بها وهو فى مستقر رحمة الله، قال الله: "إنا لا نضيع أجر المصلحين"، فلقد كان يرحمه الله صالحا ومصلحاً وهو ما كان يميزه بغيرته على دعوته. لقد تألمنا جميعا لفقده وكم آلمتنى كلمات للكاتب أسامة كامل الخريبي* وهو ينعاه يقول فيها. صُدِع الفؤاد لدى سماع الناعى ومشى دبيب الحزن فى أضلاعي يا رائد الشعراء من أهل التقى وقوافل الإلهام والإبداع نم فى رياض الخلد نومًا هانئًا واكتب نهاية قصة الأوجاع نم يا سمير الليل بَعدَك لم يقم فى الناس من يروى صدى الأسماع وكثيرون نعوه لما لهذا الرجل من غِيرة وشغف وحب لهذا الدين ولمصرنا الحبيبة، وحينما ختم قصيدته الشاعر أسامة الخريبى فقال عنه: طوَّفت فى شرق البلاد وغربها تبنى لدين الله شُمّ قلاع وتذود عن دين الإله بعزمةٍ مُزجت من الإيمان والإقناع حتى اطمأن لصدق قولك شاردٌ فَأَوى لحصن الحق بعد ضياع لقد ذكرتنى هذه الكلمات وهو يصف الدكتور جابر بهدهد سليمان الذى غار على دين الله، فأدخل مملكة سبأ كاملةً فى دين الله، بسبب شغفه وغيرته وحُسن منطقه مع الملك نبى الله سليمان، فكان واثق الكلمة برغم التهديد والوعيد له، لكن الأمر كان أكبر من سليمان، كان يتعلق بالخالق ودينه والمخلوقين بحب الخير لهم وجلب النفع ودفع الضر والشر عنهم، وذلك بعودتهم لدين الفطرة، وهكذا كان أستاذنا، كان واثق الكلمة يغار على دين الله، وكم تحمل من الوعيد والتهديد والأذى فى سبيل كلمة الحق، ولَكَم نحتاج لغيره فى مجتمعاتنا على ما آل إليه حال هذه الأمة. لقد كان كاتبنا جابر قميحة من هذا النفر الغائر على دينه وإسلامه وأمته، فحينما كان يلقى بشعره ونثره وهو يلقى قصيدته المشهورة "الإسلام هو الحل"، كنت أكاد أحس بأزيز صدره يكاد يحترق يريد أن يُسمع الدنيا كلها ألا مخرج لهذا العالم كله عموما من ظلمه وجهله، وهذه الأمة خصوصا من كبوتها وغفلتها إلا بالإسلام.. يقول فيها: على شِعارٍ غَدَا للنصرِ عنوانًا نادَوْا "هو الدينُ حَلٌّ لا مثيلَ له فزلزلوا مِن بناءِ البغى أركانًا الحلُّ فى الدينِ لا فى غَيرهِ أبدًا شَرعٌ تجلَّى لنا رَوْحًا وريحانًا من سنّةِ المصطفى كانتْ مناهِلُهُ وكانَ دستورُهُ نورًا وقُرآنًا بَنَى الحضاراتِ صرحًا شامخًا أبدًا عِلْمًا وعَدلاً وإِنصافًا وعِرفانًا شتَّان بين شعارِ صُنْعِ خَالِقنا وبين ما ابتدعوا شتانَ شتانًا فالحكمُ لله حقٌّ ليس يُنكرهُ إلا جَهولٌ مَضَى فى الإثمِ خَسرانًا أقول لك أستاذى: نعم، لكم جهول مضى فى الإثم خسرانا.. لكنك يا أستاذنا مضيت فى الحق ربحانا. لقد أثرى والدى جابر قميحة يرحمه الله المكتبة الإسلامية والأدبية بالمؤلفات الكبيرة والمتنوعة منها(الفن القصصى فى شعر خليل مطران)، والتى بها حصل على الماجستير فى الأدب عام 1974م من جامعة الكويت، ومنها (منهج العقاد فى التراجم الإسلامية) والتى حصل بها على الدكتوراه عام 1979م من كلية دار العلوم، وله مؤلفات فى الأدب والنقد، منها: "منهج العقاد فى التراجم الأدبية" و"أدب الخلفاء الراشدين" و"أدب التقليدية والدرامية فى مقامات الحريرى" و"أدب الرسائل فى صدر الإسلام"، والكثير مثل "التراث الإنسانى فى شعر أمل دنقل"- و"صوت الإسلام فى شعر حافظ إبراهيم" و"من الأدب الحديث بين عدالة الموضوعية وجناية التطرف"، وله دواوين شعرية وأيضا عدد من المسرحيات التمثيلية، هذا إلى جانب عدد من المؤلفات فى الدعوة والفكر العربى والإسلامي، وقد أصدر له مركز الإعلام العربى مجموعة الأعمال الشعرية والمسرحية فى ثلاثة مجلدات كبيرة قاربت الألفين صفحة. لكم كان شغوفاً هذا العلم. الدكتور جابر قميحه بالقراءة ومنذ نعومة أظفاره، لذا ألتمس العذر وأشفقت على زوجته ورفيقة دربه فلها الحق أن تغار حينما كان يقول عن الكتاب: يقول (كلما أقتنى كتابًا جديدًا، كأننى تزوجت حورية!! لقد أعطى الراحل الكثير والكثير وسينال إن شاء الله أجر عطائه هذا بعطاء غير مجذوذ من عند الله، فكثيرا ما ردد "أدعو الله أن يجعلنى إن كنت من أهل الجنة أن يكون لى هناك مكتبة بين الكتب". فأسأل الله أن يكون أول كتاب يقرأه ويُبشر به هو كتابه يأخذه بيمينه ويرى فيه ما قدم من الأعمال الصالحة فيُبشر ويَتَجاوز به إلى مكانه ومكانته فى الجنة ويرى مكتبته كما تمنى. يرحم الله والدنا وكاتبنا كاتب الصحوة الكاتب الدرعمى الراحل جابر متولى قميحة جزاء ما قدم لدينه ودعوته فلقد عاش مدافعا عن الإسلام والدعوة وعن مصرنا، فلله دره، وليعوضنا الله خيرا فلكم تحتاج الأمة ومصر لهؤلاء الأعلام. أقول لوالدى العزيز: يا جابرا جبرت كسرا بقلمك.......صددت به عن دين الله أقلام يا جابرا رحلت عنا بجسدك......لكن قلمك يبقى مدى الدهر أعوام يا جابرا قُبضت وهاك العلم...... يُقبض فمن للحق وكم للحق أعلام *باحث وعضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]