يواصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تنازلاته المخجلة عن حقوق الشعب الفلسطيني للكيان الصهيوني. فقد أعلن على الهواء مباشرة عن تخليه عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم فيما يعد خيانة تاريخية لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني (حسب جهاز الإحصاء الفلسطيني - مسجلون حاليًا في الأممالمتحدة ) وقد اختار عباس ذكري وعد بلفور المشئوم (2نوفمبر ) ليعلن عبر التليفزيون الصهيوني عن انعدام حقه في المطالبة بالعودة إلى البلدة التي هجر منها في طفولته خلال حرب عام 1948م، وعندما سئل عن رغبته في العودة إلي بلدته "صفد" التي عاش فيها طفولته بمنطقة الجليل، قال "من حقي أن أراها لا أن أعيش فيها".!! وبهذا التنازل المخجل يدوس عباس بالنيابة عن الصهاينة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الصادر في 11/12/1948م الذي ينص: "تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقًا لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسئولة". لكن عباس داس على هذا القرار بدلًا من أن يتمسك به كوثيقة دولية من وثائق حقوق الشعب الفلسطيني، وهكذا عودنا هذا الرجل الذي مازال جاثمًا علي سلطة إدارة الشعب الفلسطيني!! فمنذ تنصيبه رئيسًا للشعب الفلسطيني في 10/ 1 / 2005م، لم يتوقف عن اندفاعه في مواقفه المخزية وهو لا يلوى على شيء. وإن سجلّه في هذا الصدد متخم.. من بيع لقضية الشعب الفلسطيني والمتاجرة بدماء أبنائه، والتخطيط والكيد للمقاومة الشريفة، والتخلص بشتى الطرق من كل مَن وجد فيه ذرة وطنية، ولم يفرّق في ذلك بين رفاقه من قادة «فتح» أو قادة المقاومة؛ فقد تورط في قتل رفيق دربه «ياسر عرفات»، وشهد عليه في ذلك «فاروق قدومي» الرجل الثاني في «فتح» بعد «عرفات»، والأعرف ببواطن الأمور في السلطة، ولم يستطع عباس أن يقدم دليلاً واحداً على براءته. و فضح الصهاينة دوره المتواطئ في التخطيط والمشاركة مع الجيش الصهيوني في الحرب الوحشية على غزة، وتابع العالم تصريحات وزير الخارجية الصهيوني (22 / 9 / 2009م) التي كشف فيها: أن السلطة برئاسة «عباس» طلبت من الحكومة «الإسرائيلية» مواصلة الحرب على قطاع غزة حتى يتم القضاء على حركة «حماس». ثم وقف الرجل سدًا منيعًا أمام مناقشة تقرير القاضي «ريتشارد جولدستون» الذي اتهم الصهاينة بارتكاب جرائم حرب في غزة، ثم تبين بعد ذلك أن قرار «عباس» المخزي جاء مراعاة للمصالح الاقتصادية الهائلة لأبناء شخصيات قيادية في السلطة ويمكن للصهاينة عرقلتها. وبدلاً من أن يعتذر «عباس وسلطته» عن خطيئته الكبرى بعد فضحها أو يتوارى، إذا به يخرج معلنًا أنه شكّل لجنة تحقيق للتوصل إلى من وقف وراء تأجيل تقرير «جولدستون»!!.. تحقيق مع مَن؟! والوصول إلى مَن بالضبط وهو هو الذي يقف وراء كل شيء؟! وفي الوقت نفسه واصل هجومه على حركة «حماس» والمقاومة، متهمًا إياها بتعطيل المصالحة، والوقوف ضد مصالح الشعب الفلسطيني؟! من الذي يعرقل بالضبط؟.. الذي يفاجئ بني وطنه بالخيانة والعار لصالح الصهاينة، أم الذي ينتصر لقضية فلسطين ويضحي بالغالي والثمين في سبيلها؟! إن سجل «عباس» منذ ظهر على الساحة السياسية مع سلطته المتصهينة مليء بالتنازلات والعدوان علي شعبه، بدءًا من ممارسات فرق الموت في غزة، ومرورًا بإغلاق الجمعيات الخيرية التي تقدم خدماتها لكافة قطاعات الشعب الفلسطيني، والاعتداء على المساجد، حتى التعاون الأمني مع الصهاينة في الضفة الغربية، وفق ترتيبات الجنرال الأمريكي «دايتون»، وإفشال مشروع رفع الحصار عن غزة في الأممالمتحدة بالتعاون مع المحتل الصهيوني. إنها سلسلة طويلة من التنازلات والمواقف المخزية التي انتهت بتنازله عن حق عودة اللاجئين، لكن من فضل الله على فلسطين أن قضيتها ليست ملكًا لعباس وفريقه التطبيعي المنبطح ولكنها ملك للشعب الفلسطيني كله وللشعوب العربية والإسلامية كافة.. تلك الشعوب التي لم تفرط يومًا في فلسطين ولن ترضى بديلاً عن تحرير كامل ترابها وفي القلب منها القدس الشريف إن شاء الله. (*) كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية