أكدت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية اليوم الخميس أن استمرار سياسة الحذر الأمريكية التي تتبعها في التعامل مع ملف الأزمة السورية الدامية لن يتمخض عنها سوى نهاية لن ترضى كافة الأطراف تتمثل في اكتساب الجناح الجهادي للمعارضة المزيد من القوى والسلطة لتشكيل مستقبل سوريا. وتساءلت الصحيفة - في سياق مقال نشرته اليوم وأوردته على موقعها الإلكتروني - عن البديل الذي قد تتخذه واشنطن من أجل مساعدة المعارضة السورية، وفي الوقت نفسه تتفادى إجراء تدخل عسكري آخر مكلف في العالم الإسلامي. وذكرت أن سياسة الحذر تبدو وكأنها الشعار الحقيقي لنهج واشنطن تجاه هذا الوضع الثوري غير المستقر..موضحة أن الحذر لا يعنى بالضرورة التقاعس عن العمل ولكن إجراء بعض التغييرات "المعتدلة" في السياسة الأمريكية والتي من شأنها أن تسهم في إحداث اختلاف كبير في النتيجة النهائية للصراع. ولفتت (واشنطن بوست) إلى أن الأساس الذي تقوم عليه مصالح الولاياتالمتحدة في سوريا هو منع أي استخدام أو انتشار للأسلحة الكيميائية، على ضوء ما تردد عن أن الرئيس السوري بشار الاسد قد نقل بعض الأسلحة ولن يكون من السهل رصدها أو الاحتفاظ بها بعيدا عن أيدي عناصر تنظيم القاعدة الذين سيرغبون في الاستيلاء على بعض أسلحة الدمار الشامل في حالة سقوط الأسد. ورأت أنه من أجل التعامل مع هذه المشكلة فإن واشنطن تحتاج إلى معلومات استخباراتية أفضل على أرض الواقع..لافتة إلى أن أمريكا وضعت في الوقت الراهن برنامجا محدودا لتوفير مساعدات غير قاتلة للمعارضة..ومشيرة إلى أن هذا البرنامج يحتاج إلى بعض التعديلات كي تحصل المعارضة على المزيد من المساعدة في بناء هرم قيادي أقوى. وأشارت إلى أنه في حال ساعدت الولاياتالمتحدة في تنسيق عملية تمويل المعارضة السورية فإن الجيش السوري الحر سيمتلك عدة مزايا منها: أن المعارضة الأكثر تنظيما ستكون قادرة على هزيمة النظام ، وأكثر قدرة على حكم سوريا ما بعد الأسد، فضلا عن أنها ستساعد الولاياتالمتحدة في السيطرة على الأسلحة الكيميائية ، الأمر الذي وصفته بأنه سيكون بمثابة "ضربة ثلاثية". وذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتخذت خطوة صغيرة في هذا الاتجاه الصيف الماضي من خلال السماح لفريق الدعم السوري بمساعدة المعارضة ، حيث انتشرت قيادات الفريق داخل سوريا، بحثا عن المنشقين عن الجيش الذين يمكن أن يؤسسوا مجالس عسكرية جديدة لتنسيق تدفق الأسلحة والمال إلى المقاتلين. وأضافت صحيفة أن عملية التمويل أيضا شهدت تحسنا ، في الوقت الذي زعم فيه أن بعض الدول العربية وافقت على استثمار مئات الملايين من الدولارات في (صندوق الخليج) لدعم الثوار فى سوريا بالأسلحة وتدريبهم من أجل الإطاحة بنظام الأسد .. مشددة على ضرورة أن تنظر واشنطن في توفير المزيد من المال للحصول على مساعدات غير قاتلة من بينها التدريب والاتصالات والاستخبارات. وشددت الصحيفة على أن الخطوة القادمة تتمثل في جمع كل المساهمات الرسمية، وغير القاتلة، من الولاياتالمتحدة وحلفائها العرب والأوروبيين، ثم السماح لقادة الجيش السوري الحر بتوزيعها على المقاتلين ، بالسبل التي من شأنها أن تسهم في بناء وترسيخ الانضباط .. مشيرة إلى أن قادة الجيش السوري الحر زعموا أنهم يشكلون وحدات خاصة من شأنها أن تستخدم الصواريخ المضادة للطائرات ، ربما تحت إشراف من قبل دول الخليج. واختتمت (واشنطن بوست) مقالها مؤكدة أن الوقت قد حان بالنسبة للولايات المتحدة لتجربة استراتيجيات جديدة يمكن أن يتمخض عنها نتيجة أفضل ، بدلا من النتيجة الأسوأ التي تلوح في الأفق.