اعتبر عدد من النشطاء الحقوقيين وممثلى العمال لجوء حكومة الدكتور هشام قنديل إلى إعداد مشروع قانون لتجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت بمثابة عودة إلى الخلف وتقييد لحقوق النقابات العمالية فى الإضراب والتعبير عن رأيهم. وبحسب المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، فإن التشريع الجديد هو تعديل للقانون رقم 34 لسنة2011، الذى كان المجلس العسكرى قد أصدره خلال وجوده فى السلطة وأثار جدلاً كبيرًا فى حينه, حيث كان يربط عقوبة تخريب المنشآت بسريان حالة الطوارئ، إلا أن المشروع الجديد ينص على تشديد العقوبة وتطبيقه بصفة دائمة دون الارتباط بحالة الطوارئ، خاصة بعد تكرار حالات الاعتداء على المنشآت وإعاقة حرية العمل إثر انتهاء العمل بحالة الطوارئ. ويعاقب مشروع القانون المعدل بالحبس أو الغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تتجاوز مائة ألف جنيه، كل من حرض أو دعا أو روج بالقول أو الكتابة أو بأى طريقة من طرق العلانية المنصوص عليها فى المادة(171) من قانون العقوبات لأى من الأفعال السابقة ولو لم يتحقق مقصده. واعتبر الدكتور "نبيل مدحت سالم"، أستاذ القانون الجنائى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن مشروع هذا القانون يعنى محاولة الحكومة التلاعب فى القوانين المتعلقة بإلغاء حالة الطوارئ ثم إعادتها مرة أخرى خلال قوانين جديدة، مضيفًا: مع الفارق أن الطوارئ كانت حالة مؤقتة أما القوانين ستؤدى إلى تأبيد هذه الحالة إلى ما بعد ذلك. واستنكر "سالم" إعداد الحكومة لمثل هذه القوانين، مشيرًا إلى أنها فى مجملها تشير إلى محاولة لتحجيم حالات الإضرابات التى تتعلق بعدد من مؤسسات الدولة الحكومية، مؤكدًا أن حرية التعبير عن الرأى والإضراب هو حق مشروع للمواطنين إذا لم يستطيعوا الحصول على حقوقهم المشروعة من خلال القنوات الشرعية، لافتًا إلى أن الحكومة إذا كانت قد فشلت فى الاستجابة لمطالب المواطنين المشروعة فعليها أن ترحل لا أن تصادر حريتهم فى التعبير عن آرائهم.. وأوضح سالم أن هناك محاولات من قبل الحكومة من أجل تمرير عدد من التشريعات والقوانين بطرق عديدة متناقضة مع بعضها البعض كحماية مكتسبات الثورة، وحماية حرية العمل، لافتًا إلى أن كثرة الاتجاه إلى إصدار قوانين استثنائية يفرغ إنهاء حالة الطوارئ من مضمونها، ويشرع فى تأييد القوانين العامة على حد تعبيره. كما انتقد أحمد عزت، الناشط الحقوقى بمؤسسة حرية الفكر والتعبير عن الرأى، لجوء الحكومة فى الفترة الحالية لإعداد مشروع بتجريم الاعتداء على حرية العمل، معتبرًا أن القانون فى مضمونه يتعلق بزيادة القوانين المؤيدة لتقييد الحريات لاسيما أن قانون العقوبات ملىء بالقوانين التى يجب أن تلغى، موضحًا أن مثل هذه القوانين تعد رجوعًا إلى الخلف، وأن الحركات النقابية والعمالية تواجه هجمة شرسة من الدولة لا يمكن أن تفصل عن الهجمة الشرسة التى تواجهها الإضرابات.. وأشار إلى أنه من بين الهجمة الشرسة التى لم تحدث من قبل هى سجن عمال حاويات لمدة ثلاث سنوات، مما اعتبره جزءًا من البنية التشريعية المعادية التى لم تحدث فيما قبل قائلاً: "العمال أصل العمل، وتظاهرهم واحتجاجهم بشكل سلمى هو أمر مكفول فى دستور 71 المعمول به حاليًا وبموجب جميع الاتفاقات الدولية، مشيرًا إلى أن الحكومة تهرب من مسئوليتها فى تحقيق مطالب العمال بإعداد قوانين استثنائية لتقييد حرية التعبير". فى السياق ذاته أكد عماد العربى، الأمين العام المساعد لاتحاد النقابات المستقلة، أن الاتحاد ضد أى اعتداء وتخريب للمنشآت ولن يوافق عليه، إلا أنه أشار إلى أن الاتحاد فى الوقت نفسه يرفض ولن يقبل أى مشاريع لقوانين تحد من حرية العمل فى التعبير عن الرأى. ونفى صابر أبو الفتوح، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب السابق، والقيادى بحزب الحرية والعدالة، أن يكون مشروع القانون دعوة من أجل تقييد الحريات النقابية والعمالية، لكنه أشار إلى أن هناك فرقًا بين الإضراب وتعطيل الإنتاج والتخريب، متهمًا القوى الليبرالية واليسارية بتحريض العمال على الإضرابات وتخريب اقتصاد البلاد فى المرحلة الحالية قائلاً: "اتهم كمال أبو عيطة وكمال عباس بأنهم وراء الإضرابات ووراء تحريض العمال فى عدد من المصانع وبالمستندات، ومحال تخريب الاقتصاد بدعاوى حقوق العمال- على حد تعبيره". وأضاف "أبو الفتوح": أننا مع العمال ومطالبهم وحرية التعبير عن الرأى، مشيرًا إلى أن العمال يطالبون بأقل من حقهم، لافتًا فى الوقت نفسه إلى أن العمال يحتاجون نقابة قوية تطالب بحقوقهم وتراعى متطلباتهم على أن يتفرغوا هم للإنتاج، لافتًا إلى أن الإضرابات فى دول العالم المتحضرة تكون بالالتزام بالإنتاج لكن مع رفع شعار الإضراب, مشددًا على أهمية التفريق بين الحركات الاحتجاجية والحركات التخريبية، وأن هناك فرقًا بين المطالبة بالحقوق بطريقة سلمية وبين دعاوى التخريب بدعاوى الحرية.