وزير الشئون النيابية يلتقي وزير العمل    محافظ سوهاج يبحث شكاوى وطلبات المواطنين    وزير الخارجية الإيراني يفسر سبب هجوم "الكيان الصهيوني المتوحش" على لبنان    هيئة البث الإسرائيلية: «إدارة بايدن حذّرت نتنياهو من المساس بالبنية المدنية في لبنان»    أرتيتا: أوديجارد يعود لأرسنال في غضون أسابيع    ملخص أهداف مباراة الهلال والبكيرية في كأس خادم الحرمين الشريفين    سيده تفقد الوعي وتمزق جسد نجلها وزوجها بسوهاج    هاني رمزي يكشف أسباب ابتعاده عن المسرح.. شاهد    الخميس.. "الصحفيين" تنظّم ندوة "150 عامًا على مجلة روضة المدارس.. لماذا اختفت الصحافة المدرسية؟"    متحدث الإسكان: قرار إلغاء 70% من غرامات تأخير الشقق والمحال لدعم المواطن    «تاج الدين»: وفيات أسوان ال 5 ترجع لإصابتهم بأمراض مزمنة    وفد من الاتحاد الأوروبي يزور الأديرة والمعالم السياحية في وادي النطرون - صور    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للقوات الجوية والدفاع الجوى    بحضور محافظة الدقهلية، نموذج محاكاة لخطة مواجهة سقوط الأمطار (صور)    5 توصيات لندوة مجلة الأزهر الشهرية حول المرأة    تحديد موعد أول كلاسيكو فى الموسم بين ريال مدريد ضد برشلونة    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    بشرى سارة- ضخ كميات جديدة من الأدوية في السوق المصري (قائمة بالأسماء)    الكشف والعلاج المجانى ل378 حالة ضمن قافلة "بداية" بجراجوس فى قنا    مصر توقع اتفاقية تشغيل المرحلة الثانية من مشروع دعم صغار المزارعين    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    محافظ الدقهلية يشهد نموذج محاكاة للتأكد من استعداد الوحدات المحلية لمواجهة سقوط السيول والأمطار    فنانو مصر يدعمون لبنان    صندوق أسرار مريم الجندي.. والدها من أشهر الفنانين وأخوها مخرج معروف    روسيا: العالم الحديث يواجه تحديات غير مسبوقة ووحدة الدول ضد النازية دفعت لإنشاء الأمم المتحدة    وزارة الرياضة تنفذ سلسلة من الأنشطة المتنوعة للنشء بمراكز الشباب    تأكيد مشاركة 45 وزيرًا و70 رئيس مدينة حتي الآن.. تفاعل دولي ومحلي واسع لاستضافة مصر المنتدى الحضري العالمي 4 فبراير المقبل لتدشين حقبة جديدة للتنمية العمرانية    هل يمكن علاج المثلية الجنسية بالتأهيل النفسي؟    البنك المركزي المصري يقبل ودائع بقيمة 848.4 مليار جنيه    «100 يوم صحة» قدمت 85 مليون و960 ألف خدمة مجانية خلال 54 يوما    محافظ المنيا يتابع أعمال رصف ورفع كفاءة عدد من الشوارع والطرق ببني مزار    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    رئيس جامعة القاهرة: لدينا علاقات قوية مع الجامعات الصينية ونبحث تبادل الزيارات والبرامج المزدوجة    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    عدد جماهير مباراة الأهلي والزمالك في السوبر الإفريقي    وزيرة التضامن تتوجه إلى جنيف للمشاركة في فعاليات الدورة ال 57 لمجلس حقوق الإنسان    بلال ل أحد منتقديه: نصحناك من 20 سنة..«تمارس مهنة مش مهنتك»    زيلينسكي يسعى لحشد الدعم للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا    اختلال عجلة القيادة.. تفاصيل إصابة 4 أشخاص إثر تصادم سيارتين بمنشأة القناطر    الجيزة تزيل 13 كشك و"فاترينة" مقامة بالمخالفة بالطريق العام في المنيب    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    طقس الفيوم.. انخفاض درجة الحرارة والعظمى تسجل 33°    «سيدات سلة الأهلي» يواجهن الشمس ببطولة منطقة القاهرة    إيرادات مفاجئة لفيلم عاشق في دور العرض المصرية.. تفاصيل وأرقام    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أسبوع المناخ    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    باستخدام كبرى العلامات التجارية.. التحقيق في واقعة ضبط مصنع أسمدة منتهية الصلاحية بالغربية    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    موتسيبي: التمويل سبب أزمة الكرة الإفريقية    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأرثوذكسية والصراع الثقافى... شواهده والواجب(1)
نشر في المصريون يوم 12 - 10 - 2012

إن معاداة الكنيسة الكاثوليكية "الأرثوذكسية" - ومن بعدها عموم الكنائس الصليبية – التعددية الثقافية لشعوب القارة الأوروبية في القرون الوسطى، فإكراهها فيها المخالفين لها - كما يقرأ أطفال أوروبا في مناهجهم التعليمية - على إعتناق دينها، وترصدها في العهد الحديث لشعوب القارة - بعد أن تحولت عمومها عنها إلى الأيديولوجيات العقلانية (Rationalism) - بعدوانية، من أسوأ مظاهرها إلى حاضرنا اتحادها فيه مع قوى الشر الدولية، الفاشية والديكتاتورية والعسكرية، عمومًا الرجعية والقمعية، لنشر أو "الحفاظ" على مرجعيتها ومصالحها المرتبطة بها فيها، دون أي مراعاة في ذلك لإرادتها أو توجهاتها، كان – ومازال - إلى يومنا هذا سبب تلاحم القوى الجماهيرية الديمقراطية ضدها، وحرصها على ترقب سير عملها في أوطانها، للخطر الدائم الوارد منها وشركائها على استقرار وصلاح شؤونها. الأمر الذي أوصي به اليوم أيضًا أوطاننا العمل به، بالذات بعد أن بات ذات المشهد الرجعي، مشهد تلاحم وتآلف عموم الكنائس الأرثوذكسية والصليبية على أرض القارة العربية والأفريقية مع القوى القمعية والرجعية، الكائنة داخل وخارج جمهورياتها، حاضرًا فيها.
مواقف الكنيسة القبطية في مصر من الجمهورية في العقود الأخيرة، المسيئة لإرادتها الشعبية ولحقوق مواطنيها الطبيعية، خير مثال للسابق ذكره. أذكر منها تأييد بطريركها الراحل شنودة الثالث لشخص وفكر ومنهاج أكبر مجرم عرفته الجمهورية: حسني مبارك، وسعيها في عهده تحت مظلته الديكتاتورية إحقاق مكاسب طائفية لها، ناهيكم عن جرائم الهرطقة التي مارستها تلك المؤسسة بمواطنينا، بالتعاون مع ذلك الرئيس المجرم و"أذنابه"، الذين ذهبت معهم - بعد سجنه ورحيل البطريرك - لتحدثنا عن حقوقنا الطبيعية والدستورية ... في ما أسرى كنائسها يستصرخون المولى تعالى تحت قبابها حقاً طبيعيًا لهم اسمه الحرية. حقا "اللي إختشوا ماتوا"... يرحمكم الله يا شهداء الجمهورية.. يا من رفضت عموم الكنائس – إن لم تكن كلها - تأبينكم.
إنها مواقف يجب ألا تنسي لتلك المؤسسة الأرثوذكسية، ولا لأخواتها. مواقف لا يصدق وصفها بأي حال من الأحوال بوطنية، لكن بكل حال ميكافيلية (إنتهازية) وإجرامية؛ متأسية من الأرثوذكسية الكاثوليكية، التي ثبت لها عبر التاريخ أنها وأتباعها كانت في ما يخدم أهدافها ومصالحها لا تملك وازعًا دينيًا أو خلقيًا لإحقاقه. فمما سجل التاريخ للمؤسسة الكاثوليكية عن السابق ذكره، أنها لأجل إحقاق مكاسب سياسية أو ثقافية على أرض القارة الأوروبية، أو لأجل الحفاظ على سلطاتها ومصالحها فيها، كثيرًا ما كانت تعمد إلى استحداث صراعات طائفية عليها أو نصرة القوى القمعية الكائنة فيها لتدركها. "الصراع الثقافي" (Cultural Struggle) – موضوع حلقاتنا - إحدى صور المنهاج الطائفي السابق ذكره، أما منهاج تحالفها مع القوى القمعية، فلعل أشهر صورة معروفة لها عنه، هي تلك التي نالت اسمًا يدل مباشرة عليها، ألا وهي "الفاشية الإكليركية" (Clerical Fascism)، أى ما معناه تلاحم الكليروس (مسؤولي المؤسسة الكنسية) مع رؤوس النظم الديكتاتورية الفاشية. الأمر الذي حدث على أرض القارة الأوروبية في ثلاثينيات القرن الماضي واستمر لغاية سبعينيات ذلك الزمان، وعلى أرض الجمهورية بالأمس بين كليروس المؤسسة "القبطية" و"المبارك" منها، ثم بعد خلعه بينها وبين أعوانه وسند نظامه. ربما سنتناول مقتطفات من ذلك المنهاج في سلسلة الحلقات القادمة.
لقد كانت تلك السلوكيات السابق ذكرها، التي نهجتها الأرثوذكسية وعموم المؤسسات الصليبية في حق شعوب القارة الأوروبية، بل دوليا، سبب رغبة عمومها عنها، وحرصها كل الحرص إلى حاضرنا في طور التحول (Evolution) الثقافي والسياسي لها على عزلها ومرجعيتها عن كافة شؤونها. المبدأ المعروف عندها بفصل الدين عن الدولة. مبدأ أوصي به اليوم أيضًا العمل به على أرض جمهوريتنا، لكن بصورة مدنية عصرية وحضرية، مفادها عزل القوى المعادية لتوجهاتها الديمقراطية وحقوق مواطنيها الطبيعية، كالكنيسة الأرثوذكسية القبطية والأحزاب "القومية" و"الليبرالية" التي تواطأت معها في قضية وفاء قسطنطين وأسرى الكنائس، حتى نتبين موقفها منها.
فليس بعد أن شهدنا تعديات – أو كما أسماها السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي "تجاوزات" - المؤسسة الأرثوذكسية "القبطية" في حق الجمهورية ومواطنيها، على مدى عقود تلاحمها مع قوى الشر الإجرامية التي كانت قائمة فيها، أذكر منها على سبيل المثال أسر المتحولين عن دينها في أديرتها (وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة وماري منيب وعبير فتحي و..و.. )، وبعد أن تبين لنا موقفها المشين من الثورة الشعبية وقتلى الجمهورية، الذين رفضت عمل واجب التأبين نحوهم، في ما فعلت ذلك في الذين ذهبوا إلى ماسبيرو ليقاتلوا جندنا، شاهرين الصلبان على رؤوسهم وكأنهم في حملة صليبية، وبعد أن استعدى بعض القساوسة ومن تربى في تلك المؤسسة القوى الخارجية الرجعية علينا، وعمدوا معها للإساءة إلينا في وسائل إعلامهم دون وجه حق، الأمر الذي كان مردوده سلبيًا على علاقاتنا الدولية فمصالحنا القومية، السياسية والاقتصادية، إلا وواجب التحرك ضدها وأعوانها لمنع تعدياتها على الجمهورية ومواطنيها، فعلى مصالحنا العامة، الإقليمية والدولية. لا بد من عزلها عن كافة شؤوننا، ومحاسبتها على كل مواقفها غير الوطنية وغير الإنسانية المذكورة هنا، ومراجعتها على سياساتها الإقليمية والدولية، حتى نتبين أمرها فينا، قبل أن تترك مرة أخرى – إن صلح أمرها - لتتفاعل على أرضنا كمؤسسة يحق وصفها بال"وطنية". ذلك ما فعلته القوى الليبرالية الأوروبية بالأرثوذكسية وأخواتها بالأمس - الصراع الثقافي الذي سنتناوله خير مثال على ذلك، وذلك ما تفعله المجتمعات الديمقراطية اليوم بالقوى التى يتم تصنيفها فيها بال"إرهابية" أو ال"مشبوهة أمرها". الأمر الذي شهدناه يحدث على أرض الجمهورية الألمانية مع إحدى المؤسسات السلفية منذ أشهر قليلة فقط. إذ تم حلها لدعوة بعض "دعاتها"– بحسب قول وزير الداخلية – أتباعها إلى إسقاط النظام الجمهوري الديمقراطي للدولة، الذي يتنعمون فيه بالأمن والأمان والعدل والاستقرار، لإحلال الشريعة الإسلامية مكانه... ويحسبون أنهم بذلك يحسنون صنعا؟؟؟؟ ... إذا كان العدل والسلام متحقق بالديمقراطية، فعلام تطبيق الشريعة الإسلامية؟ أإكراه في الدين؟ للعلم، للمسلمين حق مطالبة مؤسسات الدولة الألمانية تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على شؤونهم الحيوية، كشؤون الإرث على سبيل المثال. ذلك حق مكفول لهم من ضمن حقوق كثيرة.
تأملوا كيف كان خلق المسلمين الأوائل على أرض الحبشة، دار العدل الذي مدح نبينا نجاشيها النصراني، ورغب صحابته وأتباعه للهجرة إليه، وكيف كان خلق الصحابة عندما أقاموا بجواره، ثم تأملوا لحال وتصرف بعض الفئات الداعية بالعقلانية الإسلامية اليوم على أراض حاضنة للحرية والحقوق الطبيعية... هداهم وإياي الله.
المهم، لأقل بكثير مما فعلته الأرثوذكسية على أرضنا، تم حل جماعة إسلامية في الجمهورية الألمانية، دون النظر في ذلك لحاجات أتباعها المرتبطة بها، لتكون عبرة لمن أراد أن يسير على نهجها. الأمر الواجب فعله أيضًا في جمهوريتنا ودوليا بكافة القوى غير الديمقراطية القائمة فيها، المتربصة لها والمهددة لشؤونها واستقرارها... وللحديث بقية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.