اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الصدام الأخير بين الرئيس محمد مرسي والنائب العام، بعد رفض الأخير قرار الأول بعزله، هو بداية المناوشات في معركة طال إنتظارها. ووصفت الصحيفة النائب العام، عبد المجيد محمود، بأنه من بين أكثر بقايا نظام مبارك المخلوع المكروهة شعبياً، وأن محاولة إبعاده تأتي في لحظة وصلت فيها صورة النائب العام إلى مستوى متدني جديد. وأشارت إلى أن المدعين الذين اختارهم النائب العام فشلوا في الفوز بحكم إدانة واحد ضد العشرات من حلفاء مبارك المتهمين بتدبير هجوم عشرات البلطجية على المتظاهرين المناهضين لحكم مبارك أثناء الثورة المصرية فيما عرف لاحقاً باسم "موقعة الجمل". وأضافت أن هذا الفشل يأتي بعد فشل آخر في الفوز بإدانات حقيقية ضد الرئيس المخلوع مبارك ونجليه ووزير داخليته وكبار القيادات الأمنية في نظامه في تهم متعلقه بالفساد وقتل المتظاهرين. وقالت الصحيفة أنه حتى عندما أدانت المحكمة مبارك وقضت بسجنه فإن القاضي إعترف بعدم وجود أي أدلة تدينه، مما يجعل الاستئناف أمراً حتمياً. ولفتت إلى أنه على الرغم من القناعة الشعبية بأن المتهمين في محاكمة مبارك وفي موقعة الجمل مذنبين، إلا أن خبراء القانون إعترفوا بأن القضايا ضدهم ضعيفة ومسيسة. وترى الصحيفة أن الجهود المبذولة لإبعاد النائب العام عن منصبه هي واحدة من خطوات الرئيس مرسي الأولى لوضع ختمه على البيروقراطية والنظام القانوني. واختتمت الصحيفة قائلة أن التيار الإسلامي الذي ينتمي إليه مرسي وغالبية أعضاء البرلمان يشعرون بإستياء قديم من نظام مبارك القضائي لإنحيازه ضدهم، مشيرة إلى أن العداء المتبادل وصل ذروته عندما قضت المحكمة الدستورية العليا التي عينها الرئيس المخلوع بحل البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميين في الوقت الذي كان فيه مرسي يفوز بإنتخابات الرئاسة. من جانبها قالت وكالة أنباء "أسوشيتد برس" الأمريكية أنه على الرغم من أن قرار مرسي يحظى بتأييد شعبي كبير، إلا أنه يبدو شبيهاً بقرار إعادة البرلمان على الرغم من قرار المحكمة الدستورية العليا، وهو ما إنتهى إلى اجتماع البرلمان بعدها مرة واحدة فقط في جلسة قصيرة. وأضافت أن الرئيس مرسي يقوم بإرسال رسائل مختلطة للرأي العام، فهو من ناحية يهز مؤسسات الدولة للتخلص من رموز نظام مبارك المكروهة شعبياً، ولكنه في الوقت نفسه يقوم باستبدالها بشخصيات إسلامية أو متعاطفة مع التيار الإسلامي، مما يثير مخاوف الكثير من الأحزاب الليبرالية والعلمانية. وتابعت قائلة أن النزاع الأخير حول إقالة النائب العام حمل رسالة مزدوجة، فمن جانب يبدو أن الهدف منه هو إسترضاء الغضب الشعبي الذي فجرته أحكام البراءة لجميع متهمي محاكمة "موقعة الجمل"، والتي حمّل الكثيرون النائب العام مسؤوليتها إما عن قصد أو بسبب قلة الكفاءة وعجزة عن تقديم حجج قوية ضد المتهمين مما أدى لتبرئتهم. ومن جانب آخر فإن توقيت القرار قد يكون محاولة من قبل الرئيس مرسي لنزع فتيل غضب النشطاء الليبراليين والعلمانيين الذين يعدون لمظاهرات حاشدة ضد الحكم الإسلامي تحت شعار "جمعة المحاسبة". بدوره أكد محامي حقوق الإنسان، أحمد راغب، أن الأمر يتطلب أكثر من إقالة النائب العام لإصلاح القضاء، مشيراً إلى أن "القضاء مكتظ بقضاة يتصرفون كأنهم جنود مبارك، وتغيير النائب العام لن يغير ذلك"، مشدداً على ضرورة إجراء إصلاحات جذرية.