أعربت الولاياتالمتحدة مجددا اليوم عن "قلقها العميق" ازاء انباء عن استمرار الحكومة المصرية في "اعتقال واضطهاد" نشطاء بمنظمات المجتمع المدني في مصر. وقال مدير القسم الاعلامي بوزارة الخارجية الامريكية توم كاسي "ان هناك انباء عن قيام السلطات المصرية باعتقال ناشطين من المجتمع المدني هما محمد الشرقاوي وكريم الشاعر وتعذيبهما ومنعهما من الحصول على العلاج الطبي" معتبرا انه في حال ثبوت تلك الادعاءات فان ذلك سيمثل انتهاكا للقوانين المصرية وممارسات ومتطلبات حقوق الانسان الدولية. وكشف كاسي في لقاء بالصحافيين عن أن السفارة الامريكية في القاهرة قد اثارت تلك القضية مع مسؤولين مصريين داعيا مصر الى تقديم العلاج الطبي اللازم للشرقاوى والشاعر والتحقيق في ما شاب قضيتهما واي قضايا اخرى مماثلة. وحث الحكومة المصرية على اتخاذ "خطوات فورية" لمعاقبة المسؤولين عن تعذيب هذين الناشطين ووضع معايير مؤسساتية لمنع هذا النوع من الحوادث وحماية حقوق المواطنين المصريين في التجمع والتعبير عن انفسهم بشكل سلمي. وكانت سلطات الامن المصرية قد اعتقلت الشهر الماضي العشرات من بينهم الطالبان محمد الشرقاوي وكريم الشاعر خلال تفريقها بالقوة تظاهرة وسط القاهرة للمطالبة باصلاح القضاء وهو ما انتقدته الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي ومنظمات دولية تدافع عن حقوق الانسان. وقالت هيئة الدفاع عن الشرقاوي والشاعر انهما تعرضا للتعذيب على ايدي رجال الشرطة عند اعتقالهما وسط القاهرة وبعد اقتيادهما الى قسم الشرطة وهو ما اثبتته تقارير النيابة العامة بالفعل الا ان وزارة الداخلية المصرية نفت تعرضهما للتعذيب. يذكر ان نجل الرئيس المصري رئيس لجنة السياسات في الحزب الوطنى الحاكم جمال مبارك زار الولاياتالمتحدة قبل اسبوعين والتقى مسؤولين امريكيين بينهم نائب الرئيس ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي حيث اكد لهم التزام مصر بوعود الاصلاح السياسي التي قطعتها على نفسها. وكانت الادارة الامريكية قد نجحت الشهر الماضى في انتزاع موافقة الكونغرس على تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية لمصر بقيمة 7ر1 مليار دولار على الرغم من اعتراض اعضاء في الكونغرس على تقديم هذه المعونة بدعوى عدم التزامها بالاصلاح السياسي والديمقراطي الا ان الادارة الامريكية وصفت مصر بالحليف الرئيسي لواشنطن في الشرق الاوسط وتضطلع بدور هام في النزاع الفلسطيني - الاسرائيلس والحرب على الارهاب. ومن جهة أخرى طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش فى بيان لها الرئيس حسني مبارك بتحقيق قضائي مستقل في واقعة الضرب والاعتداء الجنسى من قبل رجال الامن (الخميس الماضي) للناشطين كريم الشاعر ومحمد الشرقاوي. وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "يجب على الحكومة المصرية أن تجري تحقيقا في هذه الاعتداءات وأن تعاقب مرتكبيها.و يتعين على الرئيس مبارك أن يضع حدا للانتهاكات المتكررة من جانب رجال أمن الدولة". وقال الشرقاوي في رسالة نشرتها المصريون منذ ثلاثة ايام استطاع تسريبها من السجن أن معتقليه في قسم شرطة قصر النيل انهالوا عليه ضربا لساعات ثم قاموا باغتصابه بأنبوبة من الكرتون المقوى. ومن ثم أرسلوه إلى مكتب النائب العام لأمن الدولة في ضاحية مصر الجديدة. وابلغ محامي الشرقاوي منظمة هيومن رايتس ووتش أنه رأى الشرقاوي في مكتب النائب العام في منتصف تلك الليلة, ولم يكن هناك جزء واحد من جسده خال من الكدمات والجروح . وأمر النائب العام لأمن الدولة بحبسهما لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق,وكانت السلطات قد أفرجت عن الشرقاوي والشاعر من سجن طرة في 22 مايو بعد حبسهما أثر مشاركتهما في مظاهرات في 24 أبريل و 7 مايو على التوالي. وكانت مظاهرة 25 مايو لإحياء ذكرى مرور عام على العنف الشديد الذي حدث من جانب الشرطة و"البلطجية" الذين حشدهم الحزب الحاكم ضد الصحفيين والمتظاهرين الذين كانوا يدعون إلى مقاطعة استفتاء دستوري. وكتب الشرقاوي في بيانه أن ما يقرب من 20 من رجال أمن الدولة قد أحاطوا به أثناء مغادرته مظاهرة الأسبوع الماضي بالسيارة وأخذوا في ضربه بشدة: "وكانت لكماتهم ورفساتهم تأتي الواحدة تلو الأخرى... وكانت هناك لحظات ألم شديد، وشتائم وضربات كثيرة... تستهدف جميع أنحاء جسدي". وكتب الشرقاوي أنه حُشر داخل سيارة شرطة، ومن ثم "طلبوا مني أن أضع رأسي بين ركبتي. وبالطبع أطعت. وبمجرد أن فعلت ذلك بدأوا في ضربي على ظهري بكل قوتهم". ويعتقد الشرقاوي، على الرغم من تعصيب عينيه، أنهم اصطحبوه إلى قسم شرطة قصر النيل بسبب الاتصالات التي سمعها عبر لاسلكي الشرطة. كما كتب أنه "داخل قسم الشرطة استهدف الضرب أمكان بعينها". وأمر أحد الضباط بخلع بنطلون الشرقاوي وأخذ في عصر خصيته اليسرى، مسببا ألما شديدا. وأضاف الشرقاوي: "كان الألم شديدا. وأستمر الضابط في ذلك لمدة ثلاث دقائق، كنت أصيح خلالها واستجديه بالتوقف حتى يمكنني التقاط أنفاسي. ثم قام الضابط بنزع ملابسي الداخلية ومزقها قطعا، وأستمر في ضربي في أماكن مختلفة من جسدي. ومن ثم أمروني بالانحناء. ورفضت فعل ذلك، لكنهم أجبروني". وقال الشرقاوي إن الضباط قاموا بعد ذلك باغتصابه عنوة بأنبوبة من الكرتون المقوى. وأخبر جمال عيد محامي الشرقاوي والشاعر منظمة هيومن رايتس ووتش أنه رأى الشرقاوي في تلك الليلة، وكانت شفتاه منتفختين وملطختين بالدماء، وكانت عيناه مغلقتين بسبب الانتفاخ، وكان يمكن رؤية بصمات الأحذية على جسده. وأخبرني أن الضرب أستمر لما يقرب من ثلاث ساعات حتى بات غير قادر على الإجابة على استجواب الشرطة بسبب امتلاء فمه بالدماء وبسبب انتفاخ شفتيه. ذلك.. وقال عيد إنه طلب من وكيل النائب العام، محمد فيصل، أن يسمح لطبيب أحضره معه بفحص الشرقاوي ومعالجته، لكن النائب العام رفض هذا الطلب. ولم تسمح السلطات للشرقاوي بالعلاج الطبي إلا بعد أربعة أيام، في 29 مايو .