عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم الاثنين، جلسته المخصصة للاستماع إلى تقرير لجنة تقصى الحقائق الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان فى سوريا والمكلفة من قبل المجلس. وقد قدمت اللجنة تقريرها الأخير اليوم فى جنيف.. موجهة اتهاماتها إلى القوات الحكومية ومقاتلى الشبيحة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ومن ضمنها القتل والتعذيب، مؤكدة ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولى بما فى ذلك أعمال القتل غير المشروع والهجمات العشوائية ضد السكان المدنيين وأعمال العنف الجنسى. وجاء فى التقرير، الذى يبلغ عدد صفحاته 102 صفحة، أن هذه الانتهاكات تم ارتكابها عملا بسياسة دولة وتدل على تورط اعلى المستويات فى القوات المسلحة وقوات الأمن والحكومة. وأشارت اللجنة الدولية إلى أنها ستقدم إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان قائمة بأسماء محددة لأشخاص يشتبه فى قيامهم أو مسئوليتهم عن ارتكاب جرائم ترقى لكونها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.. حيث تعتبر تلك القائمة هى الثانية التى تقدمها اللجنة إلى مكتب المفوضة السامية. واشتمل تقرير اللجنة الأممية الدولية أيضا على تحديث لنتائج لجنة التحقيق المتعلقة بأحداث ما عرف ب "مجزرة الحولة"، والتى وقعت فى 25 مايو الماضى، وخلص التقرير المقدم اليوم إلى مجلس حقوق الانسان إلى أن القوات الحكومية والمقاتلين من الشبيحة هما المسئولان عن عمليات القتل التى أودت بحياة أكثر من 100 مدنى نصفهم تقريبا من الأطفال. من ناحية أخرى، أشارت لجنة تقصى الحقائق الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان فى سوريا - فى تقريرها المقدم اليوم إلى مجلس حقوق الإنسان - إلى ارتكاب جرائم حرب بما فى ذلك القتل العمد والقتل خارج نطاق القانون والتعذيب وذلك من قبل الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة، غير أن هذه الانتهاكات والتجاوزات حسب التقرير لاتوازى فى خطورتها وانتشارها ووتيرة وقوعها تلك الانتهاكات التى ارتكبتها القوات الحكومية والشبيحة. وأفادت بأن الوضع فى سوريا قد تدهور بشكل ملحوظ منذ 15 فبراير الماضى وذلك مع انتشار العنف المسلح إلى مناطق جديدة واحتدام الأعمال العدائية ما بين القوات الحكومية والشبيحة والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة، مشيرة إلى استخدام طرفى النزاع لتكتيكات أكثر وحشية ولقدرات عسكرية جديدة وذلك خلال الأشهر الأخيرة. وأكدت أن توافق الآراء على الصعيد الدولى هو أمر ضرورى من أجل إنهاء العنف فى سوريا وبناء الطريق نحو عملية تحول سياسية تعبر عن التطلعات المشروعة لجميع شرائح المجتمع السورى بما فى ذلك الأقليات العرقية والدينية. وشددت اللجنة على أن عدم تمكينها من الوصول إلى سوريا أعاق بشكل كبير من قدرتها على إنجاز ولايتها وأنها قامت بنشر طواقمها فى الدول المجاورة لسوريا وغيرها لجمع الشهادات من السوريين ممن غادروا البلاد وقامت منذ 15 فبراير الماضى بإجراء 693 مقابلة ما بين مقابلات ميدانية وأخرى انطلاقا من جنيف ليصل عدد إجمالى المقابلات التى أجرتها لجنة التحقيق منذ إنشائها فى سبتمبر 2011 إلى 1062 مقابلة. ومن جانبه، أكد باولو بنيرو رئيس لجنة التحقيق الدولية حول سوريا، والتى قدمت تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان اليوم الاثنين، أن النزاع السورى بات يهدد المنطقة ككل، كما أنه يصيب أسس سوريا كدولة وشعب ويهدد بانهيار الدولة تماما. وقال بنيرو - فى كلمته أمام المجلس اليوم - "إن لجنته قد جمعت كمية هائلة من الأدلة الخاصة بالانتهاكات فى سوريا وسيتم توفيرها لآليات العدالة الدولية القادمة"، مطالبا مجلس حقوق الإنسان باتخاذ الإجراءات بشأن طلبات الضحايا وهى المحاسبة لكل مسئول عن تلك الانتهاكات والجرائم وسواء كان المسئول من الحكومة أو المعارضة. وأضاف "أن النزاع فى سوريا يبدو أنه سيستمر حتى استنزاف قوى أحد الأطراف، كما أن مد الأطراف بالأسلحة سوف يزيد من أمد النزاع".. داعيا إلى دعم مهمة المبعوث المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمى. ولفت إلى أن التوتر الطائفى قد زاد فى سوريا وبخاصة فى اللاذقية وإدلب. وقال "إن هناك أخبارا تفيد بأن الأقليات من المسيحين والدروز فى سوريا ينظمون جماعات للدفاع الشعبى لشعورهم بالخوف من تداعيات النزاع القائم". وأوضح أن الوضع الإنسانى وحالة حقوق الإنسان فى سوريا قد تدهورت إلى درجة لم يعد ممكنا معها وصفها بالكلمات، حيث زادت فى العدد والسرعة والدرجة وارتكبت القوات الحكومية والشبيحة جرائم دولية وجرائم حرب، ولفت إلى أن قوات المعارضة أيضا قامت بارتكاب جرائم حيث أعدمت جنود من الجيش النظامى كانت قد أسرتهم لمبادلتهم بأسرى لدى الحكومة.