لا يزال الجدل حول قرار إقالة الدكتور جمال شعبان، مدير المعهد القومي للقلب، الذي أصدرته الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، مستمرًا على مواقع التواصل الاجتماعي وداخل الأوساط الطبية، والذين دعوا لوقفات احتجاجية للتنديد بقرار الوزيرة، وطالبوا الرئيس بالتدخل لإعادته لمنصبة. الضجة التي صاحبت القرار، أثار تساؤلات عديدة حو أسبابه ومبرراته، لا سيما أنه يأتي عقب أيام قليلة من إشادة وزيرة الصحة بمجهودات «شعبان»، ودوره في حل مشكلات عديدة، وكذلك الارتياح الذي ساد الأوساط الطبية بعد اختياره لهذا المنصب؛ نظرًا لكفاءته. وكانت وزارة الصحة والسكان أعلنت الخميس الماضي، إنهاء تكليف الدكتور جمال شعبان، كمدير لمعهد القلب القومي، وإحالته للتحقيق العاجل، نظرًا لتقصيره في مهام عمله، وتكليف الدكتور محمد أسامة، رئيس قسم جراحة القلب بالمعهد، بديلًا عنه. أسباب الصحة وأوضح الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أن قرار وزيرة الصحة جاء بعد مذكرة عرضت عليها من الدكتور أحمد محيى القاصد، مساعد الوزيرة لشئون الطب العلاجي والمشرف على غرفة قوائم الانتظار، توضح عددًا من الأخطاء رصدتها لجنة مشكلة من الغرفة المركزية لمتابعة إنهاء قوائم الانتظار بمعهد القلب القومي. وأشار «مجاهد»، في بيان له، إلى وجود عدد من العمليات الجراحية تم تأجيلها بمعهد القلب بدون سبب أو مبرر لمرضى يعانون من ويلات المرض، وفى أمس الحاجة إلى إجراء التداخلات العاجلة، الأمر الذي حتم اتخاذ هذا القرار حرصًا على صحة وسلامة المرضى، لافتًا إلى أن اللجنة تبينت خلال بحث شكاوى المرضى بوجود عدد 3598 مريض لم يسجلوا من خلال المعهد ضمن منظومة قوائم الانتظار مما يؤجل إجراء جراحاتهم العاجلة. المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أضاف أن اللجنة تبينت أيضاً أن عدد العمليات التي أجريت في الفترة من 1 يناير 2019 وحتى 5 مارس الحالي 79 عملية جراحية فقط من أصل 660 حالة مسجلة على منظومة قوائم الانتظار، علمًا بأن الطاقة الاستيعابية لعمليات القلب المفتوح بالمعهد تبلغ 240 حالة شهريًا. الدكتور محمد نصر، أستاذ جراحة القلب، ونقيب أطباء الجيزة، قال إن القرار الذي صدر بحق مدير المعهد تعسفي، لا سيما أنه شخصية محبوبة وحققت إنجازات كثيرة منذ إسناد المنصب إليها. وأضاف ل«المصريون»، أنه «لا يجوز تشويه صرح علمي كبير يعتبر واجهة تكنولوجية لمصر؛ لكي يتم تبرير قرار ما، في الحقيقة هو خاطئ»، متابعًا: «هذا القرار يأتي في الوقت الذي تسعى فيه مصر إلى الانفتاح على إفريقيا والدول العربية، لذا هو مضر جدًا». نقيب أطباء الجيزة، قال إنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال إهانة الطبيب أو التقليل من شأنه، بل إنه من المفترض حفظ كرامته، متابعًا: «بعض الدول السياحة العلاجية تدر لها أموال طائلة على سبيل المثال الأردن، وبدلًا من تنمية ذلك في مصر والحفاظ عليه يتم الإضرار بذلك». وطالب الوزيرة بالعدول عن قرار الإقالة، لا سيما أنه مشهود له بالكفاءة والجدية في إنهاء المهام الموكولة إليه، مستكملًا «الغالبية العظمى مستاءة من القرار». وأشار إلى أنه «من الوارد حصولها على معلومات مغلوطة أو خاطئة، وبالتالي إذا تراجعت عن القرار فذلك أمر محمود ولا يشينها في شيء، وإنما سيحسب لها وسيتم الإشادة بالقرار». ورد شعبان، قائلًا إن «المعهد أجرى خلال فترة رئاسته ما يزيد على تسعة آلاف حالة قسطرة، وألفي جراحة قلب مفتوح»، مشيرًا إلى أن ذلك تم بمشاركة كتيبة كاملة من العمال والأطباء والممرضين على مدار 24 ساعة. وأضاف، في تصريحات متلفزة له، أن اللمسة الإنسانية عادت إلى معهد القلب، مؤكدًا أن «اليوم الذي صدر فيه قرار إقالته، أجريت 99 عملية قسطرة، و14 عملية جراحة قلب مفتوح، وهو ما لم يستطع أي مركز قلب في العالم أن ينجزه». وتابع أنه «لا يوجد مرضى طوارئ على قوائم الانتظار، وأن المعهد كان يجري العمليات أحيانًا دون بطاقة المريض، بمعدل 450 حالة شهريًا من دون تسجيل». أما، فيصل راجح، عصو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، قال إن الضجة التي صاحبت قرار الإقالة دليل على أنه كفأ وأن القرار غير مفهوم، مشيرًا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تهدأ منذ الإعلان عن القرار. وأضاف ل«المصريون»، أن الأسباب غير مفهومة ولابد من توضيح أكثر من جانب وزارة الصحة، متابعًا «غدًا سيتم بحث الأمر في اللجنة لكن لم يتم تحديد شيء معين». فيما، أكد الدكتور محمد سيد الدراوي، استشاري القلب والقسطرة في معهد القلب القومي، أن مدير المعهد الذي أقيل من منصبه لم يقصر في أداء واجبه، وأغلق عيادته من أجل مباشرة العمل في المعهد. وأضاف: «الجميع صُدم بخبر الإقالة»، متابعًا: «الدكتور جمال شعبان لم يقصر في قوائم الانتظار، وأي تأخير يكون عائدًا لوزارة الصحة بسبب قرارها، والأطباء يعملون من 7 صباحًا إلى 9 مساءً من أجل قوائم الانتظار». وعقب القرار، قال النائب أحمد عبده الجزار، إنه سيتقدم ببيان عاجل للدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب موجه ضد كل من المهندس مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة؛ بسبب إقالة مدير معهد القلب، مؤكدًا أنها إقالة غير مفهومة وغامضة. وأوضح «الجزار»، في تصريح صحفي، أن وزيرة الصحة وقعت في تناقض غريب وغير مفهوم في واقعة إقالة الدكتور جمال شعبان، حيث أشادت بالتقدم الذي أحدثه في معهد القلب وفي القضاء على كل قوائم الانتظار ضمن مبادرة الرئيس السيسي في بيان رسمي خارج من الوزارة للصحفيين من شهر بالضبط ومنشور في العديد من وسائل الإعلام، وعندما أقالته قالت إنه لم يقض على قوائم الانتظار وأنه مقصر في عمله وذلك في بيان رسمي أيضًا. وأشار إلى أن بيان الوزارة ذكر بالنص «أن أعلى مستشفى تابعة لمستشفيات الوزارة قامت بإجراء عمليات ضمن مبادرة الرئيس السيسي؛ للقضاء على قوائم الانتظار، هو معهد القلب القومي بعدد 4952 عملية». وأضاف أن هناك إشادة كبيرة من العديد من الأطباء الذين عملوا في معهد القلب معه وهناك إشادة كبيرة بمجهوده وانحيازه للفقراء، مضيفًا أنه يجب أن تشرح لنا الوزيرة لماذا أقالته واتهمته بالتقصير وهي التي كانت تشيد به في الفترة الماضية. كما تقدم فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، بطلب ببيان عاجل إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، للمطالبة بالتحقيق في قرار وزيرة الصحة، وذلك بسبب الغضب الذي عم الأطباء وانتشرت أصداؤه بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ما يدل على مكانة المدير المقال وتفانيه في عمله. وأوضح أنه من الغريب أن تشيد وزيرة الصحة بالمستوى الذي وصل له المعهد في عهد الدكتور جمال شعبان وبعد أسابيع قليلة تقيله من منصبه. وأضاف «بركات»، أن المعهد حقق أرقامًا لم تحدث طوال تاريخه، إذ يصل عدد العمليات باليوم الواحد إلى 80 عملية جراحية، كما «استطاع القضاء على البيروقراطية والروتين، ورفض أن يكون استكمال أوراق العلاج أولًا، حرصًا على حياة المريض، بالإضافة إلى رفع معدلات أداء العاملين في المعهد، واستطاع أن يصل معهد القلب إلى كافة أنحاء القطر المصري للكشف على قلوب المصريين وإجراء عمليات فورية لمن يحتاج لتدخل جراحي، وكلها دلائل على نجاح هذا الطبيب في إدارته بالرغم من قصر الفترة التي قضاها بالمعهد». وتساءل: «هل يكون إقالة الناجحين إستراتيجية وزارة الصحة في الفترة الحالية للارتقاء بالمنظومة؟»، لافتًا إلى ضرورة التحقيق في سبب الإقالة والذي يرجع إلى التقصير في قوائم الانتظار. وقفة احتجاجية للتضامن فيما نظم عدد من الأطباء والعاملين في المعهد القومي للقلب، اليوم، وقفة احتجاجية صامتة أمام المعهد، للمطالبة بالعدول عن قرار وزيرة الصحة، مشيرين إلى أن «الجميع في المعهد يحبون الدكتور جمال شعبان، وهو اتظلم بقرار الإقالة والمعلومات المرسلة لوزيرة الصحة مغلوطة ولا تمت للواقع بصلة».