أعلن أهالى عزبة نجاتى -التابعة لقرية الروضة بمركز طامية بمحافظة الفيوم، التى فقدت ثلاثة من زهرة شبابها ونجا واحد فقط من بين أهالى القرية، فى المركب التى غرقت على الحدود الليبية أمس الأول- الحداد حزنًا على شبابها المفقود سعيًا وراء الرازق. كان الشباب قد سافروا إلى ليبيا حتى يتمكنوا من الحصول على فرصة عمل يعيشون من خلالها عيشة كريمة والبعض سافر حتى يعود لزوجته وأطفاله ليشترى مسكنًا بعد أن اضطر إلى بيع كل ما يملك حتى جهاز زوجته ومصوغاتها الذهبية ليتمكنوا من توفير الطعام، وأما الحالة الثانية كانت لشابين سافرا إلى العمل لكى يتمكنا من تقديم مهر العرس ويستقرا، والحالة الرابعة لشاب سافر ليرسل لإسرته وزوجته ما يكفيهم من الرزق الحلال حتى يحسن من أوضاعهم المادية الصعبة. أما الناجى الوحيد فى الحادث من أبناء القرية عاد ليكشف والده محمد محمد جمعة عن الأسباب التى سافر من أجلها شباب القرية، والتى كانت تتعلق جميعها بجمع الأموال، قال ابنى تزوج منذ 4أشهر وفجأة اتصل عليا نجلى محمد عقب صلاة العصر من تليفون أحد الأشخاص اللذين ساعدوه فى الاتصال بنا عقب خروجه من البحر، وقال إن المركب التى كان يستقلها برفقة زملائه من أبناء القرية غرقت بالحدود الليبية وأنه تمكن من السباحة لمسافة طويلة وكان يرافقه أحد الضحايا الذى يدعى حسين الذى كان يسكن فى نفس الشارع ولكنهم تفارقوا عندما غرقت المركب. وحكى الأب، الذى امتلأت عيناه بالدموع على نجله، قائلاً إن محمد قال له إن المسافرين شاهدوا مياه تملأ المركب من الخلف، لكن قائدها أكد لهم أنهم على وشك الوصول إلى الحدود الليبية وليس هناك قلق من المياه وبعد مرور وقت قصير فوجئ بغرق المركب، وكان ذلك فى الواحدة ظهرًا وقفز فى المياه وحاول الوصول إلى البر حتى الساعة الثانية ظهر اليوم الثانى، ولن يسمع إلا أصوات الشباب تصرخ بكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، والجميع ظل ينطق بالشهادة بعدما تفرقوا لحظة الغرق، ولم يعلم شيئًا عن أبناء قريته الثلاثة الذين كان يرافقهم. وناشد الأب الرئيس محمد مرسى التدخل فى الأمر لعودة نجله الذى يتم التحقيق معه فى ليبيا، مشرًا إلى أن نجله سافر بعد أن فشل فى الحصول على فرصة عمل تمكنه من يوفر حياة كريمة له ولزوجته. كما التقت "المصريون" مع نسمه رضا محمود -زوجة حسين عبد الله أحد المفقودين فى الحادث- حيث قالت آخر كلام زوجى معى قبل السفر أوصانى بأن أهتم بابننا أدهم الذى يبلغ من العمر عام ونصف، والذى تركه فى رعايتى وسافر بعد أن قمنا ببيع جميع محتويات منزلنا حتى أصبحنا لا نمتلك إلا غرفة النوم فقط، وآخر حاجة طلبها منى قبل السفر أن أبيع مصوغاتى الذهبية حتى نتمكن من توفير 5 آلاف جنيه ثمن السفر، وبالفعل تم بيع دبلة الخطوبة وخاتم كان معى وبعد أن أصبحنا لا نتملك ثمن إيجار الشقة التى نسكن فيها طلب من شقيقه أن نقيم معه أنا ونجلى حتى يعود ويشترى لنا منزلاً والذهب الذى قام ببيعه، كان لا يدرى أن القدر يرافقه بنهايته وخسرنا كل شىء، وتقول: "ليته يعود مصاب بأى إعاقة سأتحملها وأشتغل أنا وأضعه هو وابننا فى عينى لنتونس به". أما والد حسين -أحد المفقودين ويبلغ من العمر 73عامًا- بدأ حديثة بالبكاء على غياب ويقول: لا أريد من الدنيا سوى ابنى حسين الذى لا أعلم عنه شيئًا منذ أن سافر هو وزملاؤه، وأكد أن سبب سفره كان بسبب توفير مسكن مستقل يعيش فيه هو وابن وزوجته. وأضاف أنه يعول أسرة مكونة من 10 أفراد 5 أولاد و5 بنات ولم يحصل أحد منهم على فرصة عمل يعيشون من خلالها، وأشار إلى أن فكرة السفر جاءت نتيجة الحالة الاقتصادية المتدنية التى يعيشها الشباب المصرى، خاصة فى محافظة الفيوم وعدم توفير فرص عمل حقيقية لهم. وقال إن الأربعة الذين سافروا من أبناء القرية هم (أحمد محمود عبد الرحمن حاصل على دبلوم، ومحمد جمعة 22سنة حاصل على دبلوم متزوج منذ شهرين، وحسين عبد الله، ومحمد حسين عتمان) وتلك هى المرة الأولى التى قرر فيها أبناء العزبة أن يسافروا إلى دولة خارج مصر بعد أن أقنعهم أحد أصدقائهم بالفكرة ولأن قهر النظام السابق للشعب هو الذى استدعاهم إلى ذلك لأن الفقر والجوع من أصعب الأشياء على الإنسان. واختتم الوالد وابن العم حديثهما والدموع تنجرف من عينيهما قائلان "منه لله الذى كان السبب فى سفر تلك الشباب وتسبب لهم فى هذا الحادث الأليم". وأكد مصدر مسئول بالمحافظة أن جميع المصاريف التى تتكلفها عودة ضحايا المركب ستكون على حساب المحافظة ولن يتحمل الأهالى أى شىء.