استقالة 6 آلاف طبيب فى 3 سنوات.. وزيرة الصحة تعترف بوجود أزمة.. رئيس «صحة البرلمان»: طبيب لكل 1330 شخصًا «الصحة» تدرس التعاقد مع الأطباء المحالين للمعاش.. أطباء التخدير كارثة صحية منتظرة.. وأستاذ بقصر العيني: هذه مطالبنا "إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه"، مثل شعبي يتداوله المصريون، حبًا في العمل الحكومي، والتمسك به فى كل الظروف، قد يكون هذا هو واقع بعض مجالات العمل الحكومى أو الكثير فيما مضى، إلا أن الوضع في القطاع الصحى يختلف، حيث يتهرب الأطباء من العمل بالقطاع الحكومى لأسباب كثيرة، ما تسبب في أزمة حادة يعانى منها القطاع الصحى في. وزيرة الصحة تؤكد تفاقم الأزمة الأزمة ليست وليدة اللحظة، لكنها بلغت ذروتها فى الآونة الأخيرة، الأمر الذى أدى إلى غلق وحدات صحية وأقسام كاملة فى كثير من المستشفيات. وفى سبتمبر الماضي، اعترفت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة أمام البرلمان، بوجود عجز كبير فى عدد الأطباء بمستشفيات الوزارة لعملهم بالخارج أو فى القطاع الخاص، مشيرة إلى أن أطباء التكليف يتوزعون كل عام على مديريات الصحة فى جميع أنحاء مصر، لكن يمكن للأطباء تعديل تكليفهم، والانتقال من المحافظات البعيدة إلى محافظاتهم بعد مرور عام. الدكتور محمد العماري، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب قال إن منظمة الصحة العالمية تحدد طبيبًا لعدد يتراوح ما بين 300 إلى 500 شخص، لكن في مصر هناك طبيب لكل 1330 شخصًا، مؤكدًا أن مصر تعانى من نقص في الأطباء بنسبة 33%، وفى التمريض بنسبة 43%، وهي المشكلة المطروحة على طاولة مناقشات مجلس النواب بشكل شبه يومي. 6000 طبيب مستقيل فى 3 سنوات وقال الدكتور محمد عبدالحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء، إن هناك إحصائيات موثقة من النقابة تفيد باستقالة 1044 طبيبًا في عام 2016، و2549 طبيبًا في عام 2017، و2397 طبيبًا في 2018 حتى 30 نوفمبر، ليبلغ عدد المستقيلين 6 آلاف طبيب خلال 3 سنوات. وأضاف، أن ظاهرة استقالة الأطباء فى تزايد مستمر، متوقعًا أنه إذا لم تُحل مشكلة الأطباء ستكون السنوات أو الشهور المقبلة لن يكون هناك أطباء بمصر، في ظل الخدمة الطبية السيئة بمصر التي تدفع الأطباء إلى السفر للعمل بالخارج، مطالبًا وزارة الصحة برفع رواتب الأطباء، "لا يعقل أن يتقاضى الطبيب فى النوباتجية 70 جنيهًا!". "الصحة" تدرس التعاقد مع الأطباء المحالين للمعاش ومع نهاية العام الجاري، أعلنت وزارة الصحة، إعداد خطة تستهدف زيادة أعداد الأطباء فى الوحدات الصحية ومراكز صحة الأسرة بالمحافظات. وقالت الدكتورة سعاد عبدالمجيد، رئيس قطاع الرعاية الصحية الأساسية، فى بيان لها، إنه يتم سد العجز فى الوحدات والمراكز عبر تسيير القوافل الطبية العلاجية بالمناطق النائية والمحرومة. وأوضحت أنه تم فتح باب الانتداب بنظام "الشيفتات"، حيث تمت مخاطبة القطاع العلاجى بالوزارة لتكليف الأطباء الأخصائيين ومساعدى الأخصائيين بمأمورية للعمل يومين فى الأسبوع بأحد مراكز ووحدات الرعاية الأساسية للإدارة الصحية والمنطقة الطبية التى يتبع لها المستشفى، والتى لا يتوافر بها أخصائيون فى تخصصات الباطنة، والأطفال، والنساء والتوليد، على أن يعمل الأطباء باقى أيام الأسبوع بالمستشفى، ويكون هذا بالتناوب بين الأطباء الأخصائيين ومساعدى الأخصائيين. وأشارت إلى أنه من ضمن تلك التحركات إبرام بروتوكول تعاون مع المحافظات ذات الكثافة، ليتم استقدام أطباء للعمل لمدة شهرين بالوحدات التى بها عجز فى الفريق الطبي، وعمل مكافأة شهرين لهم، بالإضافة إلى ما يتقاضونه من مميزات بمديرياتهم، مع تكريمهم من الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان. وكشفت عن دراسة إمكانية التعاقد مع أطباء متفرغين أو محالين على المعاش من موازنة المحافظات، مع العمل على إعادة توزيع الأطباء داخل المحافظة ومنع التكدسات فى الإدارات والمنشآت المركزية بالمحافظة، والاستعانة بنواب طب الأسرة بوحدات الرعاية الصحية الأساسية وبعد الترقية إلى مساعد أخصائي، والاستعانة بالحاصلين على الزمالة المصرية لطب الأسرة (والدارسين) والتوسع فى برنامج الزمالة المصرية بالمحافظات النائية. وقال الدكتور عصام القاضي، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن "المستشفيات الاستثمارية وتزايد أعداد الأطباء المهاجرين إلى الخارج هما أهم الأسباب وراء أزمة نقص الأطباء التي تعانى منها مصر". وأضاف أنه "تجرى مناقشة الأزمة بالبرلمان حاليًا، وإذا لم يوضع حل عاجل وحاسم، في ظل نمو القطاع الصحي نتيجة الزيادة المطردة في عدد السكان، فإن هذه الظاهرة ستؤثر بشكل سلبي ومباشر على صحة وسلامة المرضى، وسرعة تلقيهم العلاج". وأوضح ل"المصريون"، أن "هناك حلولًا للقضاء على الأزمة تتمثل في تقنين الإجازات للأطباء، وعدم الحصول على إجازة إلا بعد موافقة مدير المستشفى، وإيقاف سياسة مركزية القرار، واستدعاء كل مَن زادت مدة إجازته على 10 سنوات، بالإضافة إلى إظهار الأطباء أنفسهم روح التعاون في ظل الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد في سبيل خدمة أبناء وطنهم". وحول شكاوى الأطباء من التكليف (التعيين الإجبارى لمدة عامين) وهروبهم منه، قال القاضي: "التكليف يفيد الأطباء كما يفيد الدولة، فالطبيب يبدأ فى ممارسة المهنة عمليًا خلال الفترة التى يتم تكليفه فيها حيث يتعرض لمواقف وحالات مختلفة مع مجموعة من الأطباء والاستشاريين الكبار". وأوضح عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن "الدولة غير قادرة على زيادة رواتب الأطباء؛ نظرًا لما تمثله من أعباء إضافية على الموازنة التى تعانى من عجز كبير، في حين أن الأطباء لديهم مصادر دخل متعددة، فقد يعمل الطبيب فى المستشفى بالصباح ويذهب إلى عيادته الخاصة أو أحد المستشفيات الاستثمارية فى المساء". وقالت الدكتورة فاتن محروس، طبيبة تخدير، ل"المصريون"، إن "هناك أزمات داخل القطاع الصحي في مصر، وخاصة في تخصص التخدير، حيث يتهرب الأطباء من التخصص فيه، نتيجة درجة المخاطرة الكبيرة فيه، كما أن الطبيب يعانى من عدم الاستقرار النسبى فى مكان بذاته، "بيدوخ من مستشفى لمستشفى لعيادة، هتلاقى اتنين تلاتة اللى شغالين فى محافظة كاملة، وكل الدكاترة بيتعاملوا معاهم وبالحجز". وأشارت إلى أنه "على الحكومة ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لتدارك حدوث أزمة صحية كبرى فى المستقبل". وتابعت: "نطالب الحكومة بالالتزام بتنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة برفع بدل العدوى من 19 جنيهًا شهريًا إلى ألف جنيه، فضلًا عن اتخاذ إجراءات فعلية لتحسين أوضاع الأطباء، ومنحهم حقوقهم العادلة تنفيذًا للدستور". وقال الدكتور أشرف عبدالستار، استشارى المسالك والأستاذ بطب قصر العيني، والذي يعمل بالسعودية، إن "تدنى أجور الأطباء التى تبدأ ب2300 ولا تزيد على 6000 جنيه عند الخروج على المعاش، هو أحد أبرز أسباب ظاهرة هجرة الأطباء، لأن الطبيب لن يستطيع بهذا الراتب أن يلبى احتياجات الحياة اليومية العادية، وكذلك في ظل الاعتداءات المستمرة على الأطباء بسبب تدنى الخدمة الطبية المقدمة، ومنع الإجازات بدون مرتب، ما يضطر الطبيب الراغب فى الزواج أو شراء شقة وتكوين أسرة إلى تقديم استقالته حتى يتسنى له العمل بالخارج لعدة سنوات". وأوضح عبدالستار أن "مواجهة هذه المشكلة تتطلب عدة إجراءات؛ أهمها تعديل الأجور، وبدل العدوى لتتناسب مع غلاء المعيشة، وتكفل الوزارة بمصاريف الدراسات العليا، كما ينص القانون 14 الخاص بمهنة الطب، والعمل على توفير التجهيزات الطبية اللازمة، وتفعيل عمل الشرطة داخل المستشفيات، منعًا للتعدى على الأطباء، وخلق بيئة عمل مناسبة".