أصبت بالذهول وأنا أرى غلاف مجلة "أكتوبر" الحكومية أو القومية، فى عددها الأخير، وأنا منذ سنوات طويلة لا أقرأ أكتوبر ولا أتابعها، وفى تقديرى أن قراءها لا يتجاوزون عدة عشرات وليس مئات والفضل يعود إلى صلاح منتصر، الذى اختاره صفوت الشريف لقيادتها، ثم أراد بعد أن وصل إلى سن المعاش أن يورثها لأحد أبنائه أو أبناء عمومته، وكان له ما أراد رغم غضب كل الصحفيين فى المجلة، وأكتوبر مثل كثير من المجلات الأسبوعية والشهرية، التى تصدرها مؤسسات منسية أو وزارة الثقافة وغيرها، لم يعد لها أى وجود أو قيمة أو معنى أو حضور، محض إهدار للمال العام، باستثناء أنها "موقع وظيفى" لعدد من الصحفيين بعضهم مظلوم لأنهم جعلوه هنا ولم يجد حيلة غيرها، مجلة أكتوبر وضعت على غلاف عددها الأخير صورة مركبة للرئيس محمد مرسى، وهو يمتطى جوادًا جامحًا ويرتدى ثياب الفرسان بالخوذة والقفاز والحذاء الطويل وخلافه، الصورة باختصار مترعة بالنفاق فى أسوأ حالاته، وتعطى انطباعًا بالغ السوء عن العهد الجديد، باعتبار أنه يبدأ بنفاق السلطة من أول شهر، بعد أن كان النفاق عند السابقين يبدأ بعد أول عام، كما أن هذه "الفضيحة" تقع فى الأسبوع الأول من تعيينات رؤساء تحرير الصحف القومية الجدد، بما يعطى انطباعًا أكثر سلبية عن هذه التغييرات، صحيح أن الصحف الرئيسية لا تسف هذا الإسفاف، ولكن لن تستطيع أن تمنع من يضع يده على قلبه من زحف النفاق بسرعة البرق إلى الإعلام الحكومى، وأعتقد أن من فعل هذا السلوك الشائن لم يقصد تمجيد الرئيس محمد مرسى بقدر ما أراد توريطه والإساءة إليه، أفهم أن بعض أبناء المهنة فى المؤسسات القومية اعتادوا على نمط من التكوين السياسى والمهنى ترسخ على مدار العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية مفاده المثل الشعبى الشهير "اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى"، ويبدو أن بعضهم لم يفهم أن مصر لم تعد هى تلك "الأمة" المستباحة من أسيادها، وإنما هى السيدة التى يعمل الجميع عندها خدامًا، من أول رئيس الدولة إلى أصغر موظف عام، وأن الوعى العام فى مصر لم يعد يحتمل مثل هذا النفاق الرخيص أيا كانت خلفياته أو تفسيراته، وإذا كانت الرسالة تتجه الآن بالضرورة والمباشرة لنقابة الصحفيين من أجل اتخاذ موقف تأديبى صارم تجاه كل من تورط فى "أكتوبر" فى هذه الفضيحة، فإنى أتمنى من رئاسة الجمهورية أيضًا أن يكون لها موقف رمزى تجاه هذا السلوك غير اللائق تنأى بنفسها عن هذا النفاق، ويبعث برسالة إلى الجميع أن مؤسسة الرئاسة تغيرت، وأن المنافقين لم يعد لهم مكان فى مصر الثورة، فنحن لم نقم بالثورة ونقدم كل هذه التضحيات من أجل أن يأتى لنا من يحاول أن يصنع لنا "فرعونًا" بديلاً. [email protected]