أثار تصريح الدكتور محمد معيط، وزير المالية، الذي كشف فيه سعى الدولة للاقتراض من أجل سداد الديون، قائلًا "بنستلف عشان نسدد الديون"، اعتراضات خبراء اقتصاديين طالبوا بالتوقف عن سياسة الاقتراض، بالنظر إلى مخاطرها على مصر. وارتفع الدين العام المحلي إلى 3.536 تريليون جنيه (198.6 مليار دولار) بما يعادل 86.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في مارس 2018، وفق أحدث بيانات صادر عن المركزي. كما قفز الدين الخارجي لمصر إلى نحو 88.1 مليار دولار بما يعادل 36.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية مارس 2018. ويمثل الدين العام بمصر (محلي وخارجي) 123.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية مارس 2018. الدكتور شريف الدمرادش، الخبير الاقتصادي، قال إنه "من غير المرغوب فيه اقتصاديًا زيادة الدين العام بشقيه المحلي أو الخارجي، واستمرار زيادته يمثل خطرًا على اقتصاد أي دولة في العالم، لا سيما إذا كانت الزيادة تتعلق بحج الدين الخارجي". وفي تصريح إلى "المصريون"، حذر الدمرداش من أن "الدولة على مشارف كارثة اقتصادية حقيقية، إذا استمرت على نفس النهج في الاقتراض، وأنه إذا اقترب الدين العام الخارجي من نسبة 60% من الناتج المحلي، فإن ذلك مؤشر خطر، يجب الانتباه إليه". وتستهدف الحكومة خفض الدين العام، كنسبة من الناتج المحلي إلى 91-92 بالمائة في العام المالي الجاري 2018/2019، و97 بالمائة في العام المالي الماضي. وأوضح الدمرداش أن "الدولة تقترض من أجل سد عجز الموازنة العامة للدولة، ولن تتمكن من سداد الديون وفوائدها، إذا استمرت في الاقتراض بشراهة". وتابع: "من الواجب على الحكومة أن تسعى إلى تقليص هذا العجز، وذلك عن طريق زيادة الإنتاج، وكذلك زيادة الصادرات، وتقليل الاعتماد على الواردات، إضافة إلى تعظيم موارد الضريبية والجمركية، وتقليل مصروفاتها. وتؤكد الحكومة، عملها على خفض الدين العام بمعدلات كبيرة، وفق تصورات، تراعي الحفاظ على تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، وعدم زيادة نسب العجز بما يساهم في الوفاء بكافة الالتزامات. ودائمًا ما يقول طارق عامر، محافظ البنك المركزي، إن "مستويات الدين الخارجي وخدمته، لا تدعو للقلق على الإطلاق، وإن قدراتنا أكبر بكثير وتتحمل مزيدا من الديون". غير أن الخبير الاقتصادي حذر من أن الدين العام خاصة الخارجي، في تزايد مستمر، متسائلًا: "كيف سيتم تخفيضه، وما الخطة والتصور الذي وضعه الوزير لخفضه، أم هو كلام فقط دون خطة، لابد من توضيح كل ذلك، وعدم جعل الكلام مرسل فقط". وبرأي الدمرادش، فإن "الاقتراض إذا كان من أجل إقامة مشروعات استثمارية وبنية تحتية تدار على الدولة أموالاً تغطي تكلفة الاقتراض، فلا بأس منه، إما إذا كان من أجل الأجور، فهذه مشكلة، حيث سيتفاقم الدين العام، والأجيال القادمة هي من ستتحمل أعباء الديون التي تقترضها الدولة". ووصف الدكتور يسري طاحون، أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا تصريح وزير المالية بأنه "متناقض"، متسائلًا: "كيف ستسدد الديون وأنت تقترض من أجل السداد؟". وأضاف ل "المصريون"، أن "الدولة لن تكون قادرة على سداد لديون وفوائدها، طالما أنه لا توجد دراسة جدوى للقرض توضح مدى إمكانية وقدرة الدولة على سداد الأعباء، مشيرًا إلى الاستمرار ف الاقتراض أمر غير مرغوب فيه". وأشار إلى أنه "على الحكومة ترشيد الأنفاق العام، عن طريق وضع أولويات، بمعنى أن ترتب أولوياتها من الأهم ثم الأقل أهمية وهكذا؛ لأنها إذا وضعت الأقل أهمية مكان المهم، سيجبرها ذلك على الاقتراض". وتابع: "هناك قواعد لو تم إتباعها سينتج عنها ترشيد الاستهلاك، وتوفير أموال طائلة يمكن استغلالها في إقامة مشروعات وغيرها كثير، الدولة مثلا كل سنة بترصف طرق مع أن غالبية الدول لا تقم بذلك، إلا كل خمس أو عشر سنين، فلو أن هناك خطة ودراسة ما أهدرنا الأموال المنفقة على مثل هذه الأمور".