سيذكر تاريخ ثورتنا العظيمة أن أحزاب بير السلم, التى لم تحظ فى الانتخابات النيابية سوى على بعض المقاعد التى لاتسمن ولا تغنى من جوع كانت وظيفتها الأساسية المشاكسة, ومناطحة الأغلبية, وممارسة ديكتاتورية الأقلية, ولعبوا دور الشريك المخالف, واستخدموا كمخلب قط، حينما تم التوافق الوطنى على الجمعية التأسيسية للدستور؛ لإفساد تشكيلها تمهيدًا لانفرادهم هم لاحقًا بصياغتها تحت بصر وسمع وتوجيه القوى التى يزعمون أنهم يحاربونها! هذه القوى من فرط حيرتها، وعدم تركيزها فى المشهد السياسى وتلازم إخفاقاتها السياسية أمام خصمهم التاريخى؛ تكاثرت كالأرانب الأسبوع الماضى عبر تكتلات وتيارات وقوى كثيرة, منها ما يسمّى "القوى الوطنية المصرية" و"التيار الثالث", و"التيار الشعبى". هذه الظاهرة الصوتية، خاضت جميعها حربًا ضروسًا لإسقاط الرئيس مرسى فى معركته الانتخابية أمام مرشح الفلول- ناسيةً أن عوامل الفرقة المختلفة, متوافر فيما بين بعضهم البعض الآخر؛ إذ يظلون فرقًًا شتى لا يجمعهم مبدأ, ولا ينظمهم رابط, تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتّى! باعتراف كهلهم رفعت السعيد بأن كل هذه القوى الليبرالية واليسارية ينشد أنشودة تخصه وأن تلاطم هذه الأناشيد قد حولها إلى صراخ ونشاز لا يُكسب أحدًا!! لذلك لفظت الثورة أنصار التيار الثالث والشعبى وغيرهم من مدَّعى النخبة وخرجوا منها بخفى حُنين، غير مأسوف عليهم، أو خرجوا من الثورة بلا حمص.. كما ذكر شاعرنا الجميل فاروق جويدة كعقاب عادل, وجنيًا لما غرست يداهم حين تواطأوا مع كل الجبهات ولعبوا على كل الحبال وكانت النهاية المؤسفة؛ فقد اكتفت نخبة الليبراليين والعلمانيين ورفاق كل صاحب سلطة بالفضائيات والأحاديث والمهاترات والمعارك وراهنت كما اعتادت دائمًا على السلطة ولم تراهن على الشعب.. وإضاعتها وقتًا طويلاً فى الصراعات والمعارك وفقدت الكثير من مصداقيتها أمام تبدل المواقف؛ وتنقلات أدعياء الليبرالية المثيرة للاشمئزار وهم يتنقلون كالمتسولين على فضائيات المال الحرام وموائد رجال أعمال العهد البائد؛ ومشاركتهم فى حملات القصف الإعلامى بالوكالة عن أعضاء الحزب الوطنى المنحل! وأطالب بشهادة أى منصف وطنى حول ما إذا كانت حملات القصف الإعلامى التى شنها الإعلام المصرى وخاضتها بالوكالة، بل كانت رأس حربتها، نخب التيار الثالث والشعبى وما يسمّى القوى الوطنية بكل وسائلها, ضد مرشح الثورة الرئيس مرسى والتيارات الدينية أم خاضتها ضد إسرائيل أم الصهيونية العالمية..؟! آفة الأحزاب الكرتونية كراهيتها للدين، وكل ما يمتّ للإسلام له بصلة من قريب أو بعيد, وهم حينما اعترضوا على تشكيل اللجنة التأسيسية الأولى للدستور لم يكن على مشاركة أعضاء مجلسى الشعب والشورى بل على وجود التيار الدينى بالأساس؛ لذلك عمدوا إلى إقصاء كل ما هو دينى عن المشهد, وفى تشكيلها الثانى, لحسوا وعدهم, ونقضوا عهدهم ورفضوا محض الحوار بشأنها وقاموا بعزل القوى الوطنية الإسلامية فزادها هذا العزل الإعلامى الفلولى شراسةً وإصرارًا على البقاء وتحوّلت معركة الإعلام المصرى فى الشهور الأخيرة أكبر إنجاز حققته التيارات الإسلامية فى العصر الحديث بتتويج الدكتور المهندس محمد مرسى رئيسًا للجمهورية! مسئولو أحزاب بير السلم الذين دعموا مرشح الفلول, مارسوا أكبر عملية دجل وتزييف للوعى فى تاريخنا الحديث حينما زعموا زورًا انحيازهم للدولة المدنية التى يمثّلها الفريق العسكرى, وشاركوا انتقامًا من خصومهم فى صياغة الإعلان غير الدستورى المكبِّل؛ ثم يخرجون مؤخرًا علينا بمانفيستو واحد يزعم حماية مصر من الاستبداد الدينى أو إحياء النظام البائد الذى تحالفوا معه فى جولتى الانتخابات الرئاسية ككتلة مدنية(علمانية)مصرية عريضة، شعارها لا لزواج الدين بالسلطة ونعم لعسكرة الدولة؛ وليذهب الشعب الثائر إلى الجحيم..! همسة: الكلاب النبُّاحة، نادرًا ما تعض..؛ ومَنْ قَصُرت يدَه، مَدَّ لسانه..! [email protected]