تحية إجلال وتقدير لشعبنا المصرى الأبى، الذى انتفض، وثار معلنًا بأصواته المبهرة انحيازه لمشروع الثورة، والقصاص لأرواح الشهداء الذين منحونا بدمائهم الطاهرة الحياة أحرارًا كرامًا لن نُستَعبَد بعد اليوم. والانتصار العظيم الذى حقّقته ثورتنا المصرية الخالدة، له دلالاته الكثيرة، التى توجت بانتخاب فخامة الدكتور الرئيس محمد مرسي؛ يعنى أولاً أن إرادة الله فوق كل كيد، وكل تخطيط وكل مكر خبيث؛ ويؤسّس لتكريس الحاكم المدينى، بمعناه الجامع المانع، وليس النخبوى المفخخ! إذ يظل فخامته، أول رئيس مصرى مدينى فى تاريخ مصر منذ 7000 سنة، تم اختطاف حكم المصريين لصالح قوى أخرى؛ ويعنى كذلك استمرار الثورة، التى كانت على شفا الدفن حتى دونما تشييع؛ بابتعاث قوى الثورة المضادة وتصدرهم المشهد، وإصدار العسكر عدد من الرسائل السلبية المهمة، قبل جولة الإعادة؛ والقبض على الناشطين الذين يضعون على صدورهم صور الشهداء الأبرار؛ وكذا تصريح الناطق باسم الفريق لصحيفة 'نيويورك تايمز' الأمريكية بأن الثورة قد انتهت! ويعنى أيضًا تحرر القرار الوطني، وهزيمة ساحقة لمشروع التبعية السياسية والاقتصادية لأمريكا؛ وأن مصر لم تعد كنزًا استراتيجيًا للإرهابيين الأوائل، جيراننا الجدد! كما يعنى هذا الانتصار الساحق هزيمة تحالف قوى الشر الإقليمية والعالمية لهزيمة المشروع الحضارى الوطنى والإسلامى؛ لإعادة مصر إلى فلول النظام القديم، لتقزيم مصر.. القيمة والقامة! والأهم داخليًا هو الإطاحة بالفلول من المشهد السياسى بأسره، حينما أصر الشعب المصرى على انتزاع حريته وإيصال رسالته الحضارية ببعث شعبى مجيد لقيم التغيير والتطوير، والتحديث بانتخاب المرشح الأصلح، الذى رشح نفسه مُكرهًا؛ وانتخبه البعض غصبًا؛ ونجح بإرادة المصريين عنوة برغم تحالف قوى البلطجة والفساد وكل مساوئ الدولة العميقة، من شراء ذمم، ووعود وضغوط رجال أعمال النهب العام؛ وهزيمة الحملات الإعلامية الُمغرضة، والمحرِّضة المباشرة وغير المباشرة لصالح مرشح الفلول، والتى استطاع الشعب بوعيه الفطري، وخبرة السنين، القيام بعملية فرز هائلة، وتحليل مضمون كل هذه الرسائل المتواطئة لعودة الهيمنة واستمرار مسلسل النهب العام؛ واختطاف مصر إلى المجهول؛ والإدراك التام بأن مرشح الفلول لم يحز يومًا مشروعًا وطنيًا لرئاسة مصر، وإنما وكيلاً لقوى إقليمية ودولية كبيرة، تسعى بكل ما أوتت من قوة لإجهاض ثورة مصر، المحطة الكبرى الملهمة لثورات الربيع العربى! دلالات انتصار ثورتنا أيضًا تعطى بشائر لآمالنا التى تلوح فى الأفق نحو استعادة مكانة مصر اللائقة بها، وتحقيق مشروع النهضة، الذى نحلم به جميعًا، والتواصل مع دورنا التاريخى كدولة حضارية مركزية، تقدم مشروعها المصرى المحض، فمصر فى القرن التاسع عشر، كانت دولة عصرية لا تقل حداثةً أو رقيًا أو أوربة عن الكثير من الدول الأوروبية نفسها. أما الدلالة الفكرية لانتصار ثورتنا المجيدة والمنعطف الكبير فى تاريخ مصر، الذى تحقّق بمعجزة سياسية بفوز رئيس يحمل المشروع الوطنى الإسلامى- أنها قد قضت نهائيًا على مظاهر الإقصاء للتيار الإسلامى على مدار أكثر من 80 عامًا فى المجالات كافةً، والتى كانت حكرًا على كل التوجهات عداهم؛ وربما أتاحت لهم هذه التجربة على ترسيخ أقدامهم فى الساحة، وهو ما كان يروّج فى حملات القصف الإعلامى الفلولى منذ نجاحهم الساحق فى الانتخابات النيابية مطلع هذا العام. ولعل عكوف الرئيس المنتخب والمنتمى للتيار الإسلامى لأول مرة فى العالم العربى والإسلامى على تأكيد وعوده التى قطعها أثناء حملة ترشحه للرئاسة؛ تتيح للتيارات والقوى الوطنية المتنوعة فرصة المشاركة فى السلطة واتخاذ القرار؛ بما يمنح مشروعه الوطنى الإسلامى مصداقية وشفافية؛ وهو توجّه، على ما نعلم، لم يكن بخلد مرشح الفلول، الذى كان يتوعد بنهج الأرض المحروقة! المعركة لم تنته فصولاً، بل بدأت بنجاح فخامة الرئيس الدكتور محمد مرسي، خاصة أن طريقه لن يكون مفروشًا بالورود، بل بالتحديات وتجاوز فخاخ الدولة العميقة، فضلاً عن كفاحه للحصول على صلاحياته كاملة؛ ما يدعونا جميعًا للاصطفاف خلفه، سيما فى المرحلة الأولى من حكمه، ورص الصفوف الشعبية والقوى الوطنية فى هذه المعركة الأولية، التى ربما ستأخذ وقتًا ما ولكننا واثقين بانتهائها لصالح الإرادة الشعبية، لبزوغ فجر الحرية من جديد وولادة دولة مصرية حرة، مركزية ومحورية ملهمة جديدة بمحاور مهمة: العدالة وإرساء دولة القانون؛ والتعددية والتنمية والحرية والعدالة...! همسة: ما اختلف الليلُ والنهارُ ولا دارت نجوم السماء فى الفَلك إلا لنقل السُّلطان من مَلكٍ قد انقضى مُلكهُ إلى مَلكٍ..! [email protected]