لقد وقعت مصر فريسة الاستبداد سنوات طويلة، مغلوبة على أمرها، صابرة غير راضية، وتحمَّل الشعب المصرى سنوات من الاضطهاد، وامتهان الكرامة، كان الأبرياء نزلاء دائمين على السجون، وأعمل جهاز أمن الدولة فيهم، تحول الضباط إلى سادة والشعب إلى عبيد، من أوقعه حظه العاثر فى زيارة إلى قسم الشرطة يذوق الأمرين، يحكمون بأمرهم، لا سلطان لأحد عليهم، بورقة يُعين هذا فى وظيفة، وبتقرير من مخبر ربما لا يجيد القراءة ولا الكتابة يتحول ذاك إلى وظيفة إدارية، انتفخت جيوب أعضاء الحزب المنحل، تقاسموا التركة وكأنهم ورثوها كابراً عن كابر، بيعت الأرض بأبخس الأثمان، تحول المجتمع إلى طبقتين، الأثرياء والفقراء، اختفت الطبقة الوسطى، امتلكوا كل الوظائف بلا استثناء ولهذا ليس بمستغرب أن ينتفض اللصوص ليستردوا ما أخذته الثورة منهم، وليس بعجيب أن يصارع مَن تحكموا فى مقدرات الوطن من أجل العودة إلى الساحة من جديد، ومن أجل أن يعودوا يهون كل شىء، الأموال لا تساوى شيئًا لأنهم يستطيعون أن يجمعوا أضعافها فى زمن قياسى، الدماء لا تساوى شيئًا لأنهم لا يشغل بالهم حياة غيرهم، والصورة المفزعة أن يطل الأخطبوط من جديد، والصراع المفصلى بين أركان دولة بناها المخلوع على أنقاض الشعب وبين شعب يطلب الحرية بصدق، الإعلام الذى صنعه الحكم المستبد وأغراه بالمال هو بوق النظام، يؤرقه أن يتواروا عن الأنظار، وأن تجف منابعهم، وأن تذبل أوراقهم إن تحركت الحشود الثائرة من أجل إنقاذ الوطن من أيدى من اغتصبوه عنوة، ومن أجل حفنة من المنتفعين لا يبحثون إلا عن مصالحهم، إن الصراع اليوم صراع من أجل البقاء، فإما أن ينتزع الشعب حريته وهذا لن يكون إلا بخروج الشعب عن بكرة أبيه والتفافه صفاً واحداً ضد بقايا النظام، وإما أن يعود الفلول إلى الساحة ولن تقوم لنا بعدها قائمة، فلتمتلئ الميادين، وليخرج الناس، فالحرية حياة الشعوب، ومهما كان بريق الذهب إلا أنه لا يساوى شيئاً أمام انتزاع الحرية، وقديماً قال عنترة بعزة وأنفة فى قصيدة رائعة من عيون الشعر العربى: لا تسقنى ماء الحياة بذلة ...... بل فاسقنى بالعز كأس الحنظل ماء الحياة بذلة كجهنم ...... وجهنم بالعز أطيب منزل إن التاريخ تُعاد كتابته من جديد، ولن تستطيع قوة على ظهر الأرض أن تعيدنا إلى الوراء إن أدركنا أن الحرية أغلى من الحياة لأنها الحياة عينها، فلنكن صفاً واحداً لننقذ مصر التى تكالب عليها فلول النظام وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة ويخوضون آخر معاركهم، إنه المخاض الذى بعده تستقر البلاد ونستشعر الأمن والأمان، فلتكن كلمتنا فى وحدتنا، ولتكن قوتنا فى التفافنا حول مرشح مصر الدكتور محمد مرسى لنرسى قواعد البناء، ولنقيم مصر الحرة حتى تتبوأ مكانها اللائق بها، وحتى يعود الحق إلى أهله، وحتى تستريح أرواح الشهداء، وتقر أعين ذويهم، واحذروا أن تتلوث أيديكم بتأييدكم لوجه مبارك الآخرأو تقاعسكم عن الدفع نحو اختيار رئيس حر، نظيف اليد، يحب وطنه حتى الثمالة، فلننس خلافاتنا، ولنلتف حول هدف واحد، حمى الله الوطن من كل سوء، ورد كيد الكائدين فى نحورهم.