أعلنت ميليشيات العسكري الليبي المتقاعد خليفة حفتر اليوم أن تنظيم داعش الإرهابي قام بذبح حوالي عشرين جنديا من مقاتليه ، وهي رواية لا يوجد أي دليل عليها حتى الآن ، وأغلب الظن أنها اختراع إعلامي يحاول به استدرار عطف المجتمع الدولي والتغطية على القرار الصادم من المحكمة الجنائية الدولية بطلب اعتقال أحد أهم قادته العسكريين في بنغازي المجرم "محمود الورفلي" ، بتهمة التورط في جرائم قتل جماعي خارج إطار القانون ، وكان حفتر قد أعلن بعد صدور القرار الدولي أنه قام باعتقال الورفلي وإخضاعه للتحقيق ، وهي محاولة لإبعاد التهمة عن نفسه ، لأن الورفلي إذا تم تسليمه فسوف يأتي برأس حفتر نفسه ، وبالتالي قام حفتر باعتقاله بزعم التحقيق معه وهو تحقيق سوف يستمر إلى أمد غير معلوم ، وحتى تتم تسوية الأمور أو اتجاه ريح السياسة الليبية دوليا باتجاهات أخرى . الحديث عن مذبحة لقوات حفتر قرب مدينة سرت أكذوبة ، لأن حفتر لا يملك قوات في محيط سرت ، والذين حرروا سرت من الدواعش هم كتائب ثوار ليبيا ، "قوات البنيان المرصوص" وهي التابعة للجيش الليبي الشرعي في حكومة الوفاق في طرابلس ، ولم يطلق حفتر طلقة واحدة ضد الدواعش ، وكل معاركه مع ثوار ليبيا ، وخاصة الثوار الذين يتصدون لداعش ، فعل ذلك مع ثوار درنه الذين سحقوا داعش ، وفعلها مع ثوار "البنيان المرصوص" الذين هزموا داعش في سرت وطهروا المدينة منهم ، ولم يسبق لحفتر أن أعلن عن وقوع مذابح من داعش لقواته إلا اليوم ، وهي لعبة مكشوفة ، وتفهم في سياق استدرار العطف الدولي عليه بعد اتهام قواته بالتورط في جرائم قتل جماعي . محمود الورفلي كان يتباهى علنا بنشر فيديوهات الذبح والقتل الجماعي لمعارضي حفتر ، وهي فديوهات متطابقة مع فيديوهات داعش وطريقتها في القتل والتصوير ، وحتى في اللبس الذي يرتديه الضحايا لحظة القتل ، وكانت تلك الفيديوهات المروعة تثير غضبا واسعا داخل ليبيا وخارجها ، في حين كانت تقابل بالصمت الكامل من حفتر وحلفائه الإقليميين ، بل إن الإعلام العربي المتواطئ مع حفتر كان يتباهى بما يفعله المجرم محمود الورفلي ، ومع الأسف ، تورط قطاع غير قليل من الإعلام المصري في تسويق هذا المجرم باعتباره بطلا ليبيا يواجه الإرهاب المزعوم ، حتى قامت المحكمة الجنائية الدولية بتجميع أدلتها عن جرائمه ثم قررت اعتقاله وأصدرت مذكرة بذلك ، فسارع حلفاء حفتر بنصحه أن يلقي القبض عليه ويقول أنه يخضعه للتحقيق ، ثم ظهرت "رواية" أن قوات حفتر تعرضت لمذبحة من الدواعش ، وذلك لتخفيف الضغط الدولي الساخط عليه ، وإبعاد رأسه هو شخصيا من الاتهام ، لأن منطق الأمور يقول أن الورفلي لم يكن ليجرؤ على ارتكاب تلك الجرائم العلنية المتكررة بدون ضوء أخضر من قائده خليفة حفتر الذي كان يعتبره ابنا من أبنائه ، ويحتفي به ويجتمع به مرارا . ليبيا هي إحدى أهم محطات الربيع العربي ، وكانت هي الثورة الثالثة ، بعد ثورة تونس ثم ثورة يناير في مصر ، وكانت واحدة من أكثر الثورات عنفا وقسوة ، نظرا لأن القذافي وأبناءه سخروا كل إمكانياتهم العسكرية والاستخباراتية لقمع ثورة الشعب الليبي ، واضطروها إلى أن تكون ثورة مسلحة ، وانتهت بمقتله ، وحاولت بعض القوى صناعة ثورة مضادة في ليبيا ، وإعادة إنتاج "قذافي" جديد بنسخة معدلة ، من خلال الجنرال خليفة حفتر ، ولكن التجربة فشلت في قمع الثورة أو إنهائها ، ولكنها نجحت في تمزيق ليبيا بفعل الدعم العسكري الضخم الذي قدم لحفتر من أجل تمكينه ، وهو ما زال عاجزا عن تجاوز المنطقة الشرقية ، بل حتى في المنطقة الشرقية هناك مدن خارج سيطرته ، مثل درنه ، وهناك إصرار في ليبيا على عدم السماح بتخليق قذافي جديد ، أو صناعة ديكتاتورية عسكرية جديدة ، والمجتمع الدولي ما زال حائرا ، لأن القوة على الأرض متكافئة بين معسكر الثورة ومعسكر الثورة المضادة ، وما زالت الحسابات في ليبيا مفتوحة على المجهول . [email protected] https://www.facebook.com/gamalsoultan1/ twitter: @GamalSultan1