كشف الكاتب الصحفي، جمال سلطان، رئيس تحرير "المصريون" عن تفاصيل التحالف بين الميلشيات التابعة للجنرال المتقاعد، خليفة حفتر – المسيطرة على أجزاء واسعة في شرقي ليبيا - وتنظيم الدولة "داعش" في ليبيا. جاء ذلك بعد أن تم الكشف عن اتفاق أمس الأول بين الجانبين يسمح لمسلحي التنظيم بالخروج الآمن من بعض أحياء بنغازي باتجاه منطقة الوسط الليبي، بكامل سلاحهم وعتادهم وأسرهم. واعتبرت حكومة "الإنقاذ الوطني"، أن "حفتر وداعش وجهان لعملة واحدة" بعد تورطه في السماح للجماعات التي تنسب نفسها لتنظيم "داعش" بالخروج من مدينة بنغازي دون أي مقاومة تذكر، وفق بيان لها. وفي مقاله المنشور ب "المصريون"، تحت عنوان "التنسيق العسكري بين حفتر وداعش في ليبيا"، قال سلطان إن "تلك الواقعة ليست الأولى التي يحدث فيها هذا التنسيق العسكري، فقد سبقها تنسيق آخر العام الماضي في مدينة درنة بالشرق الليبي، حيث كان ثوار ليبيون يواجهون داعش في معارك دموية في الوقت الذي كانت فيه قوات حفتر تتحرش بمقاتلي الثوار لإضعافهم وتحاول اقتحام المدينة من الطرف الآخر، حتى تمكن الثوار من سحق ميليشيات داعش وإلحاق هزيمة كاملة بهم". وأضاف أن قوات حفتر فتحت آنذاك طريقًا لما سماهم ب "فلول داعش" للخروج من درنة باتجاه مدينة سرت في وسط ليبيا، "حيث تبلورت هناك إمارة كاملة لتنظيم داعش واستحكمت قدراتها العسكرية حتى سببت هلعا كبيرا للمجتمع الدولي". وتابع: "كانت قوات داعش بمركباتها وسلاحها تتحرك في طريق مكشوف عبر الصحراء لمسافة تقرب من ثمانمائة كيلومتر، دون أن يتعرض لها أي طائرة حربية من التي يملكها حفتر ويغير بها على كل خصومه شرقًا ووسطًا". واستدرك سلطان معلقًا: "أي أن قوات داعش كانت تتحرك من درنة باتفاق وحماية من حفتر". وأشار إلى أنه "بعد طرد مسلحي داعش من مدينة درنة، عاقبت قوات حفتر أهالي درنة بفرض حصار عسكري على المدينة كما قصفها الطيران أكثر من مرة قبل أن يتدخل وسطاء لوقف "الفضيحة". وفي سرت حيث تمركز مسلحو تنظيم الدولة، قال سلطان إن "قوات داعش تم سحقها من جديد على يد ثوار ليبيا "قوات البنيان المرصوص" بعد معارك كبيرة استمرت قرابة ستة أشهر، ونجح فيها الثوار في تحرير المدينة بدعم محدود وضعيف من الطيران الأمريكي". وعلى إثر ذلك، "اتجهت فلول داعش الهاربة من سرت إلى جنوب الوسط الليبي في محاولة للتحوصل من جديد وتشكيل إمارة أخرى، وهو ما تحاول قوات الثوار منعه الآن في منطقة الجفرة وما حولها، في الوقت الذي يحاول حفتر أن يربك الأمور أكثر بالاتفاق مع مسلحي داعش بالخروج من بنغازي بضمان سلامتهم لدعم قواتهم التي تحاول التحوصل من جديد"، وفق سلطان. وفيما بدا مثيرًا لاستغرابه، لاحظ سلطان أن "طيران حفتر قام بقصف قوات "البنيان المرصوص" التي هزمت الدواعش في سرت، ودمر طائرة وهي على الأرض كانت تحمل بعض تلك القوات فقتل وأصاب عدة أشخاص، في الوقت الذي لا تظهر طائراته أبدًا في مواجهة داعش أو ملاحقتها عبر الصحراء الطويلة". ووصف رئيس تحرير "المصريون" ما يحدث في ليبيا من تنسيق بين حفتر و"داعش" بأنه "نسخة من لعبة نوري المالكي (رئيس الوزراء السابق) في العراق، وهي نفسها لعبة بشار الأسد في سوريا، بالاستثمار في داعش، والمساعدة على تحوصل بنية تنظيمية مسلحة لهذه المجموعات المتطرفة". وقال إن ذلك يتم من خلال "منحها بعض الانتصارات الصغيرة وتوجيهها بخبث شديد لتكون حربًا على الثوار والمعارضين وفزاعة للمجتمع الدولي بوحشيتها الشديدة، ثم الظهور بمظهر من يواجه هذا الخطر الداهم نيابة عن العالم". ورأى أن الهدف من ذلك هو أن "يتحول غضب المجتمع الدولي عن الديكتاتور الدموي الفاسد إلى التسامح معه أو تأجيل معاقبته لحين الخلاص من الخطر الداعشي الأكبر، أو يسوق الديكتاتور نفسه باعتباره فيلقًا غربيًا متقدمًا لصد خطر داعش عن أوربا وأمريكا والعالم بما يستدعي دعمه والرهان عليه". غير أنه وصف "حفتر" بأنه "لا يملك خبرة الاستخبارات السورية ودهاءها وعراقتها في الإجرام والعلاقات الوثيقة مع المنظمات الإسلامية المتشددة باختلاف أنواعها، قاعدة وداعش وغيرها، طوال خمس عشر سنة، لذلك يبدو ممارسته اللعبة فيه نوع من "الغشومية" والفجاجة التي تكشف اللعبة مبكرًا، وتسبب الارتباك والشكوك داخل معسكره ، على النحو الذي حدث في واقعة تنسيقه عملية انتقال الدواعش أول أمس من بنغازي إلى مناطق الحرب مع ثوار البنيان المرصوص". وقال سلطان إن "حفتر بدعم إقليمي كبير يمثل حجر عثرة أمام التحول الديمقراطي في ليبيا، فهو يرفض أي تسوية سياسية تسمح بعودة الديمقراطية أو التوافق الوطني أو انتخابات جديدة، بدعوى أنه مفوض من الشعب بمحاربة الإرهاب وعندما ينتهي من حربه على الإرهاب ينظر في الأمور الأخرى، وهو لا يحارب إرهابًا أبدًا، بل يتحالف معه". ولاحظ سلطان أنه "عندما كان الثوار يواجهون الإرهاب وداعش في حرب دامية في سرت كان هو مشغولاً بتحريك ميليشياته للسيطرة على مناطق النفط وموانئه، هو فقط يريد أن يكون "شوكة" تعطل كل شيء، وتوقف حال ليبيا ومصالح شعبها، لإرغامهم على القبول به حاكمًا وحيدًا، كما يظل وجوده مقلقًا للجميع ومعطلاً للسلام والمصالحة الوطنية".