تعكف شخصيات، بعضها محسوب على المعارضة، وأخرى تنتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، على إعداد رؤية جديدة وتصور شامل، من أجل التوصل لحل للأزمة القائمة بين النظام الحالي، وبين الجماعة التي أُطيح بها من الحكم بعد عام واحد. وكشف النائب السابق عن حزب الحرية والعدالة، علي محمد درة، عن أن هناك شخصيات مصرية معارضة ذات حثيثة وثقل، بعضها ينتمي لجماعة الإخوان وبعضها الآخر من خارج الجماعة يعكفون على تقديم تصور شامل لكيفية إنهاء الأزمة الراهنة". وأوضح درة، في تصريحات صحفية له، أن هذه الشخصيات بدأت منذ فترة صياغة هذه الرؤية، وانتهوا بالفعل من بعض بنودها وسيتم الانتهاء منها خلال شهرين على الأكثر ليتم تقديمها للرأي العام في مصر. وأشار إلى أن الرؤية الجديدة تختلف عن الآليات الحالية في التعاطي مع المشهد وتدعو للتفاهم والتعايش المشترك والتحاور بين الجميع، وفي القلب منهم أطراف الصراع، وعلى رأسهما جماعة الإخوان المسلمين والمؤسسة العسكرية. وقال درة: "نحن لا نعادي مؤسسات الدولة، ولابد أن يتم حل مشاكلنا وأزماتنا من خلال تفاهم وتسوية مع المجتمع ومؤسساته وبين الجميع، لأننا في سفينة واحدة"، لافتًا إلى "إمكانية حدوث ذلك من خلال وسطاء حكماء من كل الأطراف". ودعا البرلماني السابق إلى ما سماه "تغليب صوت الحكمة والعقل والمنطق والرشد، وأن نعيد ترتيب المشهد بالتفاهم والتحاور، خاصة أنه لن يستطيع أي طرف القضاء على الطرف الآخر، فكل طرف من الأطراف". وبشأن الموقف من شرعية الرئيس الأسبق محمد مرسي، قال درة: "بمنتهى الوضوح الرئيس مرسي شخص مظلوم، وحاول تقديم كل الخير لبلاده، وهو أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، ولا أحد ينكر ذلك، لكن في نهاية المطاف حدث ما حدث، ونحن أمام واقع جديد يجب التعاطي معه برؤية مختلفة". وتساءل: "هل عودة الرئيس مرسي مقبولة حاليا في ظل تعقيدات المشهد المصري، وحالة الانقسام الموجودة التي وصلت إلى صفوف الإخوان -بكل أسف- وفي ظل الأوضاع الإقليمية والدولية؟، وما هي فرص عودته؟ هل لدينا القدرات والإمكانيات لذلك؟". واستدرك: "نحن لا نطالب بإلغاء عودة الرئيس مرسي، ولا نقول أن هذا أمر وجوبي وفرض لا يجب التخلي عنه بأي شكل من الأشكال، لكننا نؤكد أن للشعب - الذي هو صاحب الشرعية الأصلية - الكلمة النهائية في هذا الصدد"، مشيرًا إلى وجوب أن "تكون هناك مرونة في هذا الأمر دون جمود أو تصلب في المواقف، ووفقا للواقع ومستجداته الأخيرة". وعن رأي قيادات جماعة الأخوان من هذه الرؤية، قال درة إنها عرضت على الكثيرين من داخل الجماعة وخارجها، و"بعض قادة الإخوان يتعاطون معها بشكل إيجابي، بل ويؤيدونها على المستوى الشخصي، لكن على المستوى الرسمي يتم اتخاذ مواقف سلبية من تلك الرؤية، لخشيتهم من ردود الفعل". إسلام الكتاتني، الباحث في الحركات الإسلامية، قال ل "المصريون"، إنه يستبعد أن تنجح المحاولات التي يسعى إليها البعض من أجل إجراء عملية تصالح بين الطرفين. وأضاف: "الوضع الحالي مريح لكلا الطرفين، إذ أن كلاهما يستفيدان من بعضهما البعض، فالنظام يتخذ الجماعة شماعة لتبرير أخطائه، وفي الوقت ذاته تتخذ الجماعة إخفاقات النظام لتؤكد أنها كانت الأفضل". وأشار إلى أن "هناك جناحين داخل الجماعة، الأول بقيادة الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، وهو يميل لفكرة المصالحة مع النظام، أما الثاني، الذي كان تحت قيادة الدكتور محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد الذي تم اغتياله، فهذا يميل لفكرة العنف وعدم إجراء أية مصالحات مع النظام". وتابع: "الدليل على أن الجناح الأول يميل لمصالحه، هو أنه أثناء انعقاد القمة العربية بالأردن بعث بإرساله مفادها أنه يريد المهادنة والمصالحة مع النظام، ولا يرغب في العنف، بينما رفض وقتها الشباب ذلك الأمر وهاجموا الكبار". وأشار إلى أن "هناك جناحًا أيضًا داخل النظام، يرغب في إجراء مصالحات مع الجماعة، لكن الرئيس السيسي في الغالب لا يرغب في ذلك الأمر". وقال إن "المصالحة ورقة يستخدمه النظام ليلاعب بها الجماعة حيثما شاء، مثل المحاكمات، التي من المفترض أن تكون انتهت منذ وقت بعيد، لكنه -أي النظام- لم يفعل ذلك ليلاعب بها الجماعة وقت الحاجة". وأكد أنه "عند الحديث عن المصالحة لا يجب إغفال أو تغافل الولاياتالمتحدة، إذ إنه لا يمكن القيام بأي إجراء إلا بعد أخذ الختم من القيادة الأمريكية، وهي حتى اللحظة لم تقم بإدراجها كمنظمة إرهابية". واستكمل: "أمريكا لن تقوم بذلك حتى لا تخسر علاقاتها مع بعض الدول، وكذلك حتى تحافظ على مصالحها، فهمها الأول تحقيق أهدافها بصرف النظر عن أي شيء آخر". بينما، رأى الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، أن "جماعة الإخوان عليها قبل الشروع في البحث أو إعداد رؤية للتصالح، الاعتذار أولاً للشعب عما بدر منها، وما ترتب عليه، إذ أن ما حدث من استبداد وإغلاق للمجال العام والحريات كانوا هم السبب الرئيس فيه". وأضاف ل"المصريون": "الشعب في كل الأحوال لن يقبلهم، ولن يوافق على إجراء أية مصالحات، والمراجعات التي يقومون بها لابد من عرضها أولاً على الشعب، وذلك لأنهم يسعون دائمًا إلى تحقيق صفقات مع النظام وليس مصالحات". وتابع: "النظام مستفيد من عدم المصالحة مع الجماعة، وهي من ناحيتها تظن أنه لايوجد غيرها في حال إسقاط النظام، فكلاهما مستفيد من الآخر"، مطالبًا القوى السياسية والشعب المصري بالتكاتف وتنحية الخلافات جانبًا، لا سيما تلك المرحلة الحرجة.