استدعاء والدة «خديجة» لسماع أقوالها في اتهام ابنتها ل «صلاح التيجاني» بالتحرش    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    توجيه هام من التعليم قبل ساعات من بدء الدراسة 2025 (أول يوم مدارس)    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21-9-2024.. آخر تحديث    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    استدعاء والدة خديجة لسماع أقوالها في اتهام صلاح التيجاني بالتحرش بابنتها    فلسطين.. 44 شهيدا جراء قصف الاحتلال لعدة مناطق في قطاع غزة    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    وزير الخارجية: مصر تدعم الصومال لبناء القدرات الأمنية والعسكرية    لاعب الزمالك السابق يطالب بتحليل منشطات لنجوم القطبين: أعرفهم وهذه نسبتهم    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    تحول مفاجئ.. أمطار تضرب عدة محافظات خلال ساعات والأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم    قتل صديق عمره .. ذبحه ووضع الجثة داخل 3 أجولة وعاد يبحث مع أسرته عنه    أنتهاء أسطورة «ستورة» فى الصعيد .. هارب من قضايا شروع فى قتل وتجارة سلاح ومخدرات وسرقة بالإكراه    النيابة تعاين الزاوية التيجانية بعد أقوال ضحايا صلاح التيجانى    عمرو سلامة: أداء «موريس» في «كاستنج» يبرز تميزه الجسدي    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    نائبة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثامنة من الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة "أولادنا"    زاهي حواس: تمثال الملكة نفرتيتي خرج من مصر ب «التدليس»    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    "خفيفة ومطمئنة".. الزمالك يكشف تفاصيل إصابة مصطفى شلبي ودونجا    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    البلوشي يعلق على احتفالية تتويج الأهلي أمام جور ماهيا    موعد مباراة الأهلي وجورماهيا الكيني بدوري أبطال أفريقيا    بينهم أطفال ونساء، استشهاد 44 فلسطينيا في قصف إسرائيلي بغزة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    نوران جوهر تتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش 2024    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    وزير التربية والتعليم يتفقد 9 مدارس بأسيوط لمتابعة جاهزيتها    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان داخل ميدان التحرير.. فصول من وقائع حماية الثورة
نشر في المصريون يوم 28 - 05 - 2012

لا أحد ينكر دور الإخوان المسلمين فى المشاركة بالثورة المصرية منذ بدايتها، بداية من الدعوة إلى التظاهر يوم 25 يناير فى ذكرى عيد الشرطة وحتى إعلان تنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك، مرورًا بيوم 28 يناير أو ما يسمى بجمعة الغضب، ثم أحداث يومى 2 و3 فبراير أو ما يسمى ب"موقعة الجمل".
"المصريون" تنشر أهم ملامح مشاركة الإخوان المسلمين فى الثورة المصرية المباركة منذ بدايتها، حتى لا يتم طمس دورهم كما تم إغفاله دور كتائب الإخوان فى حرب 48 وكما أغفل كتّاب التاريخ مشاركة الإخوان فى ثورة 23 يوليو 1952، وحتى يتم الرد على أولئك الذين يدعون أن الإخوان لم يشاركوا فى الثورة، وأنهم فقط يسعون إلى القفز عليها وركوبها وجنى ثمارها.
بداية فى 23 يناير.. تم استدعاء أعضاء المكاتب الإدارية على مستوى المحافظات من قِبل أمن الدولة المنحل, وهددوهم إن شاركوا فى مظاهرات 25 يناير فستكون العواقب وخيمة على الجماعة, وكان الرد من أعضاء المكاتب الإدارية "أننا نحن الإخوان جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن وسنشارك بقوة مع أبنائنا فى المظاهرات".
كما أعلن الدكتور محمد البلتاجى، القيادى فى الجماعة، يوم 22 يناير عن مشاركة الإخوان وشبابهم فى مظاهرات 25 يناير، وهو نفس ما أعلنه الدكتور عصام العريان -عضو مكتب الإرشاد- وقتها عن مشاركة جماعة الإخوان المسلمين فى وقفات ومظاهرات 25 يناير.
وفى 25 يناير، شارك شباب الإخوان فى المظاهرات فى كل محافظات مصر كما شارك أكثر من 160 من رموز الإخوان بالقاهرة فى الوقفة التى بدأت أمام دار القضاء العالى قبل الانطلاق للميدان, ولعل صورة محمد عبد القدوس -وكيل نقابة الصحفيين والقيادى الإخوانى- وسحله أمام دار القضاء العالى على أيدى عساكر الأمن والمخبرين خير دليل على مشاركة الإخوان فى الثورة منذ بدايتها، فضلاً عن اعتقال حوالى 149 من شباب الإخوان ضمن الاعتقالات التى شنها الأمن المركزى على الشباب المتظاهرين.
فيما
أما فى فجر 27 يناير، فكان رد الداخلية والنظام القمعى للمخلوع باعتقال نصف مكتب الإرشاد و34 من قيادات الإخوان، بناءً على مشاركة الإخوان فى المظاهرات منهم د. محمد مرسى المرشح الذى سيخوض جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، ود. محمود عزت ود. عصام العريان، ولم يخرجوا إلا يوم 31 يناير بعد حادثة فتح السجون وخروج البلطجية والمجرمين.
كما كان للإخوان المسلمين دور كبير فى تأمين الميدان من البلطجية، وشهد القاصى والدانى لبسالتهم وشجاعتهم وتضحياتهم يوم "موقعة الجمل" وبعدها، حيث إنهم تصدوا للبلطجية الذين كانوا يريدون إجهاض الثورة، خاصة بعد الخطاب العاطفى لمبارك وانسحاب عدد من شباب الميدان، وحينما طلب د. البلتاجى المدد والعون وأحضر إلى الميدان عشرة آلاف شاب ورجل تغيرت الأوضاع تمامًا، فضلاً عن تنظيم الميدان ونصب شاشات العرض الكبيرة.
تاريخ نضالى
ويحكى الدكتور محمد عبد الرحمن، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، عن دور الإخوان فى الثورة ويقول: "طوال عشرين عامًا أو أكثر، والإخوان يواجهون زيادة استبداد النظام بشتى الوسائل السياسية والنضال الدستورى، يطالبون بالحرية والعدالة وتطبيق شرع الله.. وأخذ النظام فى توسيع مساحة التضييق والحصار عليهم. وبدأ فى حملة الاعتقالات الموسعة، وعقد المحاكمات منذ عام 1993م، وشمل ذلك حتى نهاية حكمه حوالى 30 ألف معتقل وسجين، واستشهد منهم أفراد، بالإضافة إلى آلاف الحالات من مصادرة الممتلكات والشركات، ومنع السفر إلى الخارج، ومنع التعيين فى أماكن يستحقها أفراد الإخوان، والنقل التعسفى، وصور التضييق المختلفة، لكن اعتمد الإخوان فى مواجهة ذلك سياسة الصمود والثبات، وعدم التراجع والاستفادة من أى أحداث أو مستجدات للتمسك بالمواقع والمنافذ وتفعيلها، واعتبار دخول الانتخابات والحراك السياسى فى المجتمع إستراتيجية ثابتة لها، رغم التضحيات الضخمة من إنفاق مالى، واعتقالات لأعداد كبيرة، وإصابات لأفرادها ومؤيديها، ونتائج هزيلة نتيجة تزييف إرادة الشعب، بل حصار اجتماعى، وهجوم إعلامى لأى منفذ أو شخصية سياسية تنتمى إليها. ولم يصبح همُّ الإعلام المصرى إلا تشويه صورة الإخوان".
إخوان فى التحرير من 25 يناير
ويضيف أن الإخوان كانوا غير بعيدين عن الدعوة إلى 25 يناير، بل كانوا فى قلب الأمر منذ بدايته، لكن دون ظهور أو ضجيج، مشيرًا إلى أن موقع خالد سعيد الذى تبنى الدعوة، كان من المشاركين الأساسيين فيه أحد الشباب من إخوان السنبلاوين (دقهلية) محمود صلاح؛ بل الأدمن الخاص بذلك صممه عبد الرحمن شكرى، ابن أحد إخوان مركز أجا (دقهلية)، فضلاً عن تفعيل الدعوة بين الشباب لهذا الأمر تولى صلبها الأساسى إحدى وحدات الإخوان المسلمين، وكانت بدايتها فى 2005م؛ حيث شكل الإخوان من الشباب فى محافظة الدقهلية وحدة إعلامية على الفضاء الإلكترونى لا تعلن هويتها الإخوانية، تتولى رصد حركة الانتخابات بصورة محايدة، وتتواصل مع الإعلام بصورة فَعَّالة. ونجحت فى ذلك بدرجة كبيرة، فتم تطويرها، ودعمها بأن أصبحت وحدة مركزية تابعة لقسم الطلبة، وتتحرك مركزيًا بالإطار نفسه الذى وُضع لها.
ويكشف عن أنه ثم فى عام 2010 ظهرت مجموعة جديدة من شباب الإخوان والنشطاء المستقلين على الإنترنت وكونوا فريق عمل سمى ب (مجموعة رصد) وكان لها دور جيد فى تغطية انتخابات 2010م، من خلال التواصل مع المجموعات الإخوانية الناشطة فى المحافظات فى هذا المجال، وهذه الوحدة شاركت فى تفعيل الدعوة إلى 25 يناير بدرجة جيدة، بلغت التواصل مع ربع مليون فرد.
ويوضح أن الإخوان– دون إعلان– كانوا شركاءً أصليين فى هذا الحراك والدعوة إليه، أما ما حدث فى 25 يناير فكان مفاجأة للجميع، ولا يستطيع أحد أن يدعى أنه صاحبه، أو أنه خطط له، نعم شارك فيه الإخوان، وشارك فيه جميع فئات الشعب، لكن الحدث نفسه وتصوره وتوقعه كان مفاجأة!.
ويوضح أن الدعوة أساسًا كانت إلى وقفة أمام وزارة الداخلية فى القاهرة؛ استنكارًا لنهج التعذيب؛ لكن الحدث الذى تم كان غير ذلك، كان ثورة بالآلاف فى 14 محافظة مصرية، وفى تسعة أماكن فى القاهرة، ثم تجمعت فى ميدان التحرير، ولم يكن هناك قيادة أو تنظيم مسئول عن اندفاع الجماهير بالمعنى التنظيمى، وإنما كانت القيادة فى الفكرة والمبدأ، وكان وعى الجماهير وترابطهم على أعلى مستوى؛ حيث توحدوا حول المطالب والشعارات. كانت الهتافات من أول يوم: "الشعب يريد إسقاط النظام"، نعم كان هناك خدمات وترتيبات وإجراءات تنظيمية تساعد على حركة الجماهير واعتصامها، وهذه قام الإخوان بدورهم فيها على أكمل وجه، لكن الانطلاقة نفسها لم تكن نتيجة أى تنظيم.. إن يد الله وقدرته هى التى جمعتهم ووحدتهم وباركت جهادهم.
المطالب العشرة للإخوان
ويسرد أنه فى يوم الأربعاء 19 يناير– قبل الثورة– أصدر الإخوان بيانًا هامًا لهم، به مطالب عشر للإصلاح تعبر عن مطالب الشعب، والتى نادى بها فى ثورته المباركة. وقبلها بعدة شهور قادوا حملة توقيعات للإصلاح قاربت على المليون.
ويتابع أنه فى يومى الخميس والسبت20، 22 يناير، قامت أمن الدولة باستدعاء مسئولى المحافظات من الإخوان؛ لتهديدهم بالاعتقال، بل القتل، وإنذارهم بعدم نزول الإخوان إلى الشارع، وأن هذا خطٌ أحمر، وردَّ جميع المسئولين برفض هذا التهديد، وأصدر الإخوان بيانًا فى يوم الأحد 23 يناير يرفض هذا التهديد، ويطالب بالإصلاح، ويؤكد المطالب العشرة فى بيان 19 يناير، وأننا سنكون مع الشعب فى كل الأنشطة التى تقربه من ساعة الحرية، وإن غدًا لناظره قريب (حسب نصِّ البيان).
ويواصل د. عبد الرحمن أنه فى يوم السبت 22 يناير، اتخذ مكتب الإرشاد فى اجتماع خاص (بأحد الشقق غير المتابعة أمنيًا) قرار المشاركة فى وقفتين يوم 25 يناير، واحدة عند دار القضاء العالى بالرموز السياسية، والأخرى مشاركة شباب الإخوان فى وقفة عند الداخلية يوم 25 يناير؛ حيث كانت الدعوة خاصة بالشباب، لكن ما حدث يومها كان هو نزول عشرات ومئات من الشباب فى القاهرة فى أماكن عدة وفى حوالى 14 محافظة، وشارك معهم شباب الإخوان، وتحركوا فى مظاهرات بدأت صغيرة، لم يتعرض لها الأمن فى البداية حسب خطتهم لاستيعابها. فإذا بالشعب وهو يشاهدهم يتحركون ويهتفون، يندفع معهم من كل الأعمار والفئات، وقد انكسر عنده حاجز الخوف. وعندما بدأت قوات الأمن فى مواجهتهم عند المغرب بالقوة، كان الحاجز قد اختفى من داخلهم، وحلَّ مكانه روح الثورة والصمود والتضحية.
قرار تاريخى من مكتب الإرشاد
ويشير إلى أن مكتب الإرشاد اتخذ يوم الأربعاء 26 يناير قرارًا تاريخيًّا فى حياة الدعوة، وفى حياة مصر، كان القرار أن يكون ذلك بداية الثورة والانتفاضة الشعبية، وأن يتم دعمها بكل الطرق، وأن نعمل على استمرار هذا الزخم، وذلك التحرك الجماهيرى؛ حتى تتحقق الأهداف كاملة، ولو استمر ذلك عدة أشهر، وأن الأمر يحتاج إلى دعوة لحشد كبير يوم الجمعة 28 يناير فى التحرير والمحافظات ليستمر بعد ذلك.
ويضيف فى مذكراته عن الثورة: "معروف أن يوم الجمعة خاص– طوال سنوات– بالإخوان المسلمين فى تحركهم بالشارع، ولم يحدث أن دعا أحد من القوى السياسية قبلها لأى تظاهرة فى يوم الجمعة.
اتصلوا بالجمعية الوطنية– وهم أعضاء فيها– لتصدر بيانًا تتبنى هذه الدعوة، وكذلك تم تحريك مجموعة "رصد"؛ لتولى تفعيل هذه الدعوة مع الشباب على الفضاء الإلكترونى، وإعطاء التعليمات للمحافظات بالاهتمام بالحشد وتحريك الجماهير فى هذا اليوم".
وكشف عن أنه تم إبلاغ جميع مسئولى المحافظات يوم الأربعاء 26 يناير مساءً- فى لقاء طارئ مع المشرفين عليهم- بخطة التحرك وأهدافها، وأن يعدوا أنفسهم لحراك طويل، وتوضيح الضوابط التى تحكمه، وتم تقسيم أعضاء المكتب الإدارى بكل محافظة إلى قسمين: جزء يتواجد فى ميدان التحرير بصورة مستمرة مع الحشد الذى يتوجه من المحافظة، وجزء آخر يبقى فى المحافظة لإدارة الحراك داخلها، وترتيب المظاهرات، وأن يتم توزيع الجهد بطريقة متوازنة بين دعم ميدان التحرير بالآلاف، وبين الحشد المطلوب فى المحافظات.
لجان وفرق إعاشة للميدان
أما بالنسبة إلى ميدان التحرير، فقد نظم الإخوان بسرعة وحدات الخدمات اللازمة من الإعاشة والمستشفى الميدانى، والجهاز الإعلامى من منصات وساوندات، ووحدات للحراسة والسيطرة على مداخل الميدان، وذلك بالتعاون مع العناصر المناسبة من الجماهير المحتشدة.
ويوضح أن الإخوان اكتفوا بالرموز السياسية التى كانت موجودة فى الحراك السياسى قبلها وأثناءها، مع تواجد عشرات الآلاف من الإخوان من كل الأعمار، وتم عمل وحدة قيادة ميدانية فى شقة بالقرب من ميدان التحرير، وهى على اتصال مستمر ومباشر بمكتب الإرشاد، بالإضافة إلى القيادة داخل الميدان، وكان لكل محافظة وحشدها فى الميدان مسئول يتواصل مع اللجنة المسئولة عن الميدان.
أسرار وتفاصيل موقعة الجمل
ودعا الإخوان فى يوم الثلاثاء 1 فبراير إلى حشد مليونى فى ميدان التحرير– ردًّا على خطاب مبارك العاطفى– وإسقاط شرعية النظام المدَّعاة، وضرورة تنحى الرئيس فورًا عن الحكم، وطالبوا فى بيانهم بإجراءات محددة لكيفية انتقال السلطة.
كما شَكَّلَ يوم الأربعاء 2 فبراير منعطفًا هامًا فى تاريخ الثورة، ففى آخر المساء كان عدد المعتصمين بالميدان حوالى خمسة آلاف، نسبة كبيرة منهم من إخوان المحافظات، أما جزء كبير من أبناء القاهرة فقد ذهب إلى منزله ليعود فى اليوم التالى، وذلك بعد أحداث يوم الثلاثاء الحاشدة.
ورتَّبَ الأمن عدة آلاف بلغت حوالى من 12 إلى 15 ألفًا من رجال الأمن بالزى المدنى والبلطجية ورجال الحزب الوطنى، ومعهم خيول وجِمال وسيارات، ومسلحين بمختلف أنواع الأسلحة المناسبة؛ للهجوم على ميدان التحرير والاستيلاء عليه– لإظهار أن الشعب هو الذى قام بذلك– مع دعمهم بالقناصة من الحرس الجمهورى والقوات الخاصة من فوق أسطح المنازل، وكذلك استخدام القنابل والزجاجات الحارقة، مستغلين قلة العدد الموجود.
ويضيف: "وقد تصدى ببسالة شباب الإخوان من المحافظات، ومعهم عدد من شباب القاهرة، وتمكنوا من صدِّ الهجمة وإقفال ميدان التحرير. وقد سارع الإخوان– بناءً على تعليمات مكتب الإرشاد– بإعادة الحشد فى القاهرة خلال ساعتين، ثم جلبوا الآلاف من المحافظات القريبة لملء الميدان وإعادة التوازن عند الفجر. وكان فضل الله كبيرًا فى كيفية نجاح هذه المجموعة القليلة من شباب الثورة ورجالها فى التصدى لمخطط النظام وإفشاله".
ويضيف: "كان الجيش حتى هذه اللحظة على موقف الحياد بعد انتشاره وتواجده فى الشوارع، وحول الميدان، وهنا قرر مبارك– بعد فشل ما يُسمى بموقعة الجمل– فأصدر أوامره للجيش أن يقتحم الميدان ويخليه من الجماهير.. وعندما ردُّوا عليه أن الضحايا ستزيد على مائة ألف أصرَّ على قراره.
وهنا يسجل التاريخ موقفًا عظيمًا لقيادة الجيش المصرى؛ حيث كان أمامه أحد خيارين، إما أن ينفذ أوامر الحاكم والقائد العسكرى، فيمزق أجساد مئات الآلاف من المصريين فى الميدان، أو يرفض وفى هذا سيكون متمردًا على القرار، ويكون لمبارك محاكمتهم عسكريًا وإعدامهم".
ويتابع د. عبد الرحمن أن حرص الإخوان على إرسال رسائل التهدئة والتطمين إلى الدول الغربية وأمريكا، وكذلك إلى القوى الداخلية، أن الإخوان لن ترشح أحدًا منها للرئاسة، ولن تنافس على أغلبية برلمانية، وذلك فى بياناتها يومى الخميس 3 فبراير والجمعة 4 فبراير، ثم صدر قرار مجلس الشورى العام للإخوان بذلك يوم الخميس 10/2/2011م، وتم إعلان تنحى الرئيس بعدها يوم الجمعة 11 فبراير، وكان لهذا أيضًا دوره فى تسهيل نجاح الثورة، وإزالة بعض المعوقات المحتملة.
الشباب فى مقدمة الثوار
يحكى صلاح عبد المقصود -وكيل نقابة الصحفيين السابق- فى مذكراته عن جمعة الغضب فيقول: خرج الإخوان المسلمون فى الساعات الأولى للثورة المصرية صباح يوم الثلاثاء 25 يناير 2011م، وسبق هذا الخروجَ إعدادٌ وتنسيقٌ بين شبابهم وبقية الشباب المصرى على موقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك)؛ حيث عبّر مئات الألوف من الشباب عن غضبهم من الأوضاع القائمة فى البلد، واستعدادهم للخروج فى التظاهرات ضد سياساته الفاسدة.
ويضيف: "لم يلتفت الإخوان إلى تحذيرات الأمن وتهديداته التى وصلت إليهم بصورة مباشرة قبل الثورة بثلاثة أيام، ولم يفتَّ فى عضدهم أن قامت قوات الأمن بتفريق المظاهرات فى المحافظات المختلفة بالقوة، وكذا قيامها بفض اعتصام ميدان التحرير بالقوة فى الساعة الواحدة قبل فجر الأربعاء 26 يناير، واعتقال المئات وإصابة مئات آخرين، بل دعا الإخوان وبقية القوى المشاركة فى الثورة إلى اعتبار يوم الجمعة الموافق 28 يناير "جمعة غضب" على النظام؛ بسبب ما أقدم عليه فى يوم الثلاثاء.
ويضيف: "كانت تعليمات مشددة من القيادة الأمنية بوقف المظاهرات بأى ثمن، وبأى أسلوب كان، وهو ما دفع هذه القوات إلى استخدام العنف المفرط مع المتظاهرين، وبدأت هذه القوات فى إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع واستخدام العصى الكهربائية لتفريق المتظاهرين، لكن الجماهير كانت تتقاطر من كل الاتجاهات قاصدة الميادين الرئيسة التى حددها الشباب، وظلت محاولات الأمن فى منع التقدم، لكن عشرات الآلاف نجحت بالفعل فى الوصول إلى ميدان التحرير، خصوصاً من شارع قصر العينى، وكوبرى قصر النيل، وكوبرى 6 أكتوبر وميدان عبد المنعم رياض، وبدأ الأمن يطلق الرصاص المطاطى ورصاص الخرطوش، ثم الرصاص الحى، ليسقط فى هذا اليوم مئات الشهداء وآلاف الجرحى".
ويتابع: "أمام الدماء والأشلاء التى خلّفها بسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى، رابط الثوار فى ميدان التحرير، وعزموا على عدم مغادرته حتى يرحل الرئيس، ورفعوا شعارهم المعبِّر والمختصَر: "ارحل.. الشعب يريد إسقاط النظام".
ويوضح أن ميدان التحرير تحول إلى دولة ميدان التحرير، أو جمهورية التحرير، فيها قادة أركان، لكنهم متواضعون لا يُظهرون أنفسهم، وفيها قوات للدفاع لا تحمل أى سلاح إلا السواعد الفتية والعضلات المفتولة، لكنها تقف فى صفوف متراصة وتقتحم المداخل لتفتحها وتواجه بلطجية النظام وفلوله، وفيها الأطباء الذين قاموا بمهمة جليلة ساعدت الثوار على البقاء، وإلا لو ذهب هؤلاء الآلاف من الجرحى إلى المستشفيات الحكومية لما عادوا إلى الميدان؛ حيث تقوم هذه المستشفيات بإخطار جهات الأمن التى تقوم باعتقال هؤلاء المصابين وفتح ملفات لهم!.
ويشير إلى أن الإخوان سعوا مع شركاء التحرير إلى استقدام بعض الخيام البسيطة، أو صناعتها يدويًا داخل ميدان التحرير من البلاستيك العازل للأمطار والهواء، وكان جَمال هذه الخيام فى بساطتها وتلقائيتها؛ حيث لم يستطع الشباب إدخال كميات من الخيام الجاهزة، إما بسبب التضييق الأمنى وحظر التجول الذى كان مفروضًا، وإما بسبب قيام عناصر الأمن وبلطجية الحزب الحاكم بمصادرة هذه الأدوات، حيث لم تتوقف المصادرة عند هذا الحد، بل تعدتها إلى مصادرة الأدوية والأطعمة والمشروبات، وكذا ميكروفونات الإذاعة!، ومع ذلك، نجح شباب الإخوان وغيرهم فى تشكيل فرق حماية لتأمين دخول بعض المواد، أو دفع البلطجية الذين كانوا يقومون بإغلاق بعض الشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير، لمنع الثوار من الدخول أو لمصادرة ما يحملونه من مواد غذائية..
البلتاجى .. قائد ميدانى من الطراز الأول
وأخيرًا.. لا يمكن لأحد أن ينسى الدكتور محمد البلتاجى الذى كان أحد قادة الميدان وكان معتصمًا مع الشباب طوال ال18 يومًا ولم يغادره وكانت له كلمة يومية عند المنصة الرئيسية، والدكتور أسامة ياسين الملقب بوزير دفاع الميدان والذى كان مسئولاً عن لجان التأمين داخله.
كما لا يمكن أن ينسى أحد الشهيد مصطفى الصاوى والشهيد عبد الكريم رجب والشهيد كريم بنونة الذين لقوا حتفهم فى ميدان التحرير، فضلاً عن المصابين طارق الجابرى الذى أصيب بتسع رصاصات مطاطية أصابت أحدها يده وأصاب بعضها أماكن متفرقة من جسده فى رقبته وتحت عينه وفى صدره، ود. مصعب الشاعر المصاب الذى أخرجوا من جسده أكثر من 200 رصاصة مطاطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.