أوضحت مؤسسة آتلانتك كاونسل البحثية، أن هناك عوامل مختلفة مسئولة عن ارتفاع معدلات التضخم المتزايد في مصر، فعلى الرغم من أن مصر تختبر هذه الأزمة منذ عقد من الزمن بشكل مستمر، إلا أن وتيرتها تسارعت بشكل مهول منذ قيام ثورة يناير. وتابعت المؤسسة البحثية البريطانية في تقرير لها، أن الفترة ما بين 2011 إلى 2015، اقتربت زيادة معدلات التضخم من 10% زيادة سنوية، وهو ما ارتفع عن المعدل السابق الذي كان أقصاه 6% أو 7% في منطقة الشرق الأوسط عامةً على أقصى تقدير. وعدد التقرير السر وراء الزيادة الواضحة، إلى ارتفاع سعر النفط حول العالم، زيادة أسعار الغذاء، نمو عجز الميزانية، يقابلها زيادة كبيرة في استهلاك المخزون المالي. وتابع: أن الصورة تغيرت بشكل درامي في الفترة ما بين عامي 2016 إلى 2017 بوصول معدلات التضخم إلى مستوى غير مسبوق، وارتفاعه من 10% في شهر يناير 2016، إلى أكثر من 30% في أبريل 2017، مشيرةً إلى أن السبب الواضح وراء هذه القفزة كان قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف. وأضاف التقرير، أن العملة الأجنبية استمرت في ضغطها على نظيرتها المحلية خلال النصف الثاني من 2016 أيضًا، لتمهد لقرار البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه في نوفمبر الماضي ويصبح تحديد قيمة الجنيه في يد السوق، بعدها انخفضت قيمة العملة الأجنبية بوصول الجنيه إلى 13:89 للجنيه، إلا أن الأخير بدأ رحلة الهبوط ليصل في نوفمبر إلى 17:8، ومؤخرًا يستقر عند 18 جنيه مصري. وأورد التقرير رسمًا بيانيًا يوضح نسب معدلات التضخم لعام 2016، بحسب البنك المركزي المصري. ومثل الارتفاع السريع لمعدلات التضخم بالتزامن مع تعويم الجنيه، مفاجأة للكثيرين لسببين، أولًا: الاعتقاد بأن تأثير سعر الصرف على التضخم سوف يكون صغيرًا نسبيًا؛ حيث إن الواردات تمثل أقل من 20% من إجمالي الإنتاج المحلي، ثانيًا: الادعاء أن معدلات التضخم أثرت على السوق قبل حتى قرار تعويم الجنيه وبالتالي لم يتوقع حدوث زيادة خارق في معدلات التضخم، لتثبت التجربة بعد ذلك أن كلا الاعتقادين كان خاطئًا. استمرار ارتفاع معدلات التضخم بهذه الوتيرة له آثار سلبية واضحة على الاقتصاد، فهو يفرض تكاليف باهظة تصل إلى حد الرفاهية على المجتمع، يضرب الفقراء تحديدًا كونهم لا يمتلكون أصولًا مالية تحميهم من التضخم، يخفض على المدى البعيد النمو الاقتصادي. وفي حالة النمو، أثبتت الدراسات أن ارتفاع معدلات التضخم له نتائج سلبية خطيرة على دول الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن صانعي القرار يجب أن يطمحوا لإبقاء معدلات التضخم تحت نسبة 6% سنويًا، ولأسباب كثيرة واضحة يجب أن تكثف مصر جهودها لتحقيق هذا الهدف.