استقر في أدبيات "الرئاسة" أن "مرشحين" فقط هما اللذان يمثلان "قوى الثورة".. وكلاهما من اليسار أو اليسار الناصري!!، بل إني استمعت إلى مرشح يساري متطرف، مطرود من حزبه، وهو يصف المرشحين الإسلاميين الثلاثة بأنهم "مرشحون طائفيون"!!، الكل تقريبًا، "بلع" التصنيف.. وبات من الشائع في المقالات الصحفية أو البرامج التليفزيونية، حصر مرشحي الثورة، في اثنين فقط.. وكلاهما محسوب على اليسار.. وهو ادعاء ألقى به إلينا إعلام صناعة نجوم ال"صوبات".. لتعزيز الأكاذيب التي تدَّعي سرقة الثورة، من قِبَل التيار الإسلامي، بالتزامن مع اتهام الأخير بأنه كان من "القواعد"، إلى أن تأكد من "النصر" وطمع في مشاطرة الثوار "الفىء" و"الغنائم"!، بمضي الوقت، نسي الأدعياء أن الثورة كانت صناعة "المساجد".. وحتى الآن، لم تنجح مليونية قبل الثورة وبعدها إلا من خلال الحشد يوم الجمعة، من بعد أداء الفريضة.. ولولا هذا ما كان للثورة أن تنتصر.. والقوى الوحيدة التي تحملت عبء التصدي لجحافل الجِمَال والخيول يوم موقعة الجمل، هم شباب الإخوان والسلفية الثورية وفتيان الجماعة الإسلامية.. ولولا وجودُهم لحُسمت الموقعة لصالح الجنرال الفاشي والدموي حسني مبارك. وأنا على المستوى الشخصي أحمل احترامًا وتقديرًا خاصًا للزميل العزيز حمدين صباحي وكذلك للأستاذ خالد علي، وإن كنت لا أعرف الأخير إلا بعد أن أعلن ترشحه لمنصب الرئاسة.. غير أنه لا يمكن لمنصف أن ينكر أن المرشحين الثلاثة د. محمد مرسي، ود. عبد المنعم أبو الفتوح، ود. محمد سليم العوا.. هم جميعًا يمثلون قوى الثورة، وقادمون من داخل مَيدان التحرير.. ولعل المئات من الثوار شاهدوا الفقيه القانوني الكبير د. العوا، وهو في هذه السن، وكان خارجًا لتوِّه، من جراحة دقيقة، وهو يتصدى بصدْره، للحجارة والجِمال والخيول يوم موقعة الجمل.. حتى أشفق عليه شباب الثورة.. وحاولوا إقناعه بالتراجع خوفًا على حياته، البعض يعطي لنفسه الحق في انتحال المنطق الديني الكنسي، بتوزيع "الصكوك" على النشطاء.. وبطريقة لا تخفي فحواها الإقصائي وكأداة للتحيز الأيديولوجي ولتصفية "المخالفين" حتى لو كانوا "شركاء" في عملية إسقاط الطاغية. المدهش أن المرشحين الثلاثة ترفعوا عن الرد أو الدفاع عن أنفسهم.. رغم أن تلك القسمة، كانت على سبيل الجحود وإنكار الفضل.. بل تعتبر من قبيل التوصيف الدقيق سطوًا على "الثورة" واختطافها من بين يدي آبائها الحقيقيين.. ولعل ما حملهم على السكوت إحساسهم ب"تفاهة" التصنيف؛ فالثورة لم تكن ممارسة سرية.. بل كانت علنية، تنقلها فضائيات العالم لحظة بلحظة، وعلى مدى 18 يومًا.. ولم تكن ابنة اللحظة التاريخية.. وإنما ثمرة تضحيات كبيرة قدَّمتها أجيال متعاقبة.. وفي مقدمتها التيار السياسي الذي جاء منه المرشحون الإسلاميون.. وهي الحقيقة العقلية التي لا يمكن إنكارها، مهما كان حجم خلافنا معهم وهواجسنا ومخاوفنا من "تداعيات" وصولهم إلى السلطة. [email protected]