بدأ اليوم تصويت المصريين المقيمين بالخارج، وسوف يتلوه بأيام قليلة تصويت المصريين بالداخل، والحال كما ترى وتعلم لا يسر عدوًا ولا حبيبًا، سعار التنافس الانتخابى دفع جميع الفصائل إلى ارتكاب أخطاء بالجملة سوف يدفع ثمنها الشعب المصرى الكادح من دمه ومستقبله. 1- فأنصار النظام السابق لا يتذوقون الانتخابات إلا بطعم التزوير، فأعدوا لذلك لجنة عليا لإدارة الانتخابات أغلب أعضائها معينون ولا يجوز الطعن على قراراتها خلافا لكل المبادئ والأعراف الدستورية، قامت بالفعل باستبعاد أقوى المرشحين المنافسين، ويعلم الله ما ستفعله بنا فى المستقبل، كما أعدوا له آلة إعلامية جبارة تعمل على طمس الحقائق وتشويه الخصوم الذين لا يملكون الأدوات الكافية للمواجهة والرد. 2 – كما أخطأت الفصائل الليبرالية الثورية حين دفعت بمرشحين لها فى الساحة، وهى تعلم علم اليقين بضآلة فرصتها فى التأهل، مما يؤدى إلى خصم كتلتها التصويتية من حساب المرشح الثورى، الذى قد يحمل فرصة حقيقية للمنافسة فتضعف فرصته، قد يكون الدافع هو استغلال سوق الدعاية الانتخابية لعرض أفكارها وبرامجها، وهذا حق أصيل لها، ولكن ليس فى هذا الظرف المحدد، ظرف التحول الثورى الصعب، ليس فى مرحلة المخاض الثورى المتعسر. 3 – وأما السلفيون فأزعم أنهم أخطأوا حين أعلنوا تأييدهم للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح باعتباره المرشح الأفضل فى تقديرهم، والرجل بالفعل رجل فاضل يستحق كل الاحترام، لكن معيار اختيار الأفضل، وإن كان هو الأصل، إلا أن له استثناءات معروفة، وقصة الحسن بن على وتنازله عن الخلافة لمعاوية معلومة للجميع، لقد كانت التيارات السلفية تعلم علم اليقين أن جماعة الإخوان لن تسايرهم فى تأييد أبو الفتوح للخلف القائم المعلن بينهما، ومن ثم فقد كان يتعين عليهم حساب المآلات، فتأييدهم لمرشح الإخوان كان سيؤدى تلقائيا إلى توحيد الصف الإسلامى خلف مرشح واحد، ولو كان مفضولا على الفرض الجدلى، مما يؤدى إلى خلق فرصة حقيقية وجادة للمنافسة، بدلا من حالة الانشقاق والانقسام والانشطار التى صرنا إليها. 4 – وأما عن أخطاء الإخوان، فقد سبقنى الدكتور محمد مرسى إلى الاعتراف ببعضها فى لقاء تليفزيونى مؤخرا، غير أن خطأ واحدًا هو الذى يعنينى الإشارة إليه والتأكيد عليه فى هذا المقام، ألا وهو فشل الإخوان فى الحصول على تأييد إخوانهم فى التيارات السلفية، أعلم تمامًا مدى اهتمام الإخوان بفتح قنوات للتواصل مع التيارات السياسية الأخرى، فماذا حدث لآلة التواصل الإخوانية فى هذا الموقف، هل تراخى الإخوان فى التفاهم والإقناع بل والإلحاح فى طلب التأييد والنصرة، معتمدين على أن الحسابات الانتخابية وحدها كفيلة بأن تأتيهم بتأييد السلفيين دون حاجة إلى جهد منهم، ثم بعد أن فقدوا هذا التأييد، لماذا أصابهم اليأس فقعدوا عن مواصلة المحاولة حتى اللحظة الأخيرة، هل يدرك الإخوان أن تأييد السلفيين لأبو الفتوح يمثل فشلا للأداء الإخوانى تتأذى منه الأمة كلها. الرجوع إلى الحق فضيلة، لكنها فضيلة غائبة. [email protected]