يبدأ غدًا، السبت، فتح باب تلقى طلبات الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، وبرغم ذلك فما زالت الرؤية غائمة فى جانب كبير من المشهد، بعض الأحزاب حسمت اختيارها مبكرًا والبعض الآخر مازال يفكر، ففى الوقت الذى أعلن فيه حزب الوفد تأييده رسميًا للسيد/ منصور حسن، اتخذ حزب التحالف الشعبى الاشتراكى مسلكًا آخرًا بترشيح السيد/ أبو العز الحريرى لخوض الانتخابات الرئاسية، أما بقية الأحزاب فلم تحسم رأيها بعد ويبدو أن الأمر سيبقى على ذات الحال لأسبوع آخر على الأقل، غير أننى أعتقد أن جانبًا هامًا من الصورة قد تشكل، فقد بدا واضحًا أن الأحزاب الليبرالية سواء اليمينى منها أو اليسارى قد بدأ فى الانفلات من دائرة التوافق، الذى دعا إليه البعض، ولا أظن بقية الأحزاب الليبرالية وعلى رأسها الكتلة المصرية إلا سالكة ذات النهج، الأمر الذى يضرب فكرة التوافق فى مقتل، وبنظرة سريعة على توزيع القوى السياسية داخل مجلس الشعب نجد أنها تنحصر فى أربع قوى رئيسية هى الإخوان والسلفيين والوفد والكتلة، وخروج الأخيرتين مبكرًا من دائرة التوافق يجعل الهدف منه قد أصبح غير ذى موضوع، كانت جماعة الإخوان المسلمين قد ألزمت نفسها فى وقت مبكر بعدم تقديم مرشح إخوانى للرئاسة فى رسالة طمأنة للآخرين عنوانها المشاركة لا المغالبة، وأجهدت الجماعة نفسها فى البحث عن رئيس توافقى ترضى عنه جميع التيارات السياسية، فإذا لم يبق الآن فى الساحة إلا الإخوان والسلفيين فمن حقهم التوافق على مرشح إسلامى واضح وليس مجرد مرشح ذى خلفية إسلامية، وأزعم أن التزام الإخوان بعدم تقديم مرشح إخوانى لم يعد له محل بعد أن اختار كل تيار المرشح الذى يتفق مع توجهه الفكرى، ولا عيب فى هذا المسلك، بل هو عين الممارسة الديمقراطية، لكن ما تبيحه التيارات الليبرالية لنفسها يجب ألا تحرّمه على الآخرين، كما لا يحق للإخوان الامتناع عن تأييد أحد المرشحين الإسلاميين الحاليين أو الدفع بمرشح آخر يرونه الأصلح لتولى المنصب لمجرد أنه ينتمى لجماعة الإخوان وكأن هذا الانتماء سبة أو جريمة، لقد كان هذا الالتزام فى الماضى تعبيرًا عن حسن النوايا وفتحا لأبواب التواصل مع الآخرين، أما الآن وبعد أن استقرت الممارسة الديمقراطية وعرف كل فريق موقعه من المشهد السياسى، فقد أصبحت المنافسة الحرة الشريفة هى قانون اللعبة، ويبدو أن التخلى عن المنافسة أو مجرد الانتقاص منها لم يعد يحمل معنى إنكار الذات أو حسن النية، كما كان فى السابق، ولا أعتقد أن أيًا من التيارات الليبرالية يحق له الشكوى إذا عدل الإخوان عما ألزموا به أنفسهم ما دامت هذه التيارات نفسها هى التى أعرضت عن التوافق مع الإخوان على مرشح رئاسى واحد، ويبقى بعد ذلك سؤال: هل سينجح الإخوان والسلفيون فى التوافق، أم أن المهمة ما زالت صعبة؟ كامل مندور [email protected]