مشكلتى أننى لا أعرف ما هى مشكلتى؟ فأنا فتاة جميلة مهذبة متدينة وجادة بشهادة الجميع ولكن لست محبوبة بشكل كبير، فى المدرسة كانت تحدث مشاكل بينى وبين زميلاتى ومع المدرسات أيضًا، يفهمن كلامى غلط ودائما يؤولن كل حركة أو لفظ فكنت أضطر للدفاع عن نفسى وبسرعة تكبر المشكلة، تلقيت تأنيبًا وتعليمات من أمى وأبى من نوعية (يجب أن تكونى مهذبة ومؤدبة) ولكن هل معنى الأدب والتهذيب أن أترك حقى؟ معناه أن أرضى بالظلم؟ معناه أن أكون (ملطشة) لمن يريد إهانتى؟ فى الجامعة حجمت علاقاتى وأصبحت لا أختلط إلا بصديقاتى المقربات فقط وكنا متفاهمات ولنا أسلوبنا فى المزاح والكلام الذى قد يعتبره البعض متجاوزًا ومرت السنين. المشكلة أن السنين مرت حتى اقتربت من الثلاثين ولم أتزوج بينما تزوجت أغلب زميلاتى ممن أفوقهن مزايا فى كل شىء، علمًا بأننى أنتمى لأسرة محترمة وميسورة الحال، فلماذا لا يحدث هذا إلا معى؟ لماذا يرانى العريس وينصرف عنى رغم جمالى ثم يقبل بمن هى دونى؟ لن أدعى أننى لست مهتمة فأنا فعلا أريد حلاً وتفسيرًا وربما يهمنى التفسير كثيرًا لأفهم لأننى أكاد أجن من كثرة التفكير، طبعًا أنا أسلم أمرى لله وأعرف أن النصيب لم يأتِ بعد وأعرف أيضًا أن هناك ملايين البنات فى مثل حالى ولكن كل إنسان يكون مشغولاً بحاله ومثل غيرى أنا مشغولة بحالى وبمشكلتى التى لا أعرفها. أريد أن أكون محبوبة ومميزة وأعرف كيف اكتسب حب الناس وإعجابهم ومستعدة لتغيير طباعى إن كان ذلك لازمًا. الرد ابنتى الحبيبة أحببت سؤالك أولاً لأنك تبدين رغبة فى التغيير وهذه هى الخطوة الأولى فى سبيل النجاح وثانيًا لأنه مهم ويحتاج تفصيلاً بالفعل، أقابل مثلك كثير من البنات فى المناسبات العائلية وفى الشارع وفى المترو خاصة فى فترة الامتحانات التى تتسم بالتوتر، أتأمل وجوه البنات وألاحظ أن نسبة الوجوه المبتسمة المشرقة قليلة جدًا وتكاد تكون نادرة أيضًا، أتعجب لماذا فى عز الصبا والشباب والحيوية نقطب الجبين ونرسم التكشيرة ونبدو وكأننا نستعد لخوض معركة؟ ربما لأن المجتمع المصرى عمومًا أصبحت هذه إحدى سماته ذلك التجهم والتوتر والاستعداد للانفجار لأسباب كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية، وكما أن الفرح معدى كذلك التجهم والكآبة معدية، المصرى خفيف الدم ذو الوجه المشرق منبسط الأسارير أصبح عملة نادرة وتراجع وجوده مثل كثير من السمات المصرية الجميلة، المنظومة كلها تراجعت (الخضرة والماء والوجه الحسن). الوجه الحسن ليس فقط الذى يتحلى بالجمال والتناسق ولكن أيضًا الذى يتسم بطابع الحسن وهو الابتسامة، تحرك البسمة المشرقة عضلات الوجه وتجعل تعابير الوجه مريحة منبسطة فتعطى انطباعًا طيبًا لمن يتعامل معك وتجعل التعامل سهلاً يسيرًا، وهناك من الناس من كانت ابتسامته الدائمة اللطيفة سر نجاحه واختراقه القلوب وهناك من الفتيات من يتكالب عليها الخطاب لسماحة وجهها وتبسمها الدائم وليس لجماله الجامد وكأنه تمثال شمعى، كما أن المرأة ذات الوجه المتجهم والردود الحادة الجارحة والطبيعة النكدية تنفر الرجل مهما كانت ميزاتها الأخرى، لأنها صفات تتنافى مع الرقة والحنان والاحتواء وكل صفات الأنوثة الجاذبة للرجل. نتحمل نحن الأمهات مسئولية كبيرة فى تشكيل نفسية بناتنا فلم نعد نهتم إلا بالجانب المدرسى والجانب الدينى وأهملنا الجانب التربوى الذى يغرس الآداب العامة ويزيل أسباب القلق والتوتر ويدرب الفتاة على السعادة والانشراح وإرسال رسائل المودة الصافية للناس ليردوا عليها بأحسن منها فتكتسب البنت محبتهم أينما كانت. رسالة لك ولكل فتاة ابتسمى وكونى هادئة واثقة مشرقة وتسامحى مع الناس ولا تكونى حساسة فى كل موقف فتتوتر أعصابك تحسبًا لصد هجوم محتمل وكأن الدنيا غابة أو ساحة معارك، تقول كاتبة أمريكية شهيرة (قد لا يكون العالم مكانًا ساحرًا ولكن من الأفضل أن تراه كذلك) روشتة الجمال والجاذبية لكل فتاة أنوثتك أعز وأثمن وأجمل ما تملكين فتمثليها دائمًا ولا تسلكى سلوك الرجل المحارب الذى يتحسس دومًا سلاحه ليشهره فى وجه الأعداء ولكن كونى ملاك الرحمة ومثال الرقة والعذوبة وسلاحك ابتسامتك ودماثة أخلاقك. سوف يأتى العريس فى موعده المحدد بمشيئة الله تعالى فكلها أقدار ولكننا أمرنا بالأخذ بالأسباب فإذا أردت أن تكونى جذابة اهتمى بإظهار خصائص الرأفة لديك لأنها المرادف للأنوثة التى يحبها الرجل ويبحث عنها ويتأثر بوجودها فى المرأة ولعل ذلك يفسر لماذا يعجب الشاب بفتاة أقل جمالاً ومزايا، لأنه وجد فيها الأنثى التى يبحث عنها. خصائص الرأفة والأنوثة تلك الرقة الطبيعية المنسابة دون افتعال فى كل حركاتك وأقوالك هى قطرات الندى التى تلين القلوب فتجذبها لك وهى أيضًا شذى العطر الذى يفوح فى المكان وهى تلك الخلفية المؤثرة التى تهيأ الأجواء للحب. أما سؤالك (كيف أكون محبوبة ومميزة ويحبنى الجميع؟) فهو سؤال بسيط لكنه عويص، ألفت فيه كتبًا، وكتبت فيه مطولات من نوعية مائة طريقة لتكون مميزًا ومحبوبًا، طبعًا مائة طريقة كثير جدًا، سوف أنصحك بشىء واحد فقط (دعِ الناس يرون صورة جميلة لأنفسهم فى عينيك). نحن نحب من نرى انعكاسًا جميلاً لصورتنا لديه، وفى نفس الوقت دون نفاق أو تزييف، إذا كانت عيناك جميلتين مليئة بالتفاؤل والثقة، وقلبك عامرًا بالرحمة، وعقلك مرنًا يفهم الناس ويلتمس لهم الأعذار سوف ترى الناس من زوايا طيبة يقول الشاعر (كن جميلا ترى الوجود جميلا) عندما ترين الجانب الجميل فى الناس سوف تحرصين على مصالحهم وخيرهم وتسارعين بمد يد العون لمن يحتاجك منهم وبالطبع سوف يحبونك ويبادلونك مشاعرك الطيبة . أما كيف تكونى مميزة؟ لدى لك طريقة واحدة أيضا، ليكن لك فلسفة، الفلسفة هى رؤية كلية لحياتى ما الذى أريده بالضبط؟ حتى لا أتوه فى تفصيلات وجزئيات فرعية قد تبعدنى عن هدفى الأساسى . فلسفتى هى (رضا الله ورسوله وحب الناس والتعاون معهم لجعل الحياة أفضل فى حدود استطاعتى) سوف أطبق هذه الفلسفة فى كل المواقف بحيث لا يدفعنى إرضاء الناس يومًا لفعل ما لا يرضى الله ورسوله، ولا أنعزل عن الناس مهما كان الثمن بحجة البعد عن المشاكل، ولا أتجمد فى مكانى بل دائمًا أعمل على دفع الأمور للأمام وتجميل وتحسين الحياة، وذلك كله فى حدود استطاعتى دون أن أظلم نفسى. الناس تحبنا من الداخل، يعنى كلما كان داخلنا ثريًا مليئًا أسعدنا أنفسنا أولاً ثم أقبل الناس علينا يرتوون من نبع الخير الذى ينساب من أفعال الطيبين منا، كيف نثرى أنفسنا؟ بالعلم النافع والعمل الصالح، بالاستقامة والإخلاص، بالعطاء والمحبة، بالقلب الشاكر واللسان الذاكر، وبالتقوى. وبتلك البسمة التى تبدأ أولاً فى داخلنا ثم تشرق على وجوهنا وترسم ذلك الطابع الجذاب عليها طابع الحسن والجمال. [email protected]