شنت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية, هجوما على قانون "تبييض الاستيطان", أو "قانون التسوية", الذي أقره الكنيست, ويسمح بمصادرة أراضي الفلسطينيين الخاصة, واعتبرته قانونا للجريمة المنظمة. وقالت الصحيفة في مقال لها في 7 فبراير, إن من وصفتهم بالمجرمين نجحوا في إقناع أعضاء الكنيست بتمرير القانون لشرعنة عمليات سرقة الأراضي, التي سيطروا عليها، وطرد أهلها الشرعيين منها. وتابعت " خلال العقدين الماضيين, استغل المستوطنون ضعف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وأقاموا تجمعات استيطانية على أراض خاصة للفلسطينيين، واليوم يزعمون أنها باتت من حقهم وملكا لهم". وحذرت الصحيفة من أن هذا القانون يدفع إسرائيل نحو الهاوية بسبب عدم احترامها للقانون الدولي، مشيرة إلى أن الجهة التي بادرت إلى طرح هذا القانون هي حزب البيت اليهودي، الذي يضم ساسة متطرفين، مثل نفتالي بينيت وزير التعليم، وآيليت شاكيد وزيرة القضاء، وأوري أريئيل وزير الزراعة. وكان الكنيست الإسرائيلي أقر في 6 فبراير بأغلبية 60 عضوا ومعارضة 52 القانون المعروف لدى الاحتلال بقانون التسوية، وهو يضفي شرعية على سرقة أراض في الضفة الغربية ذات ملكية خاصة، حتى لو كان صاحبها الفلسطيني يملك الوثائق القانونية. وما زال إقرار القانون ينتظر حكما من المحكمة العليا الإسرائيلية، فهو يتعارض مع أحكامها بشأن حقوق الملكية، وصرح المدعي العام بإسرائيل أفيخاي ماندلبليت بأن القانون غير دستوري، وأنه لن يترافع دفاعا عنه أمام المحكمة العليا. وتوالت ردود الفعل الدولية والعربية المنددة بإقرار القانون الذي يسمح بسلب أراضي الفلسطينيين الخاصة والتوسع الاستيطاني عليها. وبينما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن القانون يشكل انتهاكا للقانون الدولي، حث الاتحاد الأوروبي تل أبيب على عدم تنفيذ القانون واعتبر أنه "يتجاوز سقفا جديدا خطيرا". وحسب "الجزيرة", أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في بيان له عن أسفه الشديد لإقرار قانون الاستيطان الذي قال إنه "ستكون له تداعيات قانونية كبيرة على إسرائيل"، مشددا على ضرورة تجنب اتخاذ "إجراءات من شأنها تعطيل حل الدولتين". كما أشار منسق الأممالمتحدة الخاص لعملية السلام نيكولاي ملادينوف إلى أن القانون -الذي اعتبره "سابقة خطيرة تتجاوز خطا أحمر عريضا"- قد يعرض إسرائيل لملاحقات أمام المحكمة الجنائية الدولية، داعيا إلى تنديد دولي شديد، لكنه امتنع عن انتقاد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي نأت بنفسها عن ملف الاستيطان الإسرائيلي. وقال ملادينوف لوكالة الصحافة الفرنسية إن القانون "قد يفسح المجال أمام ضم كامل للضفة الغربية، ويقوض بشكل أساسي حل الدولتين" القائم على دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. ومن جانبها, أدانت مسؤولة السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إقرار الكنيست للقانون الإستيطاني. وقالت في بيان إن "هذا القانون يتجاوز سقفا جديدا خطيرا عبر تشريع مصادرة حقوق الملكية الفلسطينية، وعبر السماح بمصادرة أراض فلسطينية خاصة في الأراضي المحتلة". وفي باريس, دعا الرئيس الفرنسي الحكومة الإسرائيلية لإلغاء القانون الذي يضفي الصفة القانونية على الاستيطان في الأراضي المحتلة، وقال فرانسوا هولاند في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن القانون الإسرائيلي "سيفتح الباب أمام ضم أراض محتلة". ومن جانبه, وصف عباس القانون الإسرائيلي بأنه عدوان على الشعب الفلسطيني، وأكد أنه مخالف للقانون الدولي وستجري مواجهته في المحافل الدولية. وفي السياق ذاته، أدان وزير شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانية توباياس إلوود القانون الاستيطاني الإسرائيلي، واعتبره, في بيان له, تهديدا لحل الدولتين، ومضرا بموقف إسرائيل أمام شركائها الدوليين. أما في واشنطن, فقال مسئول بالبيت الأبيض إن إدارة ترامب ستمتنع عن التعليق على التشريع إلى حين صدور حكم المحكمة العليا في إسرائيل بشأن القانون، كما قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة ترامب بحاجة إلى التشاور مع جميع الأطراف بشأن الطريق الواجب سلوكها للمضي قدما. وفي سياق التنديد، نددت الخارجية التركية بشدة بالقانون، وقالت في بيان إن "السياسة التي تصر إسرائيل على اعتمادها.. غير مقبولة". كما وصفت منظمة التعاون الإسلامي قانون شرعنة الاستيطان بأنه "انتهاك سافر لقرارات الشرعية الدولية لاسيما قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2334، الذي أكد رفض المجتمع الدولي وإدانته لهذه الإجراءات الإسرائيلية غير القانونية وطالب بوقفها". ودعا الأمين العام للمنظمة يوسف بن أحمد العثيمين -في بيان له- المجتمع الدولي وخصوصا مجلس الأمن، إلى النهوض بمسؤولياته واتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ قراراته، وإلزام إسرائيل بوقف سياستها الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة كافة بما فيها مدينة القدس الشريف. وعلى الصعيد العربي, وصف الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط, في بيان له, القانون بأنه ليس سوى غطاء لسرقة الأراضي والاستيلاء على الممتلكات الخاصة بالفلسطينيين"، معتبرا أنه يفتح الباب أمام إذكاء التوترات في المنطقة بأسرها. ومن جانبه, وصف رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل السلمي في بيان له القانون الإسرائيلي بأنه "جريمة حرب، وانتهاك مباشر للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية". كما وصف الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني القرار الإسرائيلي بأنه "خطوة استفزازية" من شأنها القضاء على أي أمل بحل الدولتين وإحلال السلام. ومن جانبها، أدانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الدولية, تمرير الكنيست للقانون الذي يضفي الشرعية على البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، وحذرت قادة إسرائيل من أن الإدارة الأمريكية لن تحميهم من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية.