■ بقلم: د. طارق فهمي الهدف الرئيسي لدولة الاحتلال في الوقت الراهن هو العمل في دائرة من الخيارات الصعبة التي تخرج الدولة من فشلها وإخفاقها السياسي والاستراتيجي الراهن يعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أنه لن يخرج من ممر صلاح الدين أو معبر رفح ولكن يبدو أن نتنياهو لم يطالع الانسحابات الاسرائيلية من الأراضى العربية تباعا من غزة، ومن قبل من ياميت كبرى مستوطنات إسرائيل فى سيناء، وكذلك من الأراضى الأردنية سواء فى الباقورة وأرض الغمر التى كانت فى حوزة إسرائيل بمقتضى معاهدة وادى عربة لمدة 25 عاما ثم قامت بتسليمها الأردن لاحقا بقرار ملكي. والمعنى أن إسرائيل مهما طرحت كحكومة أن تبقى فى ممر صلاح الدين فى ظل ترتيبات أمنية ومهما قامت بتمركز وجودها فى مناطق التماس فإنها لن تستطيع أن تبقى الى مدى أطول خاصة أن المستوى العسكرى يفاوض انطلاقا من حقيقة مهمة بأن الانسحاب من ممر صلاح الدين بات ضرورة مُلحة ومهمة ولا يمكن البقاء فيها خاصة أنه يمكن الانسحاب على مراحل، والخروج من معبر رفح من الجانب الفلسطينى وحسم الأمر، ولكن تصميم نتنياهو يشير إلى أنه لا توجد مبررات سوى التعنت ورسم سياسات انفرادية لا معنى لها فى ظل انتهاء العمليات الكبرى لإسرائيل فى عمق القطاع، والتى لا شك أنها مرفوضة شكلا ومضمونا ولن يعترف بها احد مثلما لم يعترف بضم القدس والجولان من قبل، أى أن هذه الإجراءات لا تأصيل قانونيا لها، الأمر الذى يعنى أن إسرائيل مهما تعنتت وفرضت نهجها فى عدم التفاوض، ورفض التفاوض وفقا للمقترح الأمريكى الذى قامت بتعديله أكثر من مرة، فإنها ستعمل على القيام دوريا بمراجعة استراتيجية لتأمين مصالحها من منظور سيجلب لإسرائيل الدولة وليس الحكومة تأثيرات وسلبيات عدة وخطيرة لا يمكن تجاوزها فى الفترة المقبلة. في ظل هذه الأجواء، وأيا كان السيناريو الذى ستمضى فيه إسرائيل فى غزة أو مع الشمال حيث الخطر الأكبر ممثلا فى حزب الله القابع على طول الحدود فإن إسرائيل ستختار القوة فى التعامل والحسم، وعدم إطالة المواجهات المقبلة خاصة أن استمرار حرب غزة 11 شهرا حتى الان قضى على فكرة أن إسرائيل يمكن ان تحسم الحرب فى مدة وجيزة، وفى توقيت تحدده القدرات العسكرية الإسرائيلية خاصة أن القوة باتت فى نظر الجمهور الاسرائيلى قوة عقيمة غير قادرة على الحسم وأن القوة النووية لا معنى لها فى عالم يتطور باستخدام حرب المسيرات المتعددة، ولهذا عاد الحديث عن تطوير قدرات الجيش الإسرائيلى، واستحداث أنماط من التطوير فى الذراع البرية وعدم الاكتفاء بالحرب عبر السماوات التى تحمى بدفاعات جديدة تتجاوز القبة الحديدية الى السماء الحمراء إلى منظومتى حيتس 1 وحيتس 2 وما يؤكد أن إسرائيل ستواجه مصيرها فى الإقليم وأن من يحكم سواء كانت قوى اليمين المتطرفة والمتشددة سواء كان نتنياهو أو غيره لا يمكن أن يستمر طويلا فى ظل ما يجرى فى بنية المجتمع الإسرائيلى، ولا يقتصر على المؤسسة العسكرية فقط بل يضرب بتداعياته فى كل قطاعات الدولة، والتى تتطلب بالفعل إجراءات وتدابير مهمة وعاجلة، فالإخفاق لم يكن فى مهام او أدوار أجهزة المعلومات بل فى كل مؤسسات الدولة وفى ظل غياب الأفق السياسى واتجاه الدولة بكل قطاعاتها الى مساحات من الفشل المسبق مع عدم الايمان بما يجرى من تطورات مفصلية لما يجرى فى الإقليم وصعود دور الفواعل من غير الدول، والتى ستمضى مهددة لأمن إسرائيل، وفى ظل تخوفات من عدم قدرة إسرائيل على الحرب على جبهتين فى نفس الوقت وليس سبع جبهات. إن الهدف الرئيسى لدولة الاحتلال فى الوقت الراهن هو العمل فى دائرة من الخيارات الصعبة التى تخرج الدولة من فشلها واخفاقها السياسى والاستراتيجى الراهن برغم كل المحاولات التى بذلت فى أطر من الأولويات التى تعمل عليها الحكومة الاسرائيلية بمكوناتها اليمينية المتطرفة، والتى تحاول المعارضة مواجهتها والعمل على تشكيل كتلة صلبة من الشخصيات الرافضة لسياسات نتنياهو، وليس لحكم اليمين الإسرائيلى وهو ما برز فى الدعوة لتشكيل حكومة جديدة. وبالتالى فان التوقع بأن ما سيجرى خلال الفترة المقبلة سواء فى استخدام مزيد من القوة فى غزة واستمرار احتلالها وإقصاء حماس سيكون على رأس الأولويات المطروحة، وفى اطار صراع مفتوح على خيارات صدامية لا وجود فيها لأى سيناريو تهادنى، ومن ثم فإن اقتحام المسجد الأقصى وارد، واتمام زيارات من قبل وزراء اليمين للمقدسات الإسلامية والمسيحية مطروح، ما قد يفجر الموقف فى أى لحظة، ما يعنى أن اليمين الإسرائيلى تحول إلى يمين عسكرى، وليس فقط إيديولوجياً يسعى لإدخال إسرائيل فى مواجهة كاملة فاشلة خاصة مع إعادة طرح خطة الجنرالات التى تدعو لإجراء عمليات الترحيل للفلسطينيين من شمال الضفة لفرض الموقف الاسرائيلى مجددا.