مع وفاة الأديب والصحفي إلياس خوري، تفقد الساحة الأدبية العربية أحد أعمدتها الراسخة، فلم يكن خوري مجرد كاتب بارز، بل كان صوتًا لا ينطفئ للحق والإنسانية. عُرف إلياس خوري، بإبداعاته الأدبية بفض ترجماته وانتشار أعماله دوليًا، التي لم تقتصر على معالجة الموضوعات التقليدية، بل تناولت قضاياه أيضًا عمق الإنسانية، وكان مثالا للكاتب المثقف الملتزم بقضايا أُمته، كما لم يفصل بين دوره الأدبي وبين مواقفه السياسية، خاصةً دفاعه الشجاع عن القضية الفلسطينية. اقرأ أيضًا: الرئيس الفلسطيني يرحب بتسجيل دير القديس هيلاريون على قائمة التراث العالمي بدايات مبكرة وُلد إلياس خوري في العاصمة اللبنانية، بيروت عام 1948، وترعرع في بيئة ثقافية غنية بمنطقة الأشرفية التي كانت تحتضن تنوعًا دينيًا وثقافيًا، هذه النشأة في عائلة أرثوذكسية، مفعمة بالثقافة، أضافت عمقًا روحيًا وإنسانيًا لأدبه، ومنذ سن مبكرة، أبدى خوري اهتمامًا شديدًا بالأدب، متأثرًا بأعمال كبار الأدباء العرب مثل جرجي زيدان. كما تأثر الأديب الصحفي، إلياس خوري، بأدب عالمي، خصوصا الروسي منه، وساهمت بالطبع هذه الخلفية المتنوعة في صياغة رؤيته الأدبية الخاصة التي تميزت بالبعد الفلسفي والإنساني، ومنذ شبابه المبكر، كان خوري مدركًا جدًا لأهمية القضية الفلسطينية، التي أصبحت محورًا رئيسيًا في مسيرته الأدبية والسياسية كاملة. دعمه ل «القضية الفلسطينية» كانت بيروت، التي شهدت تواجد منظمة التحرير الفلسطينية، مسرحًا لالتزام النضالي إلياس خوري، حيث دعم حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، وتركت هذه التجارب أثرا عميقًا في كتاباته، حيث عالج فيها قضايا التشرد والمنفى والنضال الفلسطيني عبر سرديات معقدة ومؤثرة، محاولًا نقل معاناة الشعب الفلسطيني للعالم من خلال الأدب. روايته الشهيرة تميز إنتاج إلياس خوري الأدبي بثراء موضوعاته، ومثلت روايته الشهيرة "باب الشمس" ذروة أعماله، وعالجت بأسلوب ملحمي مأساة الفلسطينيين بعد النكبة، وحولت لفيلم سينمائي ناجح نقل القصة لجمهور عالمي، بفضل ترجمات أعماله للغات عديدة،، ما فتح الباب أمام فهم أوسع ل القضية الفلسطينية من خلال سردياته القوية والمرهفة في آن واحد. اقرأ أيضًا: اليونسكو يدرج الدبكة الشعبية الفلسطينية على قائمة التراث العالمي العمل الأكاديمي كان إلياس خوري أكاديميًا بارزًا درّس في عدد من الجامعات العربية والعالمية، ومنها جامعة نيويورك التي شغل فيها منصب أستاذ زائر عام 2006، وأضاف عمله الأكاديمي بعدًا آخر لمسيرته، حيث نقل معرفته الأدبية وخبرته للأجيال الجديدة، كما أسهم في الصحافة الثقافية من خلال دوره كرئيس تحرير لمجلات أدبية فلسطينية وعربية. جوائز وتقديرات حظي إلياس خوري بتقدير واسع على الصعيدين العربي والدولي، حيث نال العديد من الجوائز المرموقة، مثل جائزة سلطان بن علي العويس عام 2007، وهو ما جعله لاعبًا رئيسيًا في تشكيل المشهد الثقافي والأدبي في العالم العربي، وشملت إبداعاته النقد الأدبي والمجموعات القصصية، مما رسخ مكانته كواحد من أهم الأدباء في العصر الحديث. برحيل إلياس خوري، يفقد الأدب العربي أحد رموزه العظيمة، لكن إرثه الأدبي سيظل بالتأكيد خالدًا، فكانت كتاباته تعبيرًا عن هموم الشعوب وآمالها ولا سيما دعمه ل القضية الفلسطينية، ليضيء الطريق للأجيال القادمة، ليتضح أنه ليس فقط كاتب، بل مدرسة في الأدب والإنسانية، سيظل تأثيرها ممتدًا عبر الزمن، ليبقى رمزًا للرواية العربية وقضاياها الجوهرية.