كشفت بيانات المجلس العسكرى وجماعة "الإخوان المسلمين" الأخيرة، عن وجود أزمة حقيقية وتكهنات بصدام وشيك فى الأيام القادمة، لا سيما بعد تحذير العسكرى بصورة اعتبرتها الجماعة تحمل تهديدًا صريحًا لها، الأمر الذى جعلها تكشر عن أنيابها معلنة استعداداها التام لإنهاء شهر العسل والخروج من عباءة العسكر. وقال صابر أبو الفتوح، القيادى الإخوانى ورئيس لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب، إن بوادر أزمة حقيقية بين الإخوان والعسكرى، بدأت فى التصاعد بسبب وقوف المجلس العسكرى موقف الصامت وعدم تدخله لحل الأزمات المتفاقمة بالبلاد. وأشار إلى أن مساحة الخلاف بدأت فى ازدياد فى ظل تلاحق الأزمات، رافضًا مصطلح "انتهاء شهر العسل" بينهما، قائلاً: "لم يكن من الأساس هناك شهر عسل بيننا وبين المجلس العسكرى، وإنما كانت العلاقة قائمة لصالح مصلحة الوطن، وعندما اختلفت المصالح وشعرنا بتراجع المجلس العسكرى عن التدخل لإنهاء الأزمات كان لابد من العمل لصالح البلاد حتى وإن كان هذا سيسبب توترًا فى العلاقات". من جانبه، قال الدكتور محمد بديع، المرشد العام للإخوان ردًا على سؤال حول "انقضاء شهر العسل بين الإخوان والعسكرى": "نحن لم نتزوج أصلاً حتى يكون هناك طلاق أو غيره"، مضيفا: "موقفنا أوضحناه علانية للجيش يتلخص فى 3 مواقف.. أن نثنى عليهم إن أحسنوا، ونقومهم إن أخطئوا، وندفعهم إن تباطئوا". إلى ذلك، قال الدكتور أسامة ياسين، الأمين العام المساعد لحزب "الحرية والعدالة": "إن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، ولا يُلدغ مؤمنٌ من جُحرٍ مرتين، وإنْ كانَ بينهما سنون". وأوضح: "لكل تجربة خصوصيتها، فثورة يناير 2011 ليست انقلاب 1952". وأضاف أن الإخوان لا تخشى حل البرلمان، لأنها لم تعمل أبدًا لمنصب ولا جاه. وقال: "علينا كإخوان أن نعترف بأخطائنا التى ساهمت فى تباعد القوى الوطنية الثورية عنا، وعلينا أن ننجح فى لم الشمل الوطنى الثورى ومعالجة ما ألم به من جراح". من جانبه، طالب الدكتور محمد البلتاجى، عضو المكتب التنفيذى لحزب "الحرية والعدالة" وأمينه بالقاهرة، بألا تتحول المعركة السياسية مع المجلس العسكرى إلى أزمة للوطن، ودعا إلى ضرورة النجاح فى كتابة الفصل الأخير من المرحلة الانتقالية. وقال إن الأزمات التى يعيشها الوطن الآن مصطنعة، بسبب إصرار المجلس العسكرى على بقاء حكومة الجنزورى، الذى يتحمل المسئولية كاملة عن تلك الأزمات. ورفض البلتاجى الحديث عن تصعيد من الإخوان أو المجلس العسكرى، وقال: "دعونا نكتب دستورًا لدولة مدنية ديمقراطية غير خاضعة للوصاية العسكرية، ونشكل حكومة كاملة الصلاحيات وليست سكرتارية لأجهزة سيادية، وننتخب رئيسًا وفق معادلة الاستقلال الوطنى والمصالح الوطنية". بدوره، قال الدكتور محمد طاهر نمير، نائب مسئول المكتب الإدارى لجماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية، وعضو مجلس الشورى العام للجماعة فى بيان له إن الشعب المصرى لن يسمح بتمرير سيناريو إغراق البلاد فى الأزمات المفتعلة رغبة فى الضغط عليه أو إلهائه عن استحقاقات الديمقراطية التى تتمثل فى تسليم حقيقى للسلطة عبر مؤسسات منتخبة تعبر عن إرادة حقيقية للشعب المصرى. وأضاف: "إن عهد التهديد ولى وإن الإخوان لا تجدى معهم تلك الأساليب ومن يظن أن الإخوان يخشون التهديدات لم يقرأ التاريخ جيدًا". واعتبر أن الشعب الذى خلع نظامًا فاسدًا لن يسمح بإعادة إنتاجه مرة أخرى، وأن سكوت المجلس العسكرى على ممارسات حكومة الجنزورى التى يتوغل الفساد فى جوانبها، إنما هو للقضاء على بقية مقدرات الشعب المصرى وإلحاق الضرر بالشعب المصرى وتهديد تلك الثورة المباركة. واعتبر سمير الوسيمى، القيادى بحزب "الحرية والعدالة" فى القاهرة، بيان المجلس العسكرى "محاولة لتشويه أكبر فصيل سياسى وطنى، وتهديدًا بالقمع والإرهاب، مما يزيد من حالة الاحتقان الداخلى ولا يفيد الوطن بأى حال". ورفض ما قال إنها محاولات المجلس العسكرى لابتزاز البرلمان الذى انتخبه الشعب عبر التلويح بعدم الشرعية، من خلال الطعن فى قانون انتخاب البرلمان، على الرغم من اعتماده بمعرفة المجلس العسكرى نفسه، واعتبرها محاولة رخيصة لمساومة البرلمان والشعب للصمت فى وجه الضعف الكبير فى إدارة المرحلة الانتقالية. وطالب الوسيمى، المجلس العسكرى بعدم الوقوف فى وجه إجراءات سحب الثقة أو تعطيلها، وإعلاء قيمة المصلحة العليا للوطن بدعم تكليف حكومة ائتلافية تؤدى دورها المنشود أمام الشعب فى مرحلة الإصلاح. ودعا كل القوى الوطنية المخلصة بإعلان رفضها لرسالة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأن تسمو مواقفهم فوق الاعتبارات الحزبية الضيقة، وأن تتحد كل الجهود للخروج بمصر من أزمتها وصولاً إلى بر الأمان المنشود. من جانبه، قال الخبير الاستراتجيى الدكتور نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق: ليس من صالح الإخوان ولا المجلس العسكرى أن تنشب بينهم أزمة حاليًا فى ظل تلك الظروف الحرجة التى تمر بها البلاد، خاصة أن المرحلة الانتقالية باتت وشيكة الانتهاء، محذراً من تحول صيغة الخطابات بالفترة الأخيرة لأن من شأنها زيادة حدة الخلاف ومن ثم إطالة المرحلة الانتقالية التى لم يتبق منها سوى شهرين، وبالتالى مزيد من تأخر تسليم السلطة وإعداد دستور وإجراءات انتخابات رئاسية وتعطل للاسقرار المنشود، مؤكدا أن أى خلافات أو صراعات بين الإخوان والعسكرى غير مجدية، لأن ذلك سيؤجل من تسليم السلطة وسيساعد فى بقاء القوات المسلحة فترة أطول بالحكم.