أنا قبطى وعاشق لحضرة النبى "الفنان اللى يغنى أمام راقصة يبقى أراجوز".. "حسن الأسمر وعدوية حنجرة مش نغم".. غنيت فى العراقوفرنسا.. والدولة مكرمتنيش ولا مرة
ترك مهنة الخياطة لعشقه للفن والطرب، لم يسر على نهج والده جبرائيل غالى، الخياط البسيط فى قرية بنى أحمد الشرقية التابعة لمركز المنيا، بل تفرغ للغناء والطرب وأخذ يسيح فى كل ربوع مصر، من قرية إلى قرية ومن محافظة إلى محافظة حتى ذاع صيته وأشتهر بالغنى، عاشق لدى المسلمين قبل الأقباط. يكره السياسة، كما يكره أن يغنى أمام راقصة قائلاً: "أنا لو وقفت عند أى محطة انسحب من ملعب الغناء، وعصر الكاسيت انهار بسبب الإنترنت ولو رجع الزمان بيا أشتغل بالكاسيت لأن الكاسيت مصيف الغلابة والسميعة".
"المصريون"، التقت الفنان والمداح الشعبى مكرم جبرائيل غالى، والشهير ب"مكرم المنياوى"، الذى ولد عام 1947 بقرية بنى أحمد الشرقية، والذى يعرفه عشاق الطرب الشعبى الأصيل من الإسكندرية حتى أسوان وفى معظم قرى ومدن مصر، وفى كثير من الدول العربية، يعبرون بكلمة واحدة تدل على مدى عشقهم لفنه، ما إن يشعل مواله أحزانهم وهزيمتهم فى الحياة أو العشق، أو نخوتهم وفرحهم وشهامتهم، يصرخ الواحد منهم متأوهاً "يا شقيقى يا مكرم"، ولا يُستثنى من ذلك، الكثير من السيدات والفتيات اللواتى كن يسترقن السمع إلى غنائه من فوق أسطح بيوتهن. أكد ل"المصريون"، أنه أشعل ليالى وقرى الصعيد منذ منتصف الستينيات بالطرب والمواويل والقصص التاريخية، وصار ماركة مسجلة للطرب الجميل الذى يمس الوجدان دون ابتذال. وبالرغم من مجيء عشرات المطربين الشعبيين بعده فى منطقة وسط الصعيد، بمن فيهم نجلاه" ماهر وهانى" وشقيقه عيسى المنياوى وغيرهم، إلا أنهم بدوا كصورة باهتة بالكربون من صوته وأدائه، لكن يظل الأصل هو الأصل بدفئه وشجنه وقدرته على التواصل اللحظى وارتجال اللحن والكلمة فى أى موقف أو مناسبة وهو فى السامر.
وأضاف: "أنا من صغرى أحب الغناء والدندنة وأنا عمرى 17 سنة بدأت أغني، اشتغلت ترزى فى بداية الأمر، وكنت أيامها متيّم بسماع صالحين وعبد الرازق العربى وهو من عرب الطيبة سمالوط، ومحمد طه وغيرهم من نجوم الطرب الشعبى، هذه كانت بداياتى مع بحر الطرب والمواويل. وأوضح، "من حسن حظى أننى اشتغلت مع عبد الرازق العربى وأنا صبى صغير، وحب الاستماع والإنصات والتأمل فى المعنى و الكلام، عمل معى هواية وحب للغناء والمهنة، وكنت أقول قولهم. وتابع: "كنت لما أتعرض لأى ظرف أعالج نفسى وأقوله فى موال، أو لو حد اشتكى لى هجر الحبيب أو ظلم الأهل، كنت أواسيه بمقولة أو بموال عالماشى".
وأوضح، "أن أول موّال كان سببًا لشهرته، قصة أولاد جاد المولى ولملوم، وهى قصة شعبية حصلت فى مغاغة فى عزبة الأقفاص، وأضفت لها من عندى حسب المزاج الفني، وعملت لها موال غير اللى بيتقال، والقصة دى حصلت فى سنة 1936، وأساسها صراع انتخابات بين صالح لملوم وأولاد جاد المولى".
وعن البلاد والقرى التى أحس فيها مكرم بالسميعة الحقيقيين، قال أحلى البلاد طما بمحافظة سوهاج، وفى المنيا السريرية ونزلة عبيد، وجزيرة شيبة ومنهرى وأبو قرقاص البلد و البربا، وقلندول.
وأكد، "أن عصر الكاسيت انتهى، لأن مع التطور مبقاش فيه كاسيت ولا الشركات اللى بتتبنى شغلك ولو رجع بى عصر الكاسيت تانى أقول للكاسيت لأنه كان مصيف الغلبان والفقير تقدر تسجل عليه حفلة كامله بجنيه، أما الآن الفلاشة تسجل عليها كتير بس مش مع الغلبان اللى ممعهوش تمن الفلاشا، أو ميعرفش يقرأ ويكتب علشان يوفر تمن الفلاشا ويسمع".
وأضاف قائلاً: "علشان كده الزمان اتغير وأن آخر عصر الفن الشعبى بالصوت كان حسن الأسمر وعدوية، وهما دول كانوا حنجرة مش فن لأن الفنان اللى يقف أمام رقاصة بترقص يبقى "أراجوز" مش فنان لأن الفن معنى وكلمة وإحساس وروح مش رقص وتنطيط".
أما عن الزمن ومروره وكل شيء تغير حسب قول مكرم المنياوي، "إن الكثير من الشباب يستمعون له، شباب البلاد مش بس الشباب اللى تشوفوهم على التليفزيون، الشباب المصرى الأصيل مالى البلاد والريف".
وأشار، إلى أنه "فيه ناس من طبقات عالية يعشقون الطرب الأصيل، واللى فاجئنى وأسعدنى أن آباءهم علموهم يسمعوا مكرم والأب فى الأساس مدمن مكرم، الشاب يبحث عن شغل مكرم وربنا يخلى جوجل، مع إنى أنا كنت جوجل العشق والحكم زمان". كما ارتجل موال عن جوجل قائلاً: ( قالوا لى الصغار اسمح لنا بكلمة لوعايز تسمع الموال دور على جوجل وأنا اللى فنى كان قول مترتب ورا قول و زمان للعشق والحكمة كنت أنا جوجل واللى ما شافنى يجوجل عنى ويسمعني أبات مرتاح فى تربتى بعد الرحيل وألفين تحية لعمنا جوجل). ورغم شعوره بمرارة الزمن والأيام التى سرقت منه أو سرقته، حسب تعبيره: أنا الحمد لله سعيد ومبسوط بأولادى وأحفادي، وعملت كل اللى فى نفسي، لكن اللى بيحزننى الأيام دي، أنه ما فيش رقابة أى واحد يرص أى كلام وهلوسات فى شريط و يعتبروه فنانًا شعبيًا".
وأكد "أنهم لا يعرفون إن ده مجرد فن، لكن كلمة فنان كبيرة قوي، فنان يعنى ياخد حس اللى حواليه وحس مجتمعه ويرتجل هو الكلمات واللحن فى التو واللحظة، وكتير من اللى بنشوفهم على الفضائيات، لا كلمة حلوة ولا ليها هدف ولا غرض ولا موسيقى تنعش الروح حتى ولو بالبكاء، والجديد كله حافظ من الحرف الفلانى للحرف العلاني، مش قادر يرتجل لحن ولا غنوة". وتابع: "أنا بادخل الفرح وما معايا ولا كلمة مع وجود الناس والجمهور وتفاعلهم بيجى لى موال والتاني، وأؤلف على منظر وجلابية، والفن ده بحور والبحر ده له ريس يعرف يسوقه، ويفوت فى عبايبه، علشان كده الفنان الحقيقى بياخد لقب ريس بعد وقت طويل، وكلمة الريس فى الفن مش سهلة، هو اللى يقدر يرتجل ويخترع مواويل فى التو وحسب اللى قدامه". مؤكدا بقوله:"يا ما طول عمرى رضيت منك اسية لما خاب أملى وأنا با تمنى قربك". وأوضح، أن الفن القديم كله يطربنى خاصة أم كلثوم ومحمد رشدى ومحمد قنديل، وأبو دراع وعبد الرازق وعزيز بتاع الطيبة ومحمد طه، ولا يطربنى من جيل الوسط سوى عدوية وحسن الأسمر، هم دول الفنانين".
وتابع : "أنا باحاول، واقول، عايز فنان يقول موال أو غنوة انا كمواطن استفيد منه بعبرة وعظة أو خبرة حياة، الحال تغير وأهلك تغيروا والمهنة وكله بتقضيها كوظيفة كواجب
وأكد، " برغم كل اللى تعرضت له، وربنا بكرمه أنقذنى عشرات المرات من القتل، مع حبى للفن ما أقدرش أسيبه أو يسيبني، أنا قلت كتير ولسنوات طويلة فى مولد الست العذراء وفى ميت دمسيس ودرنكة وفى مولد سيدى العارف بالله عبد الرحيم القناوي، ولغاية الآن يقولوا إزاى ده قبطى ويقول ده؟ والجاهل اللى يقول كده، وأنا بأقول اللى أنا مقتنع به وعارف إنه هايفرح الناس، و أنا أراضى الطرفين من أهلى فى كل مصر، إحنا أهل واللى ما يراضيش أهله ما يبقاش منهم، وكتير تعرضت لمشاكل بلاسبب، غير إن الناس مش عايزه الناس تحب بعضها".
وعن مدح الرسول الكريم يقول: "الفنان ميزان لا يميز والفنان ياخد حس الكل، ويهدى نفوس الكل، وإلا ما يبقاش للفن فايدة خالص، ويقول لك ازاى مكرم اللى داقق صليب على أيده و بيمدح فى الرسول؟". وأنا قلت فى الرسول عليه السلام: (هات القلم واكتب عن الظالمين بحق رسول الله تبعدنا عن الظالمين) وقلت أيضًا: (يوم شرقوا الركب ع النبى كنت اقرط على النابات والورد كان شوك فتح للرسول ونبات تصرف جنيهك للحبايب تتعوض ألوفات).
كما أكد أنه قال مواويل عن الست العذراء مريم عليها السلام: (يا أم المسيح ده إحنا الكل محاسيبك إن سابك الكل أنا وحدى ما حا اسيبك بحق عمانوئيل تخلينا محاسيبك سبوا الشريفة قالوا لها خدى ابنك من هنا وامشي بيّن عجايبه المسيح فينا قبل مايمشي نادم على ليعازر قال له هلم خارجا قام م التراب يمشي).
وعن تجربته مع المرض، يقول مكرم المنياوي، "حصل لى جلطة فى سنة 2000 وكنت فى حفلة عند جليلة غالي، قريبة بطرس غالى فى القاهرة، ونقلونى على مستشفى المهندسين، ولما أفقت شوية، لقيت الانبا روفائيل واقف قدامي، وصحانى من النوم، قلت لابنى أقفل الباب أنا أحضن الراجل ده وآخد بركته، ونتصور معه، راح فاجئنى بقوله: بركة مين يا ابنى أنا شوية تراب مالهومش أى لزمة، أنا اللى جاى آخد بركة منك!، بصراحة الراجل كلامه صعقني، وخلى عقلى كان ها يختل!".
وأضاف، "أنا فى عقل بالى أقول: راجل راهب زى ده كل وقته مع ربنا يقول عن نفسه شوية تراب وزبالة؟!! وخلانى أستعيد أكثر من 40 سنة محملها ذنوب، ها تقضى قد أيه عشرين سنة مع ربنا؟، ها تبقى مدين بالثلثين لربنا برضه
وأكد أنه يكره الحديث عن السياسة، لأنه منذ سنوات طويلة يتجنب فى السياسة باستثناء حديث أولاد جاد المولى التى غناها فى الستينيات فقط عن صراع الانتخابات. وأضاف: "أنا سافرت دول كتير وغنيت فى الأوبرا المصرية مرتين وبعدها سافرت إلى فرنسا فى حفلات قصور الثقافة، وكرمتنى الدولة هناك ورجعت أغنى تانى لحد ما سافرت العراق وغنيت قدام صدام حسين أكثر من 5 سنوات". وقال، "إن الدولة مكرمتنيش ولا مرة يمكن علشان أنا قبطى ومداح الرسول وعاشق حضرة النبى والحسين وأم هاشم ولا إيه مش عارف".
وأشار، "إلى أنه لكل دولة زمان ومعدش فيه حاجة أحزن عليها لأن الفن حزن أصلا ومش فرح واللى يقول إن الفن فرح يبقى مش فنان، لأن الهموم ووجع الحياة هم وحزن والفنان بيتكلم عن الهموم ده يبقى فرح ولا حزن" . واختتم حديثه قائلاً: "أنا بأكره السياسة لأنى رفضت أغنى قدام أى رئيس لا عبد الناصر ولا السادات ولا حسنى مبارك وربنا يولى من يصلح" .