عقب هزيمة يونيه تم تجميد مسابقات كرة القدم عدة سنوات واقتصر النشاط الكروى فقط على مشاركة الإسماعيلى فى المسابقة الإفريقية كآخر بطل للدورى العام موسم 1966- 1967. لا أتصور أنه من السهل فى الظروف التى أعقبت مجزرة استاد بورسعيد عودة الكرة قبل مرور عدة سنوات تلتئم فيها الجراح وتدفن الأحزان وتختفى حدة التعصب التى انتقلت من التعصب الكروى إلى الرغبة الجامحة فى الثأر لمن قتلوا غدرًا. جماهير الكرة – خصوصًا الألتراس الأهلاوى – لن ينسوا ما حدث أوائل فبراير الماضي.. عشرات الآلاف الذين تظاهروا قبل يومين أمام دار القضاء العالى مطالبين بتسريع العدالة لن يجلسوا مرة أخرى فى المدرجات ليشجعوا لاعبًا مر من منافسه ولا هدفا أحرزه أبو تريكة أو بركات أو غيرهما.. سيظل هدفهم الأكبر إنجاز العدالة ضد المتورطين فإن لم تتحقق فالثأر، وقد سمعنا تهديدات بأنهم سيذهبون إلى أبعد ما يكون ولو بدخول بورسعيد. لن نخسر شيئًا لو صدر قرار بتجميد كرة القدم، وإنما الخسارة الوطنية ستتمثل فى عودتها مرة أخرى ولو حتى من خلال مسابقة بدون جمهور فى ملاعب تابعة للقوات المسلحة، لأننا نفتح الباب للمعارك ولمجازر جديدة وندع كابوس مصرع 73 من ألتراس الأهلى وإصابة المئات جاثمًا على الصدور، غير أولئك الذين ابتلوا بالعاهات المستديمة من جماهير الناديين. لقد اعتزل جيلان كاملان من أمهر اللاعبين وأكثرهم جماهيرية عقب تجميد النشاط الكروى عام 1967، ولن يكون كثيرا أن يعتزل الجيل الحالى من اللاعبين المهرة، فهم على أبواب الاعتزال فعلا، أما الجيل الذى يليهم فما زالوا صغارا ويمكنهم العودة مرة أخرى إلى الملاعب بمجرد عودة الكرة بعد عامين أو ثلاثة أو أكثر.. كما أن فرص التعاقد معهم خارجيا كبيرة جدا فى الدوريات العربية، ولم يكن ذلك متيسرا لجيل هزيمة يونيه لأن الكرة لم تكن عرفت ازدهارها الحالى فى العالم العربى ولا المليارات المخصصة لها. وتتعاظم الحاجة إلى تجميد الكرة فى ظل تنامى موجات الألتراس.. تلك القوى الشبابية المعبأة كرويًا والتى أصبحت قنابل موقوتة تنفجر فى وجه من يقف أمامها أو يتلامس معها.. ولا اعتقد أن أحدا سيكبح جماحها بعد مجزرة بورسعيد.. وهنا لا أقصد ألتراس الأهلى فقط وإنما ألتراس كل الأندية. عندما لا توجد كرة.. ستحل تلقائيا روابط الألتراس فى غيبة السبب الذى تأسست من أجله وهو تشجيع فرقها. غير ذلك هو الجحيم.. قرار بهبوط المصرى سيفجر قنبلة الغضب البورسعيدي.. ترك المصرى مستمرا فى الدورى العام مع إنزال عقوبات أخرى عليه سيشعل ثورة الألتراس الأهلاوى ولن يدعه الأهلى يمر. الحل هو تجميد الكرة حتى تبرد الأحزان ولو طال ذلك لسنوات. ويبقى على جهات العدل أن تنتقم بالقانون للأمهات الثكالى والدماء التى أريقت بدم بارد.. لقد وجهت النيابة تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ل75 متهمًا من بينهم مدير الأمن السابق و8 من القيادات الأمنية بمحافظة بورسعيد و3 مسئولين فى النادى المصرى. وقال اللواء عصام سمك، مدير الأمن السابق، والمتهم الأول إنه سيفضح الجميع فى المحاكمة وسيكشف أسرار التحقيقات التى شابها القصور والفساد على حد قوله، وكيف جعلوه كبش فداء لفشلهم، ومكالمته مع وزير الداخلية قبل المباراة. الشعب يريد معرفة تلك الفضائح.. أما الكرة فإلى الجحيم.. فهى على ما يبدو أحد الأسباب الكبرى لهزائم مصر ونكساتها وسقطاتها وتنويمها. [email protected]