حصلت "المصريون" على نص التقرير الذي أصدره المعهد الجمهوري الدولي الأمريكي ، والتابع للحزب الجمهوري ، حول الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر ، حيث أوفد المعهد 13 من خبرائه لمراقبة وتقييم المرحلة الثانية لها ، وانتهى التقرير إلى فشل الإدارة الحكومية وأجهزتها في الإشراف على الانتخابات ، وطالب بضرورة تكوين لجنة مستقلة للإشراف على العملية الانتخابية بكاملها ، ومنح المراقبين المحليين والدوليين حق دخول اللجان العامة والفرعية ومراقبة عملية التصويت ومتابعة إجراءات الفرز ورصد النتائج . وشدد التقرير على ضرورة أن يشرف القضاة – وليس موظفو الدولة – بشكل مباشر على عملية التصويت ، وأن يكون لهم السلطة التامة داخل وخارج مراكز الاقتراع بدون أي تدخل من أجهزة الأمن ، كما طالب التقرير بأن يتم فحص كشوف الناخبين بمعرفة هيئة مستقلة لضمان إزالة أسماء المتوفين وتصحيح الأخطاء . وأشار التقرير إلى ضرورة توفير مزيد من الضمانات أثناء عملية فرز وتجميع الأصوات ، وأن يسمح لممثلي المرشحين ومراقبي الانتخابات بمراقبة هذه العملية ، وأن يتم فرز الأصوات داخل كل لجنة فرعية وليس على مستوى اللجنة العامة . ولفت التقرير إلى أن الانتخابات أجريت في بيئة سيطر عليها " الانقسام والمنافسة بين المرشحين الرسميين الذين يحظون بدعم الحزب الوطني والمرشحين الذين لم يختارهم الحزب فدخلوا الانتخابات كمستقلين " ، إضافة إلى " الضعف الحتمي لأحزاب المعارضة العلمانية نتيجة تطبيق قوانين الطوارئ التي أضعفت تطورها ، فضلا عن " قدرة الإخوان المسلمين على تنظيم حملتهم بحرية وتأكيد قوتهم على أرض الواقع " . وحذر المعهد من أن " من شأن البرلمان الجديد الذي يتكون من أغلبية من الحزب الوطني ويتصف بالغياب التام تقريبا لأعضاء يمثلون المعارضة ووجود جبهة أقلية قوية من المستقلين المنتمين إلى الإخوان المسلمين ، أن يمثل تحديا جديدا بالنسبة للنظام ، تاركا الإصلاحيين الديمقراطيين يواجهون مستقبلا غامضا غير واضح الملامح " . واعتبر التقرير أن " هزيمة أيمن نور ونائب رئيس حزب الوفد منير فخري عبد النور ، بالإضافة إلى الإصلاحي البارز في الحزب الوطني حسام بدراوي ، تؤكد هزيمة الطليعة الإصلاحية الليبرالية من ناحية وانتصار حركة الإخوان المسلمين من ناحية أخرى . لقد تلقت المعارضة العلمانية ضربة قاصمة ، ولم يتضح بعد إذا كانت ستتعافى من تلك الضربة وكيف " . وحول السماح للمراقبين بأداء مهامهم ، أشار التقرير إلى أنه في المرحلة الأولى من الانتخابات سمح للمراقبين بأداء مهامهم في أغلب الأوقات مع بعض التدخلات المتفرقة ، لكن في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات ، كان الموقف تجاه المراقبين أكثر عدائية إذ منعت أعداد كبير من دخول مراكز الاقتراع وقامت الشرطة ومؤيدو المرشحين المنتمين إلى الحزب الحاكم باحتجاز أو ضرب عدد كبير من المواطنين . وأوضح التقرير أنه تم السماح ل 10% من المراقبين فقط برصد عمليات فرز الأصوات ، مما أضعف من مصداقية النتائج ، وبالرغم من تأكيدات لجنة الانتخابات التي أشارت إلى عكس ذلك ، فقد حرم المراقبون المحليون بشكل منظم من حق مراقبة عملية فرز الأصوات . وأضاف التقرير أنه في كافة المراحل ، لاحظ المراقبون تجاوزات واضحة لقانون الانتخابات ، بما في ذلك التأخير في فتح مراكز الاقتراع وترهيب الناخبين وشراء الأصوات وغياب سرية التصويت وسوء استخدام الحبر الفسفوري أو عدم توافره أصلا . وفيما يتعلق بالإشراف القضائي على الانتخابات ، أكد المعهد أن القضاة لم يتمتعوا بالسلطة الكاملة على عملية الانتخاب منذ البداية إلى النهاية ، مشيرا إلى أنه وعلى الرغم من أن القضاة فرضوا سيطرتهم على مراكز الاقتراع ، فهم لم يتمكنوا من بسطها على المنطقة المحيطة بالمراكز إذ تعرض الناخبون أحيانا للترهيب والتخويف . وأكد التقرير أن " نادي القضاة أستمر في تأكيد دوره كمدافع شرس عن شفافية الانتخابات ، فقبل المرحلة الثالثة من التصويت ، طلب الإصلاحيون في نادي القضاة من زملائهم أن يغلقوا مراكز الاقتراع إذا ما شاهدوا تجاوزات خطيرة على يد أجهزة الأمن ، فقد بلغ التوتر بين أنصار المجلس الأعلى للقضاة الموالي للنظام ونادي القضاة ذي الاتجاهات الإصلاحية ، مستويات غير مسبوقة ، وقد هددت قيادة النادي بمقاطعة الجولة الأخيرة من الانتخابات " . ووجه التقرير انتقادات حادة إلى الأخطاء التي شابت كشوف الناخبين والتدخلات الحكومية في هذه الكشوف ، مشيرا إلى أن " أكثر أشكال التزوير خطورة كان التسجيل الجماعي لزيادة أعداد مؤيدي الأحزاب في قوائم الناخبين ، وفي كل الحالات نسبت تلك الأحداث إلى الحزب الوطني الديمقراطي ، لافتا إلى أن لجنة الانتخابات تجاهلت أحكام القضاء التي قضت ببطلان عملية القيد هذه . وأشار التقرير إلى أن لجنة الانتخابات أعلنت أن نسبة التصويت في المرحلتين الثانية والثالثة تراوحت ما بين 18 إلى 32 % ، بينما أكدت تقارير إحدى منظمات المراقبة أن عدد المشاركين في المرحلة الثانية بجولتيها كان 18 و17 % على التوالي ، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 18 و8 % في الجولتين الأولى والثانية للمرحلة الثالثة على الترتيب . ووصف التقرير عمليات استخدام الرشاوى وشراء الأصوات بأنها أكثر التجاوزات فظاعة خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، مشيرا إلى أن أعضاء المعهد شهدوا في بورسعيد حوادث خاصة بشراء الأصوات بين مؤيدي مرشح الحزب الوطني والناخبين في تلك الدائرة . ولفت التقرير إلى أن حجم شراء الأصوات في كافة مراحل الانتخابات وسماح قوات الأمن والشرطة والمسئولين عن الانتخابات بذلك ، يؤكد إفلاس السياسة في مصر ، فحقيقة الأمر أن نفرا قليلا فقط من المصريين حريص على الإدلاء بصوته وكثير من هؤلاء تدفعهم الاعتبارات المالية .