أشرت هنا بالأمس إلى أن التحالفات السياسية التى ستتم فى الأسبوع المقبل قد تحمل مفاجآت مثيرة، وتحدثت بوضوح عن احتمالية تشكيل تحالف أو جبهة سياسية من أحزاب إسلامية وأخرى ليبرالية فى مواجهة الإخوان لمحاولة انتزاع كرسى رئيس البرلمان، ولم أكن أضرب الودع كما يقال بقدر ما مؤشرات على اتصالات جس نبض جرت بالفعل خلال الأيام الماضية وما زالت فى طور التنامى حاليا. الفرضية الأقرب الآن أن يكون منصب رئيس البرلمان بالتوافق بين الكتل السياسية المختلفة تحت القبة، ولعل اسم المستشار محمود الخضيرى، هو الأقرب للمنصب حاليا، بوصفه يحظى بقبول عام بين الجميع، ولا يحسب على تيار بعينه أو حزب بعينه، ولكن أحدا لا يمكنه القطع بما سوف تتمخض عنه الحوارات والاتصالات الجارية حاليا، وإن كانت مفردات المعادلة فيها ستصب فى النهاية إلى البحث عن مرشح توافقى، لأن أحدا من الكتل الليبرالية لن يقبل بأن تكون رئاسة البرلمان فى يد التيار السلفى، وكذلك التيار السلفى لن يقبل بأن تكون رئاسة البرلمان فى يد التيار الليبرالى، وخاصة أنه لا يمثل ثقلا كبيرا فى البرلمان الجديد، وأتصور أن الخلافات بين حزبى النور والحرية والعدالة ستجعل من الصعب أن تنتقل رئاسة البرلمان إلى الحرية والعدالة، إذن فالتوافق هو المخرج الأقرب للمعقولية. والحقيقة أن الصورة العامة التى تتكشف الآن فى توازنات البرلمان القادم صححت كثيرا من المفاهيم وخففت من مخاوف بعض القوى السياسية، وهذا ما كنت أتوقعه من البداية، من لا يعرفون خريطة التيار الإسلامى جيدا لن يمكنهم فهم الخريطة السياسية المقبلة، التيار الإسلامى ليس كتلة واحدة، ولا اتجاها واحدا، ولا مصالح واحدة، هناك مساحة مشتركة فعلا، لكن هناك مساحات أوسع للاختلاف والتباين، وبالتالى فإن وجود أكثر من تيار وكتلة للاتجاه الإسلامى داخل البرلمان سيكون عاملا مهما فى تحقيق توازن قوى ضامن لسلامة التجربة الديمقراطية الجديدة، وسيمنح القوى الأخرى، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين فرصًا واسعة للمشاركة والحضور والتأثير وتوجيه البوصلة وحسم الاختيارات أيضا، وما قاله الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد أمس الأول من أن الوفد نجح فى تحقيق نسبة برلمانية تتيح له أن يكون رمانة الميزان والكتلة المرجحة هو كلام ليس بعيدا عن الحقيقة، وإن حمل بعض المبالغة، فالتوازنات البرلمانية قد تجعل من الحزب الذى حصل على 10% من المقاعد لا يقل تأثيرا وحسما للأمور عن ذلك الذى حصل على 30%، طالما أنه لا يوجد حزب بمفرده نجح فى تجاوز نسبة 50% من المقاعد، وكل ذلك فى مصلحة الوطن، ومصلحة الشفافية، ومصلحة التطور الديمقراطى الحقيقى فى مصر. [email protected]