..الجمعة عيد, على الدنيا سعيد, والعيد فرحة واستراحة أيضًا من متابعة الأحداث, مع أن كل أحداث عصرنا تبدأ يوم الجمعة ولا تنهى الجمعة التالية, وما ظنكم,هدأ روعكم, وطاب كلامكم لو طاب اليوم كلامنا, وصح لساننا المعوج, ولغتنا العربية لغة شاعرة وساحرة ومعبرة وناضجة وباقية, نظلمها كثيرًا, لكن لا نخاف عليها, نهجرها طويلا, لكن ما أحلى الرجوع إليها, وأدبنا العربى يملأ المكتبات, ويغطيه التراب, وبمجرد نفض ذرات الغبار, تنبض الحروف فى بطون الأمهات, انتبه لها سيدنا حافظ إبراهيم, فأهداها كلمات ليست كالكلمات, وجعلها بحرا, وكان – رحمه الله- غواصًا باحثًا عن الدر واللؤلو والمرجان.. تذكرت حافظ وأنا أتابع أحد كبار الصحفيين وهو يقول –على الهواء مباشرة بمناسبة تذكر حادثة استاد بورسعيد- (المصريين حزنانين) وهو يقصد جمع (حزين) فإذا بالطويل الحزين يذبحنى على حبل طويل من التذكر والتألم لما وصلنا إليه, فلو تلك هى لغة صحفى كبير, فشيمة أهل مصر كلهم فساد اللغة. يقول حافظ – وأنتم أدرى بما قال: وسعت كتاب الله لفظًا وغاية/ وما ضقت عن أى به وعظاتِ//أنا البحر فى أحشائه الدر كامن/فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتى//سقى الله فى بطن الجزيرة أعظما/يعز عليها أن تحين وفاتى//أرى كل يوم فى الجرائد مزلقا/من القبر يدنينى بغير أناةِ// يا سبحان الله, يقول حافظ - على لسان اللغة- إنها ترى كل يوم فى الجرائد مصائب لغوية, فما تراه يقول لو شاهد كبار الصحفيين من مرتكبى التوك شو؟ إنها لغة تساوى شرفًا, ومصر بحمد الله لا تزال بخير طالما فيها من يحب اللغة العربية, وهى مزدانة بعلماء اللغة فى الأزهر الشريف, ودار العلوم وأقسام اللغة بالجامعات المختلفة.. بل إن بمصر علماء لغة وأدباء استبدلوا حبر القلم بماء كالسحر, لو سال على الورق لأصبح حمامات نطيرها, وأشجارًا نستظل بها, كما أن بمصر إذاعة من السماء تسمى إذاعة القرآن الكريم, لو فتحت لها عقلك لصرت أديبًا. لغتنا بين أيدينا اليوم, وغدًا هى ميراث لمن يرثون الدار والعقار, فهى أمانة علينا أداؤها لعصافير يملأون حياتنا فى صورة أطفال صغار, علينا أداؤها، كما وصلتنا وأداها إلينا شيوخ وآباء لا تزال عظامهم عطرة, حتى لو أضحت نخرة. اليوم الجمعة, وفكرت لو قدمت إليكم هدية تلقيتها فى يوم جمعة قبل عقود ثلاثة, فشغلتنى وأدخلتنى دنيا مليئة باليمام والحمام والطيور والكلاب والحمير والفيول والأرانب والقردة, كانت لى غابة غنية زهية تقص لى أوراق شجرها أعاجيب, فى صورة ديوان شعر نسجه أمير الشعراء سيدى ومادح سيدى(أحمد بك شوقى) بعنوان (شعر شوقى فى الحيوان) يا ألله كم به من الخيال واللغة والدنان المعتقة بالخمر المصفى, فتشوا عن الديوان, وستجدون قصة(الفيل وأمة الأرانب) ولعلكم تعرفون منها صفات المرشح لرئاسة الجمهورية الذى يجب أن تختاروه بعد أسابيع, ألا هل بلغت, اللهم فاشهد وارحم حافظ إبراهيم وأحمد شوقى. محمد موافى [email protected]