كلما استمعت إلي كلمات حافظ إبراهيم التي تسبق برنامج الشاعر فاروق شوشة (لغتنا الجميلة) أنا البحر في أحشائه الدُر كامنُُ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي تداعي إلي خاطري المقارنة الدائمة بين شوقي وحافظ، وارتباط كل واحد بالآخر، وقد سئل عن ذلك حافظ فقال بطريقته الساخرة. .. ظل الناس يقولون أكثر من عشرين سنة شوقي وحافظ كما يقولون (بيض وسميط) والذين عاصروا حافظ إبراهيم تحدثوا عن كلماته الشعرية الهائلة، وذكائه، وسرعة بديهته.. وقد قارن البعض ارتباط اسم شوقي باسم حافظ كارتباط اسم جوته باسم شيللر في المانيا، ووجه الاختلاف في هذه المقارنة كما يري عبدالمنعم شميس في كتابه (شاعر النيل حافظ إبراهيم) أن شوقي ظل علي نعمته وثرائه وارستقراطيته، وأن حافظ ظل علي بؤسه وفقره وقلة حظه، حتي بعد الموت، فلم تجمع آلهة الشعر والعبقرية بينهما في تمثال واحد أو مسرح واحد مثل (جوتة وشيللر) وعند وفاة حافظ تكونت لجنة من أصدقائه وعقد اجتماعها الأول في دار (السيد عبدالحميد البنان) صديق حافظ وأحد أثرياء التجار في القاهرة، وقررت جمع آثاره ونشرها، وإقامة حفل لتأبينه، ولم يتم شيء من ذلك، وكتب زكي مبارك في 9 ديسمبر 2391. »أقيمت لشوقي حفلتان في مصر، وإن شئت فقل ثلاث حفلات، ولم تقم لحافظ حفلة واحدة، وسبب ذلك أن أصدقاء حافظ اجتمعوا يوم وفاته وقرروا طبع ديوانه ووضع كتاب عن شعره ونثره، ثم اجتمعوا مرة ثانية فأجلوا الاحتفال بذكراه إلي نضج العنب، فلما نضج العنب اجتمعوا وقرروا الاحتفال بذكراه إلي نضج التين.. وصدق من قال: سعيد الدنيا سعيد الآخرة.. وكذلك كان حظ حافظ بجانب حظ شوقي في دنياه وأخراه«. وفي خريف سنة2391 وبعد وفاة الشاعرين بدا لإحدي شركات السجاير أن تخرج علبة باسم شوقي، وعلبة باسم حافظ ، فجعلت ثمن العلبة الأولي خمسة قروش، وثمن العلبة الثانية أربعة قروش، حقا إن سعيد الدنيا سعيد الآخرة كما يقول المصريون.. ويقول عنه عبدالمنعم شميس أيضا إنه كان يضحك ويتحدث أعذب الأحاديث ويروي أجمل النكت في حين كان فؤاده يتمزق، وحياته يسيطر عليها البؤس والشقاء.