السيسي يعلم بمخطط زيادة الدولار إلى 14 جنيهًا.. و17 مليار دولار حجم الاحتياطي الأجنبي خبراء: قرض النقد الدولى مسكنات ..الدولة تحتاج إلى 100 مليار دولار سنويًا
ترتبط مكانة الدولار الاقتصادية فى العالم بمدى حاجة الدول، وقدرتها على الاستغناء عنه أو استخدامه، فعلى مدار سنوات طويلة استطاعت العملة الخضراء أن تجعل لنفسها مكانة كبيرة فى المجتمع المصري، نظرًا لتحول الدولة من الإنتاج إلى الاستهلاك منذ عصر الملك فاروق، والذى كانت قيمة الدولار فيه تساوى قرشاً, لكن نتيجة للعديد من العوامل والأزمات الاقتصادية، كسر الدولار حاجز ال13 جنيهًا، محدثا زلزالاً من الأزمات فى الشارع المصرى أثر على حياة المواطنين من جميع الجوانب. وترصد "المصريون" القصة الكاملة لأسباب صعود الدولار وتأثيره على المجتمع وماذا لو لم يتم وقف ارتفاعه؟ «حركة صعود الدولار» بدأ الدولار فى الصعود لنحو60 قرشًا فى 1979, وفى عام 1990 وهو عام الخصخصة التى رفعت فيها الدولة يدها عن الشركات وبدأ نزيف الخسائر وتراجع الإنتاج، اتجه المصريون نحو الاستيراد بكميات كبيرة، مما زادت الحاجة إلى الدولار ليرتفع بنحو 1.5 جنيه, ثم يصل إلى 3.70 جنيه خلال عشر سنوات فى عهد الرئيس حسنى مبارك، ثم واصل ارتفاعه ليصل إلى 5.70 جنيه فى عام 2010, وبعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011، صعد ليصل إلى 6.07 جنيه فى 2012، ثم إلى 7.15 جنيه فى السوق الرسمية و7,60 جنيه فى السوق الموازية بنهاية 2014, ثم إلى 7,83 جنيه فى السوق الرسمية فى نهاية 2015 مقابل 8.70 جنيه فى السوق الموازية، حتى صعد بوتيرة كبيرة ومفاجئة منذ بداية 2016 وحتى يوليو من العام ذاته، ليكسر حاجز ال13 جنيهًا ويصل إلى 13.25 جنيه لأول مرة فى التاريخ وبنحو 4.4 جنيه خلال سبعة أشهر. ويتداول سعر الدولار فى السوق السوداء مقابل الجنيه المصرى فى الوقت الحالى ما بين 10.90 و13.10 جنيه، بينما جاء الاستقرار فى البنوك والمصارف عند سعر صرف 8.85 للشراء مقابل 8.88 للبيع، وسجل الدولار نحو10.90 جنيه للشراء و11 جنيهًا للبيع فى تعاملات الخميس الماضي، بعد مداهمة العديد من شركات الصرافة من قبل قوات الشرطة والإعلان عن مفاوضات قرض صندوق النقد الدولي. «أسباب الصعود» يلجأ التجار ورجال الأعمال والدولة للحصول على الدولار سنويا لتمويل واردات مصر التى تمثل نحو70% من الاحتياجات الأساسية بنحو ما يقرب من 100 مليار دولار سنويًا، وذلك لتلبية الطلب المحلي. وأرجع خبراء، الصعود الكبير فى الدولار مقابل العملة المحلية إلى نقص الدولار فى الجهاز المصرفى مع ارتفاع عدد من المعدلات الاقتصادية، أهمها ارتفاع نسبة الاقتراض الداخلى من 1.2 تريليون جنيه تعادل 69.7% من الناتج المحلى فى 2013, إلى 1.8 تريليون جنيه تعادل 76% من الناتج المحلى فى نهاية 2014, وارتفعت لتصل إلى 2.02 تريليون جنيه تعادل 89% من الناتج المحلى فى منتصف 2015, ثم تجاوزت3 تريليونات جنيه فى منتصف العام الجارى لتتخطى قيمة الناتج المحلي. وأضاف عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادى والمصرفي، أن انخفاض العملة المحلية أمام العملة الأجنبية, جاء بسبب عدة عوامل، أهمها وجود عجز فى الموازنة بصفة دائمة ومستقرة، وزيادة الإنفاق العام للدولة عن الإيرادات العامة، مما يؤدى إلى زيادة المعروض النقدي، وبالتالى انخفاض العملة بجانب الاتجاه الحكومى لزيادة الاقتراض من الداخل وطبع الأموال المحلية، مما يؤدى إلى ارتفاع التضخم وفقد العملة المحلية قيمتها الشرائية، بجانب زيادة الاقتراض الخارجي، ومن ثم اللجوء للمؤسسات الدولية والتى تفرض شروطًا مجحفة أهمها تعويم الجنيه أو خفضها بشكل يقلل عجز الفجوة فى ميزان المدفوعات. وأوضح ل«المصريون»، أن مصر تعانى من ندرة فى الدولار منذ عام 1952 بعد انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية، وعلى رأسها محصولى القطن والقمح، مما أدى إلى لجوء مصر لأول مرة إلى صندوق النقد الدولى للاقتراض, وكان من ضمن شروط الاقتراض هو تخفيض قيمة العملة أمام الدولار. وأشار إلى أن حجم العجز فى الميزان التجارى بين الصادرات والواردات وصل إلى نحو 50 مليار دولار تقريبًا، فى حين أن مصر تستورد بقيمة تتجاوز ال70 مليار دولار فى حين لا تتجاوز قيمة الصادرات 25 مليار دولار. وتابع: الحاجة للدولار ارتفعت بسبب ضعف الاحتياطى الأجنبى الذى وصل إلى نحو 17 مليار دولار, مشيرا إلى أن الدولة تحتاج إلى نحو 40 مليار دولار نقدًا أجنبيًا احتياطيًا من أجل فرض سيطرتها على سوق الصرافة, فالدولار يتولد من الأنشطة الاقتصادية بالدولة مثل الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين فى الخارج وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية، إلا أن كل هذه الأنشطة معطلة ولا تحقق الطلب المتزايد على الدولار وقابل للزيادة فى الاستيراد بشكل كبير من الدولة والأفراد. «محاولات إيقافه» حاولت الدولة ممثلة فى البنك المركزى اتخاذ عدد من الإجراءات لوقف نزيف نقص الدولار عبر إصدار شهادات استثمار دولارية وشهادة بلادى الدولارية وتخفيض حجم النقد المحمول فى دخول وخروج الدولار, وإلغاء بعض البنوك لتحويلات الأفراد للدولار لسداد رسوم الإعلانات الإلكترونية، كما تسعى لتحصيل جزء من إيراداتها فى قطاع الاتصالات بالدولار، بالإضافة إلى طرح أراضٍ للعاملين بالخارج بالدولار، لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل. «هل سيواصل الصعود» قال عماد مهنى، الخبير الاقتصادي، إن هناك دراسة مصرية داخل البنك المركزى والرئيس السيسى يعلم بها، تقول بأن الدولار سيستهدف من 12 إلى 14 جنيهًا فى حين أن هناك دراسة أخرى أمريكية تقول إن الدولار فى مصر سيستهدف من 14 إلى 16 جنيهًا فى السعر الرسمي. وأوضح ل«المصريون»، أن عوامل دفع الدولار للصعود متمثلة فى أن لاحتياطى المصرى يبلغ نحو 3 مليارات دولار نقدًا فقط, و4 مليارات دولار ذهبًا، والباقى ودائع بنكية، مما ينذر بأن هناك كارثة خاصة بعد تمويل إنشاء مشروع قناة السويس الجديدة بنحو 64 مليار جنيه، تتحمل قيمتها الدولة على مدار 8 سنوات، مما سبب حالة من دمار السيولة فى التعاملات فى البيع والشراء، فى حين أن مصر لم تكن فى حاجة للتفريعة الآن. ولفت إلى أن هناك خللاً بالموازنة العامة للدولة التى أظهرت نحو 228 مليار جنيه مرتبات للجهاز الإدارى بنسبة 28% ونحو 26% ديونًا ونحو 26% أقساط ديون ونحو 25% دعمًا، و16% فقط استثمارات بخلاف شراء الأسلحة والاستثمار فى مشروعات ذات عائد بعيد، مما يشير إلى أن الدولة ستكون عاجزة عن تدبير احتياجاتها الأساسية بشكل ذاتي. واتفق «حسانين»، على أن تخفيض الجنيه قادم لا محالة خلال الأشهر القادمة، ليستهدف نحو 16 جنيهًا بدون مسكنات وخلال سنوات إذا ما وافق صندوق النقد على القرض، فالسوق السوداء تغرد بشكل منفرد لقراءتها خريطة الدولار وموارده بعناية فائقة، فارتفاع الدين العام وعجز الموازنة وعجز ميزان التجارة والمدفوعات وانخفاض مصادر الدخل الدولارى وانخفاض التصدير وزيادة الواردات وانخفاض أعداد السائحين إلى 51٪ ، وانخفاض تحويلات العاملين بالخارج، وانخفاض الاستثمارات بشقيها المباشر وغير المباشر، وتلويح المركزى بخفض الجنيه، كلها عوامل اجتمعت على الضرورة الملحة لخفض الجنيه عدة مرات قادمة، ولولا ظروف ارتفاع التضخم وارتفاع الأسعار بشكل جنونى وتوجيهات الرئيس الأخيرة للحكومة بضرورة خفض الأسعار لخفض المركزى السعر الرسمى بشكل أكبر. وأردف حسانين: عدم تلبية الاحتياطى النقدى الموجود فى البنك المركزى لنحو 50% من طلبات الاستيراد يدفع الجميع للجوء إلى السوق السوداء لتلبية احتياجاتهم من الدولار الموجود بوفرة، ولكن بأسعار مرتفعة عن السعر الرسمي، مضيفًا أن الوفرة من الدولار فى السوق السوداء والتى وصلت إلى أكثر من 150 مليون دولار جاءت معظمها من الطرق غير الشرعية عبر غسيل الأموال وتجارة المخدرات، فى حين أن الدولة لا يوجد بها ما قيمته 20 مليار دولار، رغم أن مصادر الصرافة الأساسية من خارج البنوك هى من السياحة وتحويلات المصريين من الخارج. «ماذا سيحدث لو استمر فى الارتفاع» توقع خبراء أن يُحدث ارتفاع الدولار المتواصل، كارثة اقتصادية، فى ظل ارتفاع معدلات التضخم لنحو 14%, خاصة أن قرض صندوق النقد الدولى والبالغ 12 مليار دولار على نحو 3 سنوات سيكون عبارة عن مسكنات، فى ظل عدم وجود مصادر دائمة للدولار فى الوقت الحالي. وأوضح «حسانين» ل«المصريون» أن استمرار ارتفاع الدولار سيؤدى إلى زيادة معدلات البطالة، بسبب دعم ارتفاع التضخم ومن ثم ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وتأثر المستثمرين بنقص الدولار، مما سيدعم توقف المصانع عن العمل وتشريد العمالة، مما يؤدى إلى انخفاض فى الطلب العام على السلع والخدمات، وبالتالى سيحدث كساد ستتوقف عنده عمليات البيع والشراء, الأمر الذى يجعل الدولة تلجأ للمساعدات والمنح، مما يدعم زيادة معدلات التضخم مرة أخرى. «تأثيره على معيشة المواطنين» دفعت ارتفاعات الدولار المتواصلة، التجار الكبار إلى رفع أسعار السلع الأساسية، والتى تم شراؤها قبل ارتفاع الأسعار بنحو 20%، مما مهد لزيادات كبيرة وسط نقص تواجده فى السوق الرسمية وعدم استقرار الدولار فى السوق السوداء بعد كسره حاجز ال13 جنيهًا. قال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن الارتفاعات الكبيرة فى أسعار الدولار ليس لها سبب مبرر، خاصة أنه لم يحدث تغيير فى المدخلات أو عوامل الإنتاج, ومن ثم حدث ارتفاع جماعى فى جميع أسعار السلع والخدمات الأساسية، فى ظل ثبات مستوى الدخل للمواطن البسيط، مما ينذر بأزمة اقتصادية كبيرة فى ظل ارتفاع معدل التضخم. وأضاف ل«المصريون»، أن استمرار سياسات المسئولين فى الدولة والتى تعتمد على التساهل مع المتعاملين فى السوق السوداء وعدم تجريم التعامل على الدولار خارج البنوك، مما سينتج عنه دمار فى الاقتصاد القومي، ومن ثم يجب وقف المتلاعبين والشركات المخالفة على أن يتحكم المركزى وبنوكه فى العملة الأجنبية. وأشار إلى أن مصر تستورد بنحو100 مليون دولار، ومن ثم فالدعوة لتقليل الاستيراد فى الوقت الحالى فى ظل عدم وجود بدائل حقيقية، يؤكد عدم وجود رؤية حقيقية للمسئولين وكل من ينادى بوقف الاستيراد, لأن التوقف عن الاستيراد يعنى أن المصانع سوف تتوقف عن الإنتاج لكون مستلزماتها الخارجية خاصة المادة الخام تأتى من الخارج. وأضاف رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن جميع القطاعات التجارية والصناعية والطبية والزراعية والصحية مبنية على الاستيراد من الخارج، ومن ثم عدم وجود الدولار سيخلق أزمة كبيرة لدى المواطن، مما قد يؤدى إلى تحكم عدد محدود من المحتكرين فى بعض السلع بمعاونة الحكومة، وبالتالى مضاعفة معاناة المواطن، لأنهم من سيتحكمون فى الأسعار ويحركونها وفق مصالحهم وأطماعهم. ولفت إلى أن الدولة تدعم الأغنياء، ومن ثم إذا حولت الحكومة الدعم العينى إلى دعم نقدى ستوفر نحو 15 مليار دولار، كانت تذهب إلى الأغنياء. وذكر حسانين، أن نحو 56 دولة حدثت بها هزات مالية كبيرة بسبب أزمات كبيرة ارتفع فيها التضخم وارتفعت الأسعار وتعطل فيها استخدام العملة المحلية، نتيجة لتعطل النشطة الرئيسية، مما يدعم اللجوء للاقتراض الخارجى ومن ثم تنهار أسعار العملة المحلية بنحو كبير. وأشار إلى أن تعويم الجنيه وتحريره مقابل الدولار يمكن أن يتم بصورة طبيعية دون تأثيرات سلبية فى حالة انتعاش الصناعة والإنتاج فى مصر، ومن ثم فتركه للعرض والطلب لن يكون له آثار تضر بالاقتصاد المصري، لكن طالما أن مصر دولة مستوردة ولديها عجز فى ميزان التجارة والمدفوعات، بالتالى هناك احتياج للعملة، خاصة أن مصر ليست دولة منتجة للدولار أو حتى تستطيع أنشطتها توفيره بشكل يلبى الطلب. «تأثير قرض صندوق النقد الدولي» ولفت حسانين إلى أن الدولة تسير على برنامج صندوق النقد من أجل الموافقة على القرض، الذى يبلغ نحو 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، بواقع 4 مليارات فى العام الواحد، وذلك بعد أن أقرت قانون الخدمة المدنية وضريبة القيمة المضافة ورفع الدعم التدريجي، ومن ثم فالقيمة الواردة ستساعد فى تخفيض سعر الدولار مقابل الجنيه فى السوق السوداء، إلا أنها ستكون مسكنات وليست حلولاً جذرية، ومن ثم فالدولة تعالج العرض وتترك المرض. «الحلول العاجلة» وكشف «حسانين» عددًا من الحلول العاجلة لضبط سعر الصرافة فى السوق السوداء بأى شكل ووسيلة، أولاً: عبر ربطها بأسلوب إلكترونى بالبنك المركزى للإفصاح عن حجم التعاملات اليومية بالدولار، وثانيًا: منع عمليات الاستيراد إلا عن طريق التحويلات البنكية لضمان خروج الدولار، ثالثًا: أن تقوم الدولة بوضع سعرين للدولار أحدهما رسمى وآخر للسوق السوداء، على أن تقوم باستيراد الحاجات الأساسية كالقمح والسلع الغذائية بالسعر الرسمي، وتترك السعر غير الرسمى لتعاملات السياحة وتحويلات العاملين ورجال الأعمال.