رصد المحلل السياسى الامريكى جورج فريدمان أهم التداعيات المحلية والجيوسياسية للانقلاب الفاشل على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى تركيا . وأستعرض فريدمان فى تحليله المنشور على موقع جيوبوليتيكال فيوتشرز أحداث الإنقلاب الذى بدأ في ساعات متأخرة من مساء الجمعة بتوقيت تركيا، حيث بدأت الدبابات كانت تنتشر في اسطنبول فيما تم إغلاق جسرين على مضيق البوسفور من قبل قوات الجيش التركي. وأشار فريدمان إلى إنه تم الوصول في وقت لاحق إلى تقارير تفيد بأن المدرعات كانت قد انتشرت في أنقرة، وأن هناك قتالا يدور بين قوات خاصة تابعة للجيش التركي والشرطة الوطنية حول البرلمان فيما شوهدت طائرات ال«إف - 16» بأعداد كبيرة في السماء. كان الانقلاب يجري تنفيذه في ذلك التوقيت. واعتبر فريدمان بأن الجيش هو الضامن الدستوري لعلمانية الدولة منذ أن تم فرض العلمانية من قبل «مصطفى كمال أتاتورك» في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى درجة أنه تم منع النساء من ارتداء الحجاب على مدار عقود لذا فإنه مع صعود «أردوغان» وحزب العدالة والتنمية إلى السلطة مع انتخابات عام 2003 فقد كان الصدام مع الجيش أمرا لا مفر منه حيث تمكن «أردوغان» من إدارة هذا التحدي بمهارة مدهشة. وأوضح فريدمان بأن أردوغان قام في البداية بتحجيم القوة السياسية للجيش ثم محاولة كسرها على الرغم من التذمر، وبعض الاعتقالات بشأن محاولات انقلاب لم يقدر لها النجاح، نجح «أردوغان» في إخضاع مرؤوسيه العسكريين لإرادته. وألمح المحلل الامريكى السياسى إلى إن المخرج الوحيد الذي يمكن أن نجده للأمر هو أن تكون الأجهزة الاستخباراتية مشاركة أيضا. وأكد فريدمان على إن هناك معاني أعمق وتداعيات جيوسياسية أكثر خطورة لمحاولة الانقلاب الفاشل حيث لإن هناك قوتين تحاصر أردوغان تتشكل فى توترات عميقة بين السكان العلمانيين في تركيا، الأكثر انسجاما مع الفلسفة الأتاتوركية والمتمركزين في إسطنبول، وبين مؤيدي «أردوغان» الأكثر تدينا في الأناضول وغيرها. ويشار إلى إن الأناضول هي منطقة واسعة إلى حد ما، أقل كثافة سكانية، تمتد في المنطقة الشرقية من مضيق البوسفور. سكانها أكثر محافظة وتضم تجمعا كبيرا من الأكراد وبعض الأقليات الأخرى. وتطرق فريدمان إلى إنه تم تهميش هذه الأقليات المتدينة في الأناضول منذ الحرب العالمية الأولى. وعلى الناحية الأخرى تكمن القوى الثانية المحاصرة لأردوغان الفصائل الجهادية، والذي يبدو أنه يحاول إدارتها من أجل محاولة تفادي ضرباتها للبلاد وقد وضعته هذه الخطة على خلاف مع الولاياتالمتحدةوروسيا في آن واحد. فضلا عن تعرضه أيضا للضغط من قبل الفصيل العلماني المحلي بسبب هذه الاستراتيجية. وأختتم فريدمان تحليله السياسى قائلا أصبحت تركيا بلدا بالغ الأهمية في المنطقة و المفتاح للتغلب على الدولة الإسلامية في سوريا وحتى في العراق بالإضافة إلى إنها تمثل حجر الزاوية في سياسة الهجرة الأوربية لافتا إلىإن تركيا تواجه روسيا في البحر الأسود فى الوقت التى تحتاج الولاياتالمتحدة كما كان الحال منذ الحرب العالمية الثانية كما أن روسيا لا تستطيع أن تتحمل مواجهة معها على حد وصف المحلل السياسى الأمريكى. وانتهى فريدمان إلى إن الانقلاب انتهى بالفعل ولكن تداعياته ليست كذلك مشيرا إلى إنه سوف يطلق «أردوغان» حملة للتطهير داخل الجيش ليكون عليه القيام بتحركات مضادة حاسمة .